هل الحركات النّسوية مجرد خدعة؟



شذى كامل خليل
2022 / 8 / 13

هل الحركاتُ النّسوية، مجرد خدعة؟

بدأت أولى الحركات النّسوية منذ القرن التاسع عشر، وهي في العموم ماتزال حركات ناشطة إلى الآن، رغم تحديثها مراراً بما يتناسب مع التحديث الذي يطال المرأة من ناحية والمتغيرات الديموغرافية المتنوعة وحتى المتغيرات الأيدولوجية المعنية بتحقيق فصام حقيقي داخل المجتمع الواحد.
إبان الثورة الصناعية في أوروبا ( 1750م ـ 1914م ) تزايدَ الطلب على اليد العاملة الفتية، ولئن كانت تلك الحاجة في صعودٍ متسارعٍ فإنه صار من الضّروري البحث عن حلولٍ سريعة تناسب الوضع الرّاهن، فالسباق لم يقتصر على بلد محدد أو ضمن منطقة ما وإنما تحولّ من نطاق ضيق ومحلي إلى آخر دوليّ ومتسع ولذا فإن أي حركة نسوية نشأت من هنا كان الهدف الرئيسي منها توفير اليد العاملة الأنثوية بذريعة أن العمل حق من حقوق المرأة.
تعتبر معظم الرأسماليات حول العالم، رأسمالية مختلطة أي بتمازج أو بزواج ديني حقيقي بين السوق الحرّة والدولة، ما يطرح تساؤلاً حقيقياً حول مدى تورط الدولة بإنشاء حركات مناهضة لما يعتبر تمويلاً صارخاً لها؟
وهل يمكننا منذ اللحظة أن نعدّ أي حركة نسوية فعالة، إنما حركة مبطنة والهدف منها لملمة النساء من الشارع النضالي وصهرهن مع الذكور في بوتقة العمل المشترك كحق من حقوقهن المهدورة على مدار سنوات عديدة؟
في خمسينيات القرن الماضي في إيطاليا تحديداً، ولدت فكرة ( النواة البروليتارية المسلحة) وكان الهدف الحقيقي من ورائها ـ من وجهة نظري ـ تقويض عمل النقابات العمالية آنذاك وتحديد آلية معينة تسمح بنفاذ فكرة السلاح إلى الواجهة الأمامية من جملة المطالبات المحقة التي حاول العمال المنهكون تقديمها لمالكي المصانع والبرجوازيين حديثي النعمة أو الرأسمالين الذين قووا نفوذهم فيما بعد بالاستثمار ضمن كل شيء ( الأغذية ـ المحروقات ، الأراضي ـ البناء )
لقد فُرض على الرأسمالية المتصاعدة أو النامية دون توقف أن تقوّي اليد العاملة بإضافة العنصر النّسائي إليها، وإن كانت المرأة بحكم طبيعتها العاطفية المرتبطة حكماً بمبدأ الأمومة وتبعياتها، فإنها الأكثر ثباتاً في الموقع الوظيفي الموكل إليها، وبالتالي ترفض بشكل قطعي التخلص من العمل لأي سبب كان خوفاً من حرمانها، المبلغ المالي القليل الذي تجنيه.
المرأة أكثر ثباتاً وأكثر طلباً في السوق الرأسمالية، عدا عن أنها كائن منتج فهي كائن مسلي ويمكن لرب العمل أو الذكوريين ممن حولها، أن يفرغوا شحناتهم القذرة بملامسة جسدها بين وقت وآخر، وأياً كان العمل الذي تؤديه، وأياً كان البلد الذي تسكنهُ فإن أي محاولة لها في التصريح باسم المتحرش الجنسي إنما يعدّ عملاً مستنزفاً حقيقياً لها.
إذاً خطت الرأسمالية بطرق ثابتة نحو الأعلى وبثت الروح في جميع الحركات النسوية ليس لصالح المرأة وإنما لصالحها.
فما الذي قدمتهُ الحركة النسوية لتلك النساء؟
حق التصويت؟ ثمة بلدان مثل بوتان وبروناي لم تحصل فيهما المرأة على هذا الحق؟
حق المساكنة؟ أم حق الزواج المدني؟ أم حق السفر دون توقيع الزوج؟ أم حق الحضانة؟
في البلاد العربية، ليست الحركات النسوية فيها إلا مجرد تقليد باهت عن الحركات العالمية، تصرخ النساء في الشارع، يحملن اللافتات، يدخلن السجون، تتشوه سمعتهن.. ماذا بعد؟
أين النتائج الملموسة على أرض الواقع؟
ولماذا نبقى على فكرة أن ما نزرعه اليوم ستحصده بناتنا في المستقبل؟
ليس أن تحكم العاطفة بالمرأة ما يمنعها من التقدم، وليس أن الحركة النسوية لم تكن حبراً على ورق، وليس أن النساء حصلن على حق العمل في حين كن في السابق مجرد مستعبدات.
الأمر ببساطة أنها في الماضي كانت عبدة رافضة لما هي عليه، وأصبحت عبدة راضية بكل ما يطلب منها.
فمن الإنجاب إلى تربية الأولاد إلى الاهتمام بسخافة الأعمال المنزلية مروراً بالعمل جنباً إلى جنب مع زوجها وانتهاء بتحولها إلى مومس في نهاية الليل، تؤدي عملاً غريزياً بدافع ارضاء شهوة الذّكر.
فأين يكمن الخطأ؟
وهل يجدر بناء، صياغة حركة نسوية جديدة بأهداف جديدة، تقوّض نفوذ الرجل وتقوي مسار المرأة بإعطائها أدوار قيادية أكثر مثل رئاسة دولة أو وزارات عديدة مثل وزارة الخارجية كي نتأكد لا أكثر من النظم الرأسمالية لم تطفو على السطح من خلال طوق النجاة المتمثل بإطلاق حركات نسوية كاذبة؟