صوت امراة



فاطمة الزهراء المرابط
2006 / 9 / 28

نتسأل أحيانا: هل وصلنا إلى مرحلة النضج...؟ هل اكتملت الشخصية...؟ و توضحت الرؤية، و بات الطريق أقرب إلى اليد مما مضى؟ المرأة عبر العالم مزقت المآزر و تخطت عتبات الحجر والأصابع المهددة والمحذرة، لتقول كلمتها، و توقع صك الحرية، و تعتمد على نفسها.. قاذفة بكل الموروثات الثقافية إلى الوراء..
لكن هل نستطيع أن نجزم بوجودنا كقوة ضاغطة في المجتمع.. في الدولة.. وربما حتى في البيت..؟ و هل نستطيع أن نقول أننا مرتاحات مما حصل من حقوق، أو متغيرات في المدونة و في الحياة اليومية.. فنحن مازلنا تحت الوصاية في جوانب كثيرة من الحياة محكومات باعراف وقوانين يجب تفكيكها حتى تستطيع المرأة أن تتحرر من بطش المجتمع والتقاليد البالية الموروثة عبر الأجيال.
ففي العراق تتعرض النساء لأبشع أنواع العنف و التقتيل تحت الاحتلال الأمريكي البريطاني، و تواجه النساء الفلسطينيات همجية الاحتلال الصهيوني بشكل متواصل، و مازالت النساء الأفغانيات تحت الرعب و التهميش، في حين تعاني النساء اللبنانيات من رهبة هجوم صهيوني آخر. و في كل بقاع العالم مازالت المرأة تعيش مختلف مظاهر الحيف و الاضطهاد في مختلف المجتمعات العربية و الغربية، بسبب تأثيرات العولمة على نساء العالم.
و بالرغم من المكاسب المتعددة التي حققتها المراة نتيجة نضالات مستمرة و طويلة النفس من اجل المساواة في الحقوق، في الفرص، و ضمان الحقوق الإنسانية للمرأة، إلا أنها مازالت تحت وطأة الاضطهادات التي تمارسها الرأسمالية من ضمنها التسريحات الجماعية لليد العاملة بشكل عام و النسائية بشكل خاص، و تخلي الدولة عن الخدمات الاجتماعية والمجانية مما يزيد من ساعات عمل النساء، و التهميش في الأجور و بالتالي تعمق الفقرو العنف و التحرش الجنسي بمختلف أشكاله، هذا دون أن ننسى استمرار الأمية و انعدام التغطية الصحية العمومية، و تطور أشكال استغلال النساء بواسطة شبكة المتاجرة في أجساد النساء و انتشار أوكار الدعارة التي تظهر بشكل واسع في الأوساط الفقيرة و المهمشة.
و في المغرب تعيش النساء كجزء من نساء العالم هذه الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية، و التي تمتد بتجاهل الدولة لحقوق المراة على عدة مستويات، بحيث لم يصادق المغرب بعد على عدد من الاتفاقيات الخاصة بحقوق المراة و خاصة اتفاقية القضاء على أشكال التمييز ضد المراة، كما أن العديد من القوانين لا تجد طريقها للتطبيق، كما أن المستجدات التي جاءت بها مدونة الأسرة في سنة 2004 لم ينبع عنها أي اثر ايجابي ملموس على أوضاع المراة المغربية. و ذلك نظرا لعدة أسباب أهمها عدم التوعية بهده المدونة التي ظلت مجرد حبر على ورق تتخبط بين مؤيد و معارض، بحيث تحول العقلية السائدة المحقرة للمراة و المكرسة للأدوار النمطية لكلا الجنسين في المجتمع و صيانة كرامتها، رغم أن المادة 5 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة، تفرض على الدولة اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للتأثير في تلك العقلية المتخلفة و تكريس الحرية و المساواة وسط المجتمع، و القضاء على التقاليد و الأعراف التي تكرس التمييز بين الرجل و المراة في مختلف الميادين و في مختلف المستويات الحقوقية و الاقتصادية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية.
كما أن هناك ملف آخر يتعلق بصورة المرأة التابعة سواء في صورة الإعلام أو الثقافة المجتمعية. مما يدعوا لمناشدة مختلف أجهزة الإعلام السمعي البصري و المكتوب إلى تقوية صورة المرأة لدى المتلقي، بترسيخ مبدأ المساواة بينها و بين الرجل في مختلف مناحي الحياة. خاصة و أن الصورة المتداولة هي تلك المبنية على حصر المرأة في الأدوار النمطية لأفراد الأسرة، و جعل أسمى مهامها تتمثل في خدمة الرجل الذي يظهر بالمقابل نجاحه و تفوقه في المجال العام.
و ما معنى حرمانات كثيرة تزيد من عبتية واقع النصف الثاني للرجل في السلوك - في القرار – في الدار، في الشارع، في الحقوق. النساء لسن جميعا مغرمات بغواية و تمزيق قمصان الرجال و العبت بالأخلاق والقيم، مما يجعلنا هذه الأيام لانقول أن كل شيء بخير... فالأزمات شديدة اقتصادبة و اخلاقية، سياسية و اجتماعية و حتى ثقافية.
و البطالة قد افقدت الجنسين كثير من قضاياهما و أجبرتهما على الخضوع و السقوط في دائرة اليأس في مجتمع محكوم بعقليات الماضي وبتصرفات ليست تقليدية فحسب و إنما بدائية. فكيف تعبر المرأة عن حقوقها و مطالبها في واقع يتأزم يوم بعد يوم... ؟