مقصيات من التاريخ: العاملات في إيران الحديثة



فالنتين مقدم
2022 / 9 / 7

إلى الرفيقة ليلا حسين زاده

الكاتبة: فالنتين مقدم

الفصل السابع من كتاب

IRAN IN THE MIDDLE EAST: Transnational Encounters and Social History

Edited by H.E. CHEHABI, PEYMAN JAFARI AND MARAL JEFROUDI, I.B.Tauris & Co. Ltd, 2015

قبل حوالي 40 سنة، تساءلت المؤرخة النسوية البريطانية شايلا روبوتام لماذا “أقصيت النساء من التاريخ” وساعدت على تأسيس مجال تاريخ النساء. بعد عدة سنوات، تساءل غاياتري سبيفاك “هل يستطيع التابع التكلم؟” وأضاف بعداً جديداً إلى مجال دراسات التبعية. طوال الوقت، بحث الماركسيون عن العلاقة بين التقسيم الجنسي للعمالة ونمط الانتاج، وعلى الرغم من تعليق إنغلز المقنع حول العائلة والملكية الخاصة والدولة – و”الهزيمة التاريخية للجنس الأنثوي”- قد خفت ذلك لاحقاً لصالح دراسات تركز على رأس المال و(العمال الذكور) من الطبقة العاملة. هذه الأسئلة أستعملها لتحديد الإطار العام لهذا الفصل، الذي يتفحص تاريخ وتأريخ نساء الطبقة العاملة في إيران. (2)

تنامى مجال الدراسات التاريخية في إيران بشكل كبير، ولكن يُصدم الإنسان عندما يلاحظ قلة الدراسات المهتمة بنساء الطبقة العاملة، وشح البيانات حول العاملات، وغياب أصوات العاملات عن الدراسات الاجتماعية الصادرة باللغة الانكليزية، وعن الدراسات الاقتصادية والتاريخ السياسي (مثلاً أعمال لامبتون، وعيساوي، وباريه، وكيدي، وأبراهاميان، ولادجيفاردي وبايات). النساء التابعات- كتمييز عن نساء النخبة- قلما يتحدثن، وهن بالفعل مقصيات من التاريخ. وعلى الرغم من ذلك، نحن نعلم من الدراسات عن النساء وأعمال أجزاء أخرى من الشرق الأوسط ومن المراجع الأدبية، أن نساء الطبقات الشعبية لطالما كن منخرطات في مجال الانتاج وإعادة الانتاج، في قطاعات أساسية مثل انتاج السجاد وانتاج المأكولات، والخدمات الشخصية وكل أنواع العمالة المنزلية.





أجري أول إحصاء للسكان والمنازل في إيران عام 1956، والبيانات والمعلومات عن الفترات السابقة غير كافية ومشتتة ويصعب الحصول عليها. من الممكن أن يلقي الأرشيف في إيران الضوء على تاريخ العاملات، لكنني لست على علم بأي بحث أرشيفي من هذا النوع، هذا على العكس من التطورات في التاريخ الاجتماعي في الشرق الأوسط، خاصة بما خص السلطنة العثمانية. تشير الأبحاث حول النساء خلال العهد الصفوي أن نخبة الإيرانيات انخرطن في الأنشطة السياسية، في حين وصفت فاريبا زرينباف-شهر مساهمات نساء النخبة في الوقف في مدينة شرين بأردابيل. (3) لكننا ما زلنا غارقات بالظلام بما خص النساء من غير النخبة والتابعات.

مراجعة نظرية وتاريخية: التطور الرأسمالي وعمالة النساء

في مقدمة طبعة عام 1884 من نصه الكلاسيكي، أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة، حاجج إنغلز أن التقسيم الأول للعمل كان تقسيماً جنسياً. مع انتشار الملكية الخاصة والدولة، أفسحت العشائر الأمومية وترتيباتها المجال للعائلة الأبوية. طوال آلاف السنوات، أظهر التقسيم الجنسي للعمالة اتساقاً ملحوظاً، على الرغم من بعض التغيرات. لاحظت النسويات الماركسيات بروز الانتاج المادي وإعادة الانتاج البيولوجية، ونظّرن للربط بين الموقع الاجتماعي والأدوار الاقتصادية للنساء، وحللن العلاقة بين الثقافة والجنس (من بينها إعادة الانتاج الثقافية والسيطرة الاجتماعية على النساء وعلى جنسانيتهن)، وتفحصن الدور النقدي للعمالة النسائية في إعادة الانتاج الاجتماعية. على نفس القدر من الأهمية هي الطرق التي تناسبت فيها أدوار النساء الاقتصادية مع أنماط الانتاج ضمن تشكيلات اجتماعية معقدة خلال الفترات التاريخية، والعلاقة الديالكتيكية (التفاعلية) بين العلاقات الجندرية والبنية الطبقية، والترتيبات الطبقية/الجندرية وأنماط الانتاج، وتأثيرات الدولة وسياساتها على موقع النساء. تظهر الرؤى المأخوذة من نظرية الأنظمة العالمية كذلك تأثير النظام العالمي على العلاقات والمؤسسات والعمليات داخل المجتمعات الأساسية والمحيطة بها، والطرق التي يساهم فيها عمل النساء المأجور وغير المأجور في تراكم رأس المال. (4) كذلك في إيران، تشكلت أدوار النساء الاقتصادية ومواقعها الاجتماعية- أو تبعيتها وذاتيتها، من قبل النظام العالمي، ونمط الانتاج والدولة والموقع الطبقي. تميز التكوين الاجتماعي الإيراني، كالعديد من الدول النامية المتخلفة، بمزيج من أنماط الانتاج، المتعايشة، والمتضاربة أحياناً، مع بعضها البعض. ما بقي ثابتاً عبر علاقات الانتاج ما قبل الرأسمالية والرأسمالية هو الطبيعة الأبوية للعلاقات الجندرية والتقسيم الجنسي للعمالة.

كما لاحظت الأنثروبولوجيات والمؤرخات وعالمات الاجتماع النسويات، جرى تنظيم الاقتصاد ماقبل الصناعي على أساس المنزل/العائلة، حيث كان من المتوقع أن يساهم كل فرد من ذلك المكان بالموارد المشتركة. (5) يساهم الانتاج المنزلي في تأمين معيشة العائلة كما يقدم الفائض إلى المالك أو الملك. لم تكن العائلات (أو الأسر المعيشية) هي الوحدات الاجتماعية للمجتمعات ماقبل الصناعية فحسب، إنما كانت بطريركية. بالنسبة لويبر، البطريركية “هي نظام للسلطة شائعاً في المجتمعات التقليدية، حيث تمارس السلطة، داخل مجموعة تنظم عادة على أساس الاقتصاد والقرابة، وباعتبارها أسرة، تمارس السلطة بواسطة فرد معين يحدد بحكم الإرث”. كما يشير برادلي، يرى ويبر أن البطريركية هي على صلة قريبة من النظام الإقطاعي حيث تربط بين الإقطاعي وأتباعه الذكور علاقة قوة. (6) تفحصت النسويات الأكاديميات، اللواتي يعتبرن البطريركية هيمنة ذكورية ضمن المنزل وفي الثقافة/المجتمع الواسع، نتائج السيرورات التاريخية والبنى الاجتماعية على العمالة النسائية، والوضع القانوني للنساء، ووكالة النساء عن أنفسهن.





عملت النساء عبر التاريخ في كل أنواع الأنظمة الانتاجية. رغم ذلك، وفي أوقات محددة من التاريخ، ظهرت أيديولوجية العائلة، التي تربط النساء بأدوار عائلية وتعرف العمل المنتج على أنه عمل يقوم به الذكور حصراً. لقد أشرت إلى أن هذا الترتيب هو “عقد بطريركي جندري”. (7) تظهر التحليلات التاريخية أن هذه التقسيم للعمالة لا يقتصر على الدين الإسلامي، إنما هو في الواقع سمة عابرة للثقافات للعلاقات الجندرية؛ لاحظ المؤرخون البريطانيون، على سبيل المثال، بروز أيديولوجيا العائلية مع تطور الرأسمالية في انكلترا. ورغم ذلك، فقد حوّل انتشار عمالة النساء نمط الانتاج وأيديولوجية الدولة. فيما يلي نحدد تلك الأنماط في فترات محددة من التطور الرأسمالي: نهاية الفترة القاجارية، وفترة التحديث المبكر في عهد رضا شاه، والتصنيع السريع خلال حكم محمد رضا شاه بهلوي، والجمهورية الإسلامية.

التطور الرأسمالي وعمالة النساء في إيران القاجارية

في أواخر حقبة القاجار، شهدت إيران انتقالاً بطيئاً من مجتمع واقتصاد ما قبل صناعي، وتقليدي، وإقطاعي إلى اقتصاد يقوم على العلاقات الرأسمالية والمصانع الحديثة. يوثق عيساوي التاريخ الاقتصادي في إيران وأنواع المصانع التي بنيت خلال هذه الحقبة، ومن ضمنها تلك التي فشلت. لعبت النساء دوراً اقتصادياً هاماً في نهاية الفترة القاجارية، الأمر الذي أفاد العائلات/المنازل، أصحاب المؤسسات، والدولة. في المناطق الريفية كان عملهن غير مأجور على نطاق واسع، على الرغم من إنتاجهن للأرزّ والزبدة والفواكه المجففة والشاي ولعبن دوراً هاماً في انتاج القمح، والتبغ، والقطن، والجلد، والحرير الخام والمصنع، والمخدرات، والصوف والقطن. (8)

أنشئ أول مصنع للنسيج على الطريقة الأوروبية في الـ 1850ات، ولكن جرى أغلب الانتاج النسيجي في الأعمال المنزلية والصغيرة الحجم. وكان انتاج الصوف والقطن في المنازل والمصانع الجديدة يحصل بأغلبه على يد النساء من الطبقة العاملة. لعبت النساء دوراً مركزياً في انتاج القطن والحرير للاستهلاك المنزلي ولبيعه في الأسواق بـ: جيلان ومازنداران، كاشان، ويزد، أصفهان. (9) وفي الفترة السابقة لاكتشاف الغاز في 1911-14، كانت أغلب الصادرات من المنتجات الزراعية والحرفية، وكانت منتجات النساء تباع في الأسواق المحلية والعالمية. تكونت الصادرات الإيرانية من “أكثر من نصف المنتجات الزراعية الخام (الفواكه المجففة والقطن، والأرزّ)، والربع من المنتجات الحيوانية الخام (الحرير، والجلود والقطن والصوف) والربع أو أقل من المصنوعات (السجاد والمنسوجات الأخرى من الحرير والقطن والصوف والجلود). رغم ذلك، تقاضت النساء والأطفال اللواتي عملن في غالبيتهن في هذه القطاعات أجوراً أقل من القدرة على تأمين المعيشة ولم يتحكمن بالمواد الخام ولا بالمنتجات النهائية. (11)

مع نهاية القرن الـ 19، أصبح انتاج السجاد حرفة مهمة للأسواق المحلية والعالمية، مشغّلاً جزءاً كبيراً من اليد العاملة المُدنية. بقي الشكل الأكثر سيطرة لتنظيم الصناعة هو الانتاج المنزلي الصغير، حيث شكلت النساء الجزء الأساسي من اليد العاملة فيه. يستشهد عيساوي بملاحظات روس في ذلك الوقت كتبوا عن أن حياكة السجاد في نهاية القرن الـ 19 بأذربيجان كانت تحصل حصراً على يد النساء، في المنازل. وعلى الرغم من ذلك، عندما انتشرت مصانع السجاد، أُرسِل صغار الصبيان إليها للعمل فيها. (12) عام 1912، أنشئ مصنعاً للسجاد تألف من 150 نولاً في مبنيين بإدارة شركة الشرق، وعمل فيه الرجال والفتيان، ولكن غزل الصوف كان يحصل في البيوت على يد العاملات، وحضّرت البدويات الأصباغ. (13)





تؤكد بشرى دلريش في دراستها عن النساء في الفترة القاجارية على أهمية دور النساء في العمل المنتج داخل الأسواق المحلية أو التصدير. كان الأرزّ ينتج بأغلبه على يد النساء في جيلان، في حين عملت نساء جيلاكي في ديدان القز والحرير وغزله. ومن بين التركمان، كانت الأرامل منهن مطلوبات للزواج من جديد بسبب خبرتهن في صناعة السجاد وتربية الحيوانات. تستشهد دلريش بمراقبين معاصرين الذين أشاروا، على سبيل المثال، إلى انتاج نساء كرماني الشالات والقبعات وحتى البنادق؛ وانتاج النساء القزوينيات لإبر الكروشيه؛ وعمل النساء الأصفهانيات في انتاج الملابس، والمطرزات والمنسوجات والحبال: وعمل النساء الآشوريات والأرمنيات المتعب في الحقول؛ ومشاركة النساء الحمدانيات في صناعة الأشرطة. عامي 1906-1907، كان هناك 3000 ورشة لإنتاج المخمل (مخمل بافي) في المنازل، التي كانت تديرها النساء تقريباً بالكامل. وكما كان هو الحال في المجتمعات الماقبل رأسمالية أو بداية الرأسمالية، حيث هيمن اقتصاد الأسرة، وحيث كانت تحدد “قيمة” النساء القابلات للزواج من خلال خبرتهن في الأعمال الحرفية. كانت حرفة السجاد ذات قيمة عالية، وتشير دلريش إلى أن السجاد الذي تنتجه النساء في تبريز وهمدان وأصفهان ومشهد للتصدير عبر اسطنبول كان جودته عالية جداً. لكنها أيضاً تشير إلى ظروف العمل المرهقة والدخل القليل الذي تحصل عليه النساجات. في القرى، غالباً ما تكون الأرباح من بيع السجاد من نصيب المالك، بينما في العديد من المدن، تُجبَر النساء على بيع السجاد بثمن قليل في الأسواق، “لم يكن صعباً استغلال عمالة النساء، آخذين بعين الاعتبار غياب تنظيم الدولة”. (14)

في نهاية القرن الـ 19، بدأ استبدال العديد من الحرف اليدوية الإيرانية بالسلع الغربية المصنّعة، الأمر الذي أدى إلى تدهور حال جماعات الحرفيين وفقدان سبل عيش النساء. وقد أفاد محصِّل أصفهاني للضرائب: “كان عُشر الجماعات الحرفية في هذه المدينة من النساجين، لم ينجُ منها حتى خمسها. وكانت تعتمد حوالي 1 إلى 20 من الأرامل الأصفهانيات المحتاجات للمداخيل لتربية أولادهن التي كانوا يحصلون عليها من بيع الغزل للنساجين؛ فقدن الآن مصدر رزقهن” (15) ولكن لم يكن هذا هو الحال مع السجاد. “حتى الآن كانت أهم حرفة استفادت من الأسواق الخارجية الموسعة هي حياكة السجاد، والتي جذبت كمية كبيرة من رأس المال الأجنبي والمحلي وسنة 1914 كانت تصدر منتجات بقيمة مليون جنيه استرليني”.(16)

في دراستها عن الثورة الدستورية، أشارت جانيت أفاري إلى أن الاشتراكيين الديمقراطيين في إيران قد تساءلوا حول إذا كان يجب عليهم التحريض بين العمال، والتنظيم وسطهم، والنضال من أجل أجور أعلى، وإجبار الرأسماليين والمدراء على تبني نظم انتاج أكثر حداثة. (17) مع ذلك، لا يوجد سجلات تدل على تنظيم العاملات، على الرغم من أن النساء كن من أوائل البروليتاريات وأشباه البروليتاريات وصغار مُنتِجات السلع. من المؤكد أن عمل النساء تنوع وفق الطبقة الاجتماعية، لكن لدينا القليل من المعلومات التي تختلف بحسب الإثنية والدين. وبحسب وثيقة حول الظروف الاقتصادية لأرمن جلفا عام 1881، ذُكرت النساء من بين الحرفيين/ات: “كانت الغالبية العظمى من النساء ينسجن الجوارب، والعديد من الرجال يعملون في النسيج”. كما توثق الوثيقة كذلك عمل النساء الأرمنيات المنزلي وفي تربية الأولاد بطريقة تشيد بـ “الإدارة الحكيمة للأسرة”. لم تُستخدم المرضعات ولكن “عند الحاجة فقط كانت تستدعى [الأخيرات]” للقيام بهذا العمل. (18) من هن هؤلاء المأجورات؟





ما تدل عليه الأدلة المتاحة هو بالتأكيد أن أواخر الفترة القاجارية، التي تميزت بالانتقال من ماقبل الرأسمالية إلى الرأسمالية، أنها شهدت تكون طبقة نصف بروليتارية، أو جيشاً احتياطياً من اليد العاملة- النساء. هذا الاحتياطي بات متاحاً، إلى حد ما، للعمل في المصانع. رغم ذلك، بقيت النساء في أغلب الأحوال في المناطق الريفية أو المنازل لانتاج السجاد والمواد الغذائية أو في مهن أكثر تقليدية كعاملات في الحمامات والقابلات والممرضات. كما ساعدت بعض القابلات النساء على الإجهاض. (19) هذه الأدوار المهنية للنساء، إلى جانب العمل الجنسي نجدها في أماكن أخرى من الشرق الأوسط. (20)

تدل الأدلة المتاحة إلى أن العمل الجنسي في الفترة القاجارية كان يتزايد على نطاق واسع. من المؤكد أنها كانت “مشكلة اجتماعية” مرتبطة بالفقر و”مشكلة أخلاقية” مرتبطة بمحكمة قاجار التي كان يُعلَّق عليها بشكل كبير، خاصة من قبل الدستوريين والإصلاحيين. وبحسب دلريش “إن اعتماد السلطانة كان يذكر مشكلة العمل الجنسي، في حين كان أمين السلطانة [أمين/اعتماد السلطانة ألقاب في الدولة القاجارية] يقضي نصف وقته مع عاملات الجنس”. كانت العاملات في الجنس- بعضهن مغنيات أو راقصات في البلاط القاجاري- والبعض الآخر أرامل أو مطلقات من الطبقات الدنيا، وبالتالي كان الفقر هو أحد الأسباب. تحت الحكم القاجاري، يبدو أنه تارة جرى التسامح مع العمل الجنسي وتشجيعه وتارة أخرى معاقبته. تشير بعض السرديات إلى أن العقوبات القاسية لعاملات الجنس وزبائنهن من الجنود؛ حيث كان يجز شعرهن ويُعرَضْن في الشوارع. (21) في الوقت عينه، ربما كان للعمل الجنسي وظيفة اقتصادية، لأنه كان يؤمن مصدراً للمداخيل والعمالة الرخيصة للقاجاريين. كان يجري اعتقال عاملات الجنس ويغرّمن، وبعد ذلك يرجعن إلى العمل. في عهد ناصر الدين شاه، كان يجمع حوالي 14 ألف تومان من عاملات الجنس. تستشهد دلريش بكورزون بأن السلطات المحلية كانت تجمع الكثير من العائدات من عاملات الجنس؛ كما تذكر ابتزاز المسؤولين عديمي الضمير. كما أقيم “مركز احتجاز” لإصلاح عاملات الجنس ظاهرياً، إنما جرى تشغيل النساء في صناعة الملابس للملالي والجند، في حين كلفت العجوزات منهن بمهمة غسل الموتى قبل تشييعها. (22) كما جرى التلاعب بعاملات الجنس من قبل الملكيين في حملتهم ضد الدستوريين كما سنرى بعد قليل.

الثورة الدستورية: الفرص السياسية والقيود الاقتصادية

تلقي دراسة أفاري الضوء على العمل الجماعي للنساء في الثورة الدستورية لصالح القومية وحقوق النساء. تضمنت التقارير الإخبارية الدرامية عن الدعم الوطني للنساء في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1906 المنشورة في [صحيفة] المجلس “أن الأرامل قد تبرعن بأقراطهن وأساورهن”، للمساعدة بجمع المال من أجل إقامة البنك المركزي وأن كل “واحدة منهن كانت تتنافس مع غيرها” لزيادة المشاركة. كتب بمداد عن عاملة في مجال الغسيل جاءت إلى باحة المجلس، ودفعت توماناً واحداً للمساهمة في إنشاء البنك. ونشرت كل من [صحف] المجلس وأنجومان ونداء الوطن رسالة من امرأة من قزوين إلى النائب سعد الدولة الذي ساهم في كتابة الدستور الجديد. وعرضت امرأة التبرع بمجوهراتها التي احتفظت بها للأيام الصعبة، في حين أحضرت جارتها الفقيرة، وهي أرملة وأم لطفل صغير، أواني المنزل. ومنحت إحدى النساء ميراثها البالغ 5 آلاف تومان؛ وقدمت أخريات ودائع سخية. (23) كما تصف أفاري انخراط القوميات في الحركة لارتداء الملابس الوطنية والتوقف عن شراء الملابس الأوروبية، في حركة شبيهة بحركة سواديشي [ديشي: بلد- سوا:نا] الهندية لمقاطعة السلع البريطانية (1904-1911). كما بدأ التلاميذ ارتداء الملابس المحلية بكل فخر، في حين نظمت النساء في تبريز اجتماعات حول المقاطعة وحرضن الآخرين/ات على “ارتداء الملابس القديمة لبعض الوقت”، آملات بأن تتمكن الأمة قريباً من انتاج ملبوساتها الوطنية. (24)





كما جرى التلاعب بالنساء. فتشير أفاري كيف ابتكر سعد الدولة، مساعد محمد علي شاه، عدة استراتيجيات لفضح [صحيفة] المجلس ومهاجمة المدافعين عن حقوق النساء، الذين اتهموا بالترويج للفسوق والعمل الجنسي. في واحدة من هذه الأعمال، نظم مظاهرة لعاملات الجنس اللواتي مشين سافرات في شوارع طهران وهن يهتفن: “الدستور أعطانا الحرية للتخلي عن الواجبات الدينية والعيش كما نريد”. (25)

دارت إحدى المعارك الثورة الدستورية حول توسيع المدارس الحديثة حتى تحل مكان المدارس الدينية. بشكل خاص، كانت معركة حول تعليم الفتيات. تفسر أفاري أن معارضي المدارس الجديدة ادعوا أنهم يخافون من خسارة الفتيات لـ”شرفهن” فيها. في المقابل رد المؤيدون بأن الفتيات اللواتي يلتحقن بالمدارس التقليدية يتعرضن كثيراً للتحرش من قبل أقارب المعلمات. لم تقدم المدارس الجديدة التعليم الجيد للفتيات فقط إنما حمتهن من مثل هذه الأمور. وكما حاججوا، أن التعليم سيمنع التزايد الإضافي لمشكلة اجتماعية حديثة، النساء الفقيرات والأميات والأرامل اللواتي لديهن القليل من وسائل الدعم وينتهي الأمر بهن في العمل الجنسي والتسول. تحدثت وكتبت تاج السلطنة [زهرة خانوم]، ابنة ناصر الدين شاه، عن الحجاب والعمل الجنسي والزيجات المدبرة. كما حاججت أن المداخيل القليلة للطبقة العاملة المُدنية ليست كافية لتغطية كل النفقات؛ وإذا استطاعت النساء خلع حجابهن والعمل في مهن متعددة، بإمكانهن تجنب العمل الجنسي وكسب عيشهن بطريقة “مشرفة”، حتى تعيش العائلة براحة وكرامة. (26) وأثارت المجلة الأسبوعية النسائية، دانش، الانتباه للمشاكل مثل الفروقات الكبيرة في الأعمار بين الرجال والنساء في الزيجات المُدنية، حيث يكون الرجال أكبر بعقود من زوجاتهن؛ والنساء الحوامل والأطفال المشردين؛ التحرش الجنسي في الشوارع؛ حياة بعض نساء الطبقة الوسطى العليا اللواتي “يعتبرهم أزواجهن عبدات لهم بشكل فعلي”. (27)

عندما باتت النساء أكثر مرئية في الثورة الدستورية، أصبح وضعهن كخاضعات ومضطهدات موضع نقاش عام. في آب/أغسطس 1907، عندما اعتصمت مجموعة من الأرامل المفقرات في ساحة المدفعية بالقرب من البرلمان احتجاجاً على تأجيل دفع معاشاتهن التقاعدية لعدة أشهر، وقد كتبت عن مشكلتهن صحيفة حبل المتين في افتتاحيتها. وبحسب الافتتاحية “إن أكثر الناس بؤساً والأشخاص الأبرياء في العالم هم الإيرانيات، خاصة سكان المدن الكبيرة، وبشكل خاص، نساء طهران، اللواتي تغلق بوجههن كل الأبواب”. (28) هؤلاء النساء كن غير متعلمات ولا مهنة يعملن فيها حتى يكسبن عيشهن، وتابعت الافتتاحية، وبذلك كن يعتمدن بالكامل على أزواجهن. وبسبب حياتهن الهشة، “تقبّلن” اعتداءات أزواجهن وخضعن لكل طلباتهم الوضيعة. رغم ذلك، “تصرف الرجال الظالمون مع نسائهم كما لو أنهن من غير البشر”. وتحت عنوان “أكثر البشر خزياً”، حاججت الافتتاحية أن الأمة، بسبب معاملتها للنساء بهذه الطريقة قد تعرضت للخزي. تعهدت صحيفة حبل المتين بتأسيس صندوق للمعوزات اللواتي لجأن إلى ساحة المدفعية إذا رفض الوزراء وأثرياء البلد تنفيذ طلباتهن فوراً. (29)

التحديث والتصنيع والبلترة





بدأ اكتشاف النفط عام 1908 بتغيير الاقتصاد السياسي. استفادت بداية بريطانيا، مستغلة النفط الإيراني من خلال شركة النفط البريطانية-الفارسية. في ذلك الوقت، كان الاقتصاد الإيراني ما زال يهيمن عليه القطاع الزراعي وصناعة السجاد والمصنوعات الحرفية المنتجة بأغلبها على يد النساء. كتب هاليداي أن الطبقات المهيمنة اجتماعياً كانت تتألف من زعماء القبائل وكبار ملاك الأراضي والتجار والأرستقراطيين في المحاكم وإدارة الدولة- وهي شريحة لم تتغير كثيراً حتى الـ 1940ات، “على الرغم من أن العضوية الأساسية لطبقة ملاك الأراضي قد تغيرت من خلال عمليات سيطرة رضا شاه خلال الـ 1920ات والـ 1930ات”. (30) انضمت إيران إلى منظمة العمل الدولية مبكراً عام 1914، وعامي 1920 و1921 أعلمت هذه المنظمة الحكومة عن قلقها حيال ظروف العمل في صناعة السجاد في كرمان. وهذا ما قاد إلى سلسلة من المراسيم لتحسين ظروف العمل بما خص طول يوم العمل، والحد الأدنى لسن الالتحاق بالعمل للفتيات والفتيان، والسلامة والنظافة والصحة. وبحسب فلور، تشير مادتين من المرسوم الصادر في 17 كانون الأول/ديسمبر عام 1923 إلى” يعمل الفتيان والفتيات في ورش عمل مختلفة تماماً، ورش العمل المختلطة ممنوعة بتاتاً”، ولا يجوز لـ”رؤساء الورشات (الذين يعطون الأوامر للعمال) دخول ورشة الفتيات، حيث يجب توظيف النساء”. وليس واضحاً ما الذي يدفع إلى الفصل، أو إذا كان ما يدعو إلى ذلك. لا معلومات لدينا عن التحرش الجنسي الذي تعرضت له نساجات السجاد خلال تلك الفترة. (31)

بقي العمل الجنسي مهنة المعدمات اللواتي لا يعتمدن على الدعم العائلي وبطلب من الرجال من مختلف الخلفيات. كتبت كاشاني-تابت عن قلق السلطات من انتشار الأمراض التي جرى ربطها بالعمل الجنسي. كما ناقشت تقريراً حول الظروف الصحية، أنجزه مسؤولو وزارة الصحة وسلموه إلى وزارة الداخلية، والذي أكد أن الخدمة العسكرية الإلزامية، المقرة عام 1925، تساهم في انتشار الأمراض الجنسية في المناطق الريفية والعشائرية. وصدرت التوصية بإنشاء مراكز خدمات صحية في كل البلاد لفحص عاملات الجنس، في حين طلب من السلطات المحلية تسجيل عاملات الجنس بهدف تنظيمهن ومعالجتهن من الأمراض الجنسية. من الواضح أن أحد مراكز العلاج الذي يقع اليوم في شهر، قد ارتبط على مدى عقود بالعمل الجنسي. في تقرير آخر، كتبت روشناك نودسوت في مجلتها النسائية أن “عاملات الجنس كن بشكل عام فقيرات ويعملن بكد”، وميّزتهن عن “أقلية النساء الماهرات والغنيات”. (32)

نحن بحاجة إلى معرفة المزيد عن العاملات في أذربيجان- مركز الثقافة والحركات السياسية والحركة العمالية خلال العقود الأولى من القرن الـ 20- وداخل الحركة الشيوعية. وقد أفاد مقال في عدد العام 2002 من المجلة النسوية فصل الزنان، والذي قدم لمحة موجزة عن ظروف العاملات ودروهن في الحركة العمالية، أنه خلال العام 1925، عيّن جعفر بيشفاري امرأة في لجنة العمل في مجلس النواب الأذربيجاني. (33)

شهدت الـ 1930ات المرحلة الأولى من التصنيع الإيراني، إضافة إلى الجهود في بناء الدولة والتحديث في عهد رضا شاه بهلوي. فشقت الطرقات ومدت الهواتف وانتشرت السيارات وسكك الحديد، والمصانع المملوكة للدولة، إضافة إلى المدارس الحديثة والجامعات وبعض المدارس للفتيات والسفور وقوانين جديدة. في تلك الفترة جرى تشجيع النساء على الدخول إلى الجامعات، حتى يصبحن معلمات، أو للعمل في القطاع العام المتنامي. تنامت بيروقراطية الدولة وضمت نسبياً عدداً قليلاً من نساء الطبقة الوسطى الحديثة. (34) كما حدثت بعض الممارسات والمهن المرتبطة تقليدياً بالنساء، مثل القابلات والمعالجات، وبالتالي تنامت الطبقة الوسطى. عام 1930 أنشأت الدولة مدرسة لتعليم التوليد تحت إشراف وزارة الصحة، وتنامت مهنة التمريض عندما افتتحت مستشفى للنساء (ماريزخانه نسفان) التي افتتحت عام 1935 وتضمنت كلية لتعليم التوليد. (35) وفي وقت كان المبشرون الأميركيون وأطباؤهم مسؤولين عن تدريب الممرضات/ين والأطباء، والعديد منهم من الأقلية المسيحية، باتت وقتها الحكومة الإيرانية هي المتولية تدريب القابلات والممرضات.





كما جرى تحديث طرق الانتاج. يصف فلور التصنيع، وتشكل البروليتاريا الصناعية، والنشاط النقابي خلال الـ 1930ات. بني حوالي 29 مصنع نسيج كبير بين عامي 1931 و1939، من قبل الدولة والقطاع الخاص، وخاصة في أصفهان ويزد وكرمان وشاهي. مع ذلك، كان التمدين والتصنيع والبلترة محدودة، الأمر الذي حدّ من نمو طبقة عاملة نسائية مُدنية أو حديثة. أكثر من ذلك، أدى حظر النقابات العمالية بموجب قانون عام 1936 إلى الحد من حركية الطبقة العاملة. تختلف التقديرات حيال حجم اليد العاملة في القطاع الصناعي في أواخر عهد رضا شاه، حيث يقدرها فلور بـ 1،2 مليون عامل و”قوة لا يستهان بها من العاملات، كان حجمها غير معروف”. من دون شك أن الكثير من اليد العاملة النسائية قد تركز عملهن في صناعة السجاد، والتي ضمت بمجملها 250 ألف عامل/ة. (36) مع نهاية عام 1946، كان حوالي 75 بالمئة من السكان الناشطين اقتصادياً يعملون في الزراعة- وهو رقم يعتمد على تقرير يشير إلى وجود 2،5 مليون عائلة زراعية. (37)

سواء في المناطق المُدنية أو الريفية، كانت الرواتب وظروف العمل سيئة، وكانت فظيعة للغاية في القطاع الخاص. غالباً ما كان أصحاب العمل يحقّرون عمالهم، أو يحتجزون رواتبهم أو يعاقبونهم بالضرب على مخالفات وهمية. بالإضافة إلى عمالة الأطفال، كانت السخرة سائدة، أيضاً بشكل أساسي في القطاع الخاص، على الرغم من أن فلور قد أشار إلى مصنع حرير تابع للدولة في شالوس عام 1933 قد وظف إجبارياً نساجي حرير يزيديين. في صناعة السجاد، غالباً ما كان يفقد العمال (أغلبهم من الأطفال والنساء) نظرهم، ويصابون بتشوهات جسدية، ويعانون من توقف النمو. (38)

على الرغم من التصنيع خلال عهد رضا شاه، كانت المساهمة الكبيرة في الاقتصاد الإيراني حتى الـ 1950ات من الزراعة، حيث لعبت النساء دوراً هاماً في انتاج الغذاء والسلع الصناعية الكثيفة العمالة المرتكزة على عمل الأسرة. شغل قطاعي النسيج والسجاد المزيد من العاملات، في ورشات العمل الريفية والمُدنية. وفي المناطق المُدنية، تابعت مجموعة من النساء العمل في الخدمات الخاصة والشخصية، في العمل المنزلي، والعاملات في الحمامات، ومزيلات للشعر (باند أنداز)، وفي الغسيل، والعرّافات، والعمل الجنسي.

التصنيع السريع بعد الـ 1950ات

مع بداية المرحلة الثانية من التصنيع في إيران، أحصى إحصاء عام 1956 وجود 573 ألف عاملة ناشطة اقتصادياً. كما أظهر أن نصف سكان البلاد يعيشون في المناطق الريفية، وأن عمالة الأطفال، وخاصة الفتيات، كانت منتشرة. تشير الإحصاءات الرسمية إلى تركيز كبير لعمل النساء في الصناعات المنزلية، وخاصة في المناطق الريفية. (39) عملت النساء في قطاعات صناعة السجاد والنسيج وتنظيف القطن ومصانع الأسلحة والكبريت والزجاج والكرتون وفي مصانع الشاي وفي التطريز. في القطاع الخدماتي، بقين في أدنى المراتب في قطاعي التنظيف والطبخ، وكن يصنفن كعمال غير مهرة، ونلْنَ رواتب أقل من رواتب الرجال. كان قطاعا النسيج والأغذية في صدارة القطاعات في تلك الفترة. وشكلت النساء 34 بالمئة من عمال الصناعة التحويلية عام 1956 و40 بالمئة عام 1966. وكان ذلك من دون شك أقل من العدد الفعلي، نظراً إلى حجم العمل الانتاجي المنزلي وفي المناطق الريفية.





بحسب مهدي بارتوفي، خلال العام 1953 كان الراتب اليومي للرجال 25- 36 ريالاً في مصنع قزوين في حين كان الراتب اليومي للنساء 8-10 ريالات. في مصنع بسنمان كان أجر الرجل 41 ريالاً والعاملة 36. يضيف بارتوفي أنه جرى تخفيض رواتب الذكور لاحقاً في هذا المصنع ليصبح 31 ريالاً والعاملات 20. في مصنع النسيج، كان الأطفال يتقاضون أقل بـ 3 إلى 4 مرات من رواتب الرجال، والنساء يتقاضين أقل بـ 2 إلى 3 مرات من رواتب الرجال. ومن المشاكل الأخرى التي واجهتها النساء هو عدم حصولهن على الخدمات الصحية. (41)

كانت الإحصائيات الرسمية أقل عن النشاط الاقتصادي الريفي للنساء إنما أظهرت أن تشغيل النساء في طهران قد تراجع بين عامي 1956 و1966، ربما بسبب ارتفاع المداخيل أو النزوح الريفي. وقد ازدادت عمالة النساء من 9 بالمئة من مجمل اليد العاملة غير الزراعية في بداية الـ 1960ات إلى 11 بالمئة عام 1971. ساعد توسع التعليم والرعاية الصحية على تزايد تشغيل النساء. عام 1970، كان في إيران 16 مدرسة تمريض، 3 منها تعمل في طهران؛ كما تلقت مساعداتُ الممرضاتِ (بيهيار) “تدريباً أولياً في الصحة والنظافة، وعادة ما كان ذلك كناية عن دورة دراسية لمدة عامين بعد الانتهاء من الصف التاسع”. (42) مثل هذه الوظائف سمحت للنساء من العائلات الفقيرة أو من الطبقة الوسطى الدنيا أن يتلقين تدريباً ومدخولاً. كتب هاليداي أن نسبة تشغيل النساء في المناطق المُدنية قد ارتفعت إلى 25 بالمئة مع بداية الـ 1990ات. (43) تجدر الإشارة إلى أن هذه النسبة قد تحققت مع نهاية الـ 1990ات في الجمهورية الإسلامية.

مع بداية الـ 1970ات، كانت حوالي 13 بالمئة من مجمل النساء فوق الـ 12 سنة (1،4 مليون نسمة) يعملن، وكن في معظمهن في الريف. وكان 70 بالمئة من قطاع حياكة القماش و72 بالمئة من قطاع السجاد يحصل في الريف، وأغلب عماله من النساء. (44) وقد كن عاملات منزليات برواتب جد قليلة، أو يتلقين أجوراً ضئيلة؛ كما عملن في ظروف بالغة السوء وتحت رحمة الوسطاء الذين شغلوهن. عام 1970، في مصانع النسيج في يزد، كانت العاملات يتقاضين 90 ريالا في اليوم، والذي كان أقل من مستوى المعيشة. (45) بالنتيجة كانت “المفارقة النمطية في إيران أن أغلب العاملات في القطاع الصناعي كن في المجال الريفي”، أما في المناطق المُدنية فقد شكلت النساء نسبة قليلة جداً من العاملين في القطاع الصناعي. (46)

على الرغم من الظروف، لم تكن العاملات دوماً سلبيات. ففي عامي 1960 و1962، احتجت العاملات في مصنع شهناز، وفي عام 1971، شاركت مجموعة من 500 عاملة من مصنع زيبا في مظاهرة؛ وعام 1973 نظمت 3 احتجاجات لعاملات مصنع بارس للكهرباء؛ وعام 1976 احتجت عاملات مصنع ميلي للأحذية، ومصنع شاهي للنسيج. (47)

خلال الـ 1970ات، أصبحت إيران مصدراً أساسياً للنفط ودولة نامية شبه طرفية. ومع توسع التصنيع وتنامي المصانع، تزايد تشغيل النساء في الأعمال الانتاجية وسواها من الوظائف داخل القطاع الصناعي. وعشية الثورة، تراوحت نسبة النساء اللواتي كن يتقاضين أجوراً من القطاعين العام والخاص ما بين 20 إلى 27 بالمئة من المجموع. (48) وقد تقلصت هذه النسبة بشدة بعد الثورة، بحيث اعتبر العمل في المصانع غير ملائم للنساء المسلمات. ولكن حتى قبل الثورة، كان عمل النساء في المصانع عرضة للتشهير من الناحية الأخلاقية، ويبدو أن العمل في المصانع كان يجذب النساء المثيرات للاضطرابات. تتذكر فراناك، مناضلة يسارية، أنها حاولت تنظيم العمال في المصنع، لتكتشف أنه “في غرف تغيير الملابس كانت تجد نساء يمارسن العمل الجنسي بعد العمل أو مدمنات على المخدرات أو يتعرضن للعنف- كل ذلك كان شائعاً ومبرراً بشدة”. (49)





كانت تجربة فراناك في تنظيم العاملات في الصناعة مختلفة عن تجربة بويا، التي كانت تشارك في النضالات النقابية عام 1979 عندما كانت المجالس العمالية في ذروتها. وفسرت أنها حاولت تنظيم النساء في 4 مصانع- 2 للأدوية، وواحد لصناعة البسكوت، وآخر لصناعة النسيج- وأن بعض النساء اللواتي عملت معهن أو التقت بهن كن عضوات في المجالس العمالية (الشورى)، على الرغم من أنها لم تقدم أرقاماً ومعلومات مفصلة أكثر. تكتب أن القضايا الصحية مثل استعمال الكيماويات في صناعة الأدوية كانت مهمة بالنسبة للعاملات. كما كان هناك مشكلة أخرى، تتعلق في “رعاية الأطفال. فأغلب النساء يتركن عملهن عندما يصبحن حوامل. يعود البعض منهن إلى العمل عندما يكبر أولادهن. وعادة ما يتركن الأطفال عند عائلاتهن، أو أقاربهن أو في بعض الحالات عند الجيران”. أرادت النساء مراكزاً لرعاية الأطفال، وصفوفاً لمحو الأمية، والمزيد من الحمامات، والصابون وبيئة عمل أقل تلوثاً بالغبار أو الضجة. (50)

استمر العمل المنزلي في كل البلد، بما فيها المدن الكبيرة. غالباً ما كان هذا العمل مرتبطاً بالأسواق الشعبية، الذي كان بدوره مرتبطاً بالضواحي من خلال نمط معقد من العلاقات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدت جزئياً على عمل النساء المنزلي. أنشأت العديد من زوجات التجار في الأسواق مجموعات نسائية تضمنت فتياتهن وقريباتهن وجاراتهن بهدف تعبئتهن للانخراط في العمل بالقطعة لصالح تجار الأسواق. غالباً ما كانت تلك النساء يخيطن الملابس لبيعها في السوق، أو يعملن على الألحفة التي كن ينهينها في الأسواق لاحقا. أصبح هذا العمل ممكناً بفضل أنواع المنازل التي كانت موجودة حول الأسواق؛ مجمعات متعددة العائلات. (51) وبذلك، كانت البيوت مواقعاً للانتاج وكان السوق الموقع الأساسي للتوزيع فيما كان ذلك انعكاساً للتقسيم الجندري للعمل ولعلاقات العمل الرأسمالية ماقبل الرأسمالية.

رغم ذلك، لم تشارك العديد من النساء المُدنيات في الأعمال المدرة للمال. ويبدو أن النازحين الريفيين إلى طهران، على وجه التحديد، قد عانوا من “ظاهرة ربة المنزل”، كما في تركيا ومصر، كما نظّرت ماري مييس إلى هذه الظاهرة كجزء من التحديث الرأسمالي والنزوح الريفي-المُدني. (52) تشير دراسة أجريت في أصفهان في الـ 1960ات نشاطاً اقتصادياً منخفضاً جداً للنساء، خاصة في صفوف النازحين/ات، على الرغم من أن عمالة الأطفال كانت عالية بين فتيان وفتيات النازحين. (53) النساء الفقيرات اللواتي درستهن جانيت باور في جنوبي طهران “يمضين أغلب أيامهن خلف جدران المنازل أو عند جيرانهن”. والعديد من نساء الضواحي كن مشاركات في العمالة المنزلية المأجورة، البعض منها كان يحصل في مركز النساء الذي أدارته منظمة النساء في إيران. كما جرى تشغيل النساء الأفقر كعاملات منزليات أو عاملات في مركز النساء للطبخ والتنظيف. مقابلات جانيت باور مع النساء في جنوبي طهران ألقت الضوء على حياتهن، وهوياتهن، وشعورهن بالقيود التي واجهنها وآمالهن لأنفسهن ولبناتهن. (54)

الريفيات: الاستغلال والاغتراب

كما لاحظنا، ساهمت الريفيات مساهمة كبيرة في عملية الانتاج وتراكم رأس المال. أظهرت الدراسات التي أجرتها إريكا فريدل، ولويس بيك، وهاله أفشار، ومريم بويا حول عمالة الريفيات خلال الحقبتين البهلوية والجمهورية الإسلامية فصل النساء عن ثمار أعمالهن (الاغتراب)، وعدم قدرتهن على التحكم بإنتاجهن (الاستغلال)، ووضعهن الاجتماعي (التبعية) فيما كان موجوداً من بنية ما قبل رأسمالية وأبوية واجتماعية واقتصادية. إن التقسيم الجندري الشديد للعمل كان مبنياً على تقدير عمل الرجال والتقليل من شأن عمل النساء. أكثر من ذلك، وبما أن النساء قد حرمن على مدى عقود من القدرة والاستقلالية في اتخاذ القرارات حول انتاجهن، لم يستطعن تحويل عملهن إلى مصدر للسلطة، سواء كانت عامة أو منزلية. أشارت تابر، على سبيل المثال، إلى الانقسام الجندري للعمل بين البدو في شاهسافان ووصفت العلاقات الجندرية بأنه يطبعها هيمنة الرجال وطاعة النساء. (55) كذلك في مناقشتها حول أنظمة الانتاج المختلفة في الريف التي درستها طوال عقود، أشاحت فريدل جانباً المفاهيم “الرومانسية” عن استقلالية الريفيات حركيتهن. بما خص القبائل والعشائر، أوضحت فريدل أنه بحسب العادات القبلية، لا تَرِث النساء، ولا تحتل المناصب، ولا تحمل الأسلحة، ويتوقع منهن تقديم الخدمات للرجال المسؤولين عنهن. أما قانونياً، فلم يكن للنساء أي حق في أي من منتجاتها الاقتصادية أو الإنجابية. ومع ذلك، إن النتيجة المتمثلة باعتماد النساء الاقتصادي على الرجال، كان متوازناً إلى هذا الحد أو ذاك من خلال وصول النساء إلى عدد كبير من الناس، ما أتاح لهن فرصة المساهمة في نقاش الكثير من الأمور التي تظهر في حياة قرية مكتظة السكان، ولكن كذلك خلال المناسبات بهدف إنشاء علاقات قوة متداخلة مع شبكة واسعة من الأقارب. (56)





في النظام الزراعي، قضت النساء أغلب أيامهن بالالتقاء بنساء أخريات، ما عدا زيارات أزواجهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أشقائهن. جرى تنفيذ معظم المهام النسائية الأساسية المتمثلة بالطبخ وغزل الصوف وتحضير الحليب، وتربية الأولاد بالقرب من النساء. أما طرقات القرية والمحلات، ومحيطها فقد كانت مجالات لذكور القرية. لم يكن يسمح للنساء بالخروج من المنزل، ولكن يجب وجود سبب مشروع لذلك: جلب الماء، المشي من بيت لآخر، واتمام المهام العاجلة لأسباب معقولة. في حالات قليلة، قد تعمل الأرامل “اليائسات” المسؤولات عن أطفالهن في الحقول وحصد القمح أو قطع الأعشاب لأبقار البيت. رغم ذلك، وفي الكثير من الحالات، شاركت النساء في زراعة المحاصيل مثل التبغ والأفيون وقصب السكر.

تعتبر أوجه عدم المساواة حسب الجندر والعمر من السمات المحددة للأسر الريفية. في دراستها حول التقسيم الجندري للعمل وأيديولوجية الجندر في منطقة ريفية بكرمان المختصة بزراعة الفستق، وجدت شهراشوب رضوي أن القيمة الأقل بالعمل كانت تعطى للنساء (الاهتمام بزراعة الفستق) مقارنة بعمل الرجال (الحراثة والري والتقليم وقيادة آلات الحراثة وإصلاح الأراضي) وكذلك عند مقارنة الفتيات بالفتيان. بالنسبة للرضع والأطفال دون الـ 6، أنفق ما يقارب من الضعف على الفتيان مقارنة بالفتيات. كمعدل كان يمضي الذكور 6 سنوات في المدرسة، مقارنة بـ 3،5 سنوات للفتيات. كما أنفق ما يقارب الضعف على ملابس الفتيان مقارنة بالفتيات. وفي حين كان الوالد، الذي يكسب أكثر، مسؤولاً عن نفقات زواج ابنه، كانت الأم هي المسؤولة عن تحضير جهاز ابنتها، التي كانت تكسب أقل بكثير. وفي وقت كان الفتيان ينالون مصروفهم، كان مصروف الفتيات يذهب إلى أمهاتهن. أكثر من ذلك، خصص رجال الريف قسماً من مكاسبهم لشراء التبغ والأفيون، أنفقت النساء أرباحهن على العائلة. كان هذا الوضع من انعدام المساواة داخل الأسرة نتيجة “إخراج النساء من العمل الميداني وحصرهن التدريجي في العمل المنزلي”، على الرغم من أجورهن من العمل الموسمي في الحصاد وما بعده، حتى لا نذكر الطبخ، والتنظيف والرعاية وسوى ذلك، كانت مهمة حتى تبقى العائلة حية. (57)

تقدم هالة أفشار سرداً عن عمل النساء ومكانتها في القرية التي درستها. زرعت النساء قطعة أرض صغيرة بالأعشاب، وربت الحيوانات، وصنعت الجبنة، والسمنة، والزبدة، واللبن، والخبز، كما غزلت ونسجت وعملت بالخياطة والطبخ وكل الأعمال المنزلية. لم تكن النساء العاملات في الزراعة يتقاضين أجراً، وكن مستبعدات من البونة (مجموعة زراعية تقليدية) ومن تلقي النسق (استحقاق عرفي يدفع للفلاح) ومن المحاظير العرفية الريفية التي تمنع توريث النساء. في بعض الحالات، كانت النساء يعملن بأجر لقطف الفاكهة أو القطن، ولكن كان التفاوض على أتعابهن يحصل من قبل رب الأسرة. (58)

في وقت كان يبدأ الفتيان بالعمل في الزراعة في سن 12 سنة، كقطف الفاكهة، ويبدؤون بالعمل في الأرض بدءاً من عمر 14 سنة، بقيت الفتيات في المنزل للمساعدة في الأعمال المنزلية، والاستعداد للزواج. حتى بداية الـ 1970ات كن يزوجن في سن الـ 14. بعد الثورة، وعلى الرغم من تأييد الخميني للزواج المبكر، أدى تنامي قطاع صناعة السجاد إلى رفع سن زواج البنات إلى 18-19 سنة، وباعتبارهن عاملات غير مأجورات، أصبحن ذات قيمة عالية بالنسبة للأسرة بحيث لا يمكن فصلهن عنها في سن مبكرة. (59)





على الرغم من القيود المفروضة على استقلاليتهن، وجدت الريفيات طرقاً لممارسة السيطرة على عملهن ومنتجاتهن ودخلهن. على سبيل المثال، وصفت أفشار كيف اعتادت النساء في القرية التي درستها على بيع خيوطهن إلى نساء عشيرة شاهسافان اللواتي بقين على سفوح التلال المجاورة خلال فصل الشتاء. جرى استخدام الدخل الضئيل الناتج عن هذا البيع لشراء مواد وأحياناً شراء تعاويذ أو أدوية من الباعة الجائلين؛ بالتالي أقمن مجالاً صغيراً من العلاقات المالية تحت سيطرتهن بالكامل. إضافة إلى ذلك، نسجت نساء شاهسافان سجاد جاجيم، وهي سجادة فلاحية خشنة ليبعنها للقرويات. (60)

تكتب مريم بويا كيف كان رجال العائلات يبيعون قوة عمل النساء في السوق. وهي تستشهد بقول لغولرنغ العاملة في حياكة السجاد والزراعة، حيث أخبرتها:

“كنت أعمل في حياكة السجاد والزراعة منذ كنت في السابعة من عمري. أساعد والدي على تربية الحيوانات وأمي في العمل الزراعي وحياكة السجاد. النساء لا يتقاضين أجراً. في سنة جيدة، عندما يعود والدي من بيع المنتجات في السوق، يعطي والدتي كيساً أو اثنين من الأرزّ لبيعه في القرية. مع هذا المال كانت والدتي تشتري الذهب والفضة والمواد المنزلية والأغراض لي ولجهاز أختي. كذلك بالنسبة لحياكة السجاد؛ كان والدي يبيع السجاد في السوق أو أحياناً يعطي والدتي سجادة حتى تبيعها في الحي وتنفق المال عليّ. (61)

الخلاصة

هذا الاستكشاف لتاريخ عمل النساء في إيران “طوال القرن العشرين المديد” هو محاولة أولية للإضاءة على المشاركة الاقتصادية المتغيرة للنساء عبر الفترات التاريخية، وأنماط الانتاج والتغيرات على مستوى الدولة. تشير الأدلة المتوفرة بكل تأكيد أن الفلاحين الإيرانيين والعاملات قد شكلوا/ن احتياطاً كبيراً من العمالة الرخيصة التي ساهمت في تراكم رأس المال الناتج عن التصنيع والزراعة، حيث ذهب المال إلى جيوب مالكي الأراضي والتجار والصناعيين والدولة. لقد ساهمت هذه الطبقة في القيمة الاستعمالية وفائض القيمة، وإعادة الانتاج قوة العمل والقوى العاملة. على الرغم من ذلك، كانت الدراسات التاريخية والاقتصادية صامتة بشكل كبير عن مساهمة النساء في الانتاج وتوليد الثروة، أو الطرق التي اجتمعت فيها الدولة والاقتصاد مع الترتيبات البطريركية الجندرية لتشكيل وضع النساء الاقتصادي وأدوارهن. في الوقت عينه، كان التأريخ الاجتماعي صامتاً بشكل كبير عن مدى مشاركة النساء في العمل غير المنتج- سواء العمالة المنزلية، الخدمة، أو العمل الجنسي- الذي على ما يبدو قد خدم العائلات الغنية وأصحاب العقارات والدولة.

تظهر مراجعتي السريعة للتاريخ الاجتماعي والتاريخ العمالي في إيران أن هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث حول “المرأة التابعة” وخاصة تاريخ عمل النساء. من دون ذلك، نكون أمام وجهة نظر غير مكتملة ومشوهة، في أفضل الأحوال، للتاريخ الإيراني والبنية الاجتماعية، والقوى العاملة، والعمل الجماعي. هناك العديد من الأسئلة التي لا يمكن الإجابة عنها في ضوء التأريخ الحالي وأساليب البحث وأولوياته. تتعلق هذه الأسئلة بديناميات العلاقات بين الأسواق التجارية وأحياء الطبقة العاملة؛ الفروقات الجندرية داخل الطبقتين العاملة والفلاحية؛ توليد فائض القيمة وعمالة النساء؛ التصدير وعمالة النساء؛ وخاصة صناعة السجاد؛ النزوح ومشاركة النساء الاقتصادية؛ التغييرات في شكل الأسرة ووظائفها؛ الطرق التي ساعد فيها عمل النساء المنزلي على تشكيل بروليتاريا ذكورية؛ والأنماط الجندرية للعمل الجماعي. خلال ذلك، يجرى ملء الفجوات في التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والعمالي ببطء من خلال أعمال الأكاديميات النسويات في الدراسات الإيرانية، من الذكور والإناث، الذين/اللواتي لفتوا/ن الانتباه إلى القيود البنيوية وإلى وكالة نصف سكان البلاد عن أنفسهن.

الهوامش:

1. This paper first appeared in Iranian Studies as ‘Hidden from History? Women Workers in Modern Iran’, xxxiii/3–4 (Summer/Fall 2000 [actual publication date 2002]), pp. 377–401, and was an extended version of a paper prepared for the workshop ‘Twentieth Century Iran: History from Below’, which took place at the International Institute of Social History, Amsterdam, 25–26 May 2001, organized by Touraj Atabaki. It has been updated to account for new studies and information.

2. Sheila Rowbotham, Hidden from History: Rediscovering Women in History from the 17th Century to the Present. (New York: Pantheon Books, 1975) Gayatri Spivak, ‘Can the Subaltern Speak?’ in Cary Nelson and Lawrence Grossberg (eds.), Marxism and the Interpretation of Culture (Urbana: University of Illinois Press, 1988), pp. 271–313 Friedrich Engels, The Origin of the Family, Private Property, and the State (New York: Pathfinder Press, 1972).

3. Kathryn Babayan, ‘The ‘Aqa’id al-Nisa:’ A Glimpse at Safavi Women in Local Isfahani Culture’, in Gavin Hambly (ed.), Women in the Medieval Islamic World, (London: St. Martin’s Press, 1998), pp. 349–82 Ronald W. Ferrier, ‘Women in Safavid Iran: the Evidence of European Travellers’, in Gavin Hambly (ed.), Women in the Medieval Islamic World, (London: St. Martin’s Press, 1998), pp. 383–406 Fariba Zarinebaf-Shahr, ‘Economic Activities of Safavid Women in the Shrine-City of Ardabil’, Iranian Studies xxxi/2 (1998), pp. 247–61.

4. Wilma A. Dunaway, ‘The Double Register of History: Situating the Forgotten Woman and Her Household in Capitalist Commodity Chains’, Journal of World-Systems Research vii/1 (2001), pp. 2–29.

5. Rayna R. Reiter (ed.), Toward an Anthropology of Women (New York: Monthly Review Press, 1975).

6. Max Weber and Talcott Parsons, The Theory of Social and Economic Organization (New York: Free Press, 1964), p. 346 Harriet Bradley, ‘Changing Social Structures: Class and Gender’, in Stuart Hall et al. (eds.), Modernity: An Introduction to Modern Societies (London: Blackwell, 1996), p. 125.

7. Valentine M. Moghadam, Women, Work, and Economic Reform in the Middle East and North Africa (Boulder: Lynne Rienner Publishers, 1998), and idem, Modernizing Women: Gender and Social Change in the Middle East, 3rd edition, (Boulder: Lynne Rienner Publishers, 2013).

8. Charles Issawi (ed.), The Economic History of Iran 1800–1940 (Chicago: University of Chicago Press, 1971), p. 47 and Chapter Six.

9. Willem M. Floor, Industrialization in Iran, 1900–1941 (Durham: University of Durham, Centre for Middle Eastern and Islamic Studies, 1984), p. 30 Ahmad Seyf, ‘Iranian Textile Handicrafts in the Nineteenth Century: A Note’, Middle Eastern Studies xxxvii/3 (2001), pp. 49–58.

10. Issawi, The Economic History of Iran 1800–1940, p. 136.

11. Boshra Delrish, Zan dar dowreh-ye Qajar (Tehran: Howzeh-ye Honari-ye Sazman-e Tablighat-e Eslami, 1997) Maryam Poya, Women, Work and Islamism: Ideology and Resistance in Iran (London: ZED Books, 1999), p. 30.

12. Issawi, The Economic History of Iran 1800–1940, p. 303.

13. Ibid., pp. 271, 297, 302, 303.

14. Delrish, Zan, pp. 44–9, my translation.

15. Mansoor Moaddel, ‘Shi’i Political Discourse and Class Mobilization in the Tobacco Movement of 1890–92’, in John Foran (ed.), A Century of Revolution: Social Movements in Iran (Minneapolis: University of Minnesota Press, 1994), p. 9.

16. Issawi, The Economic History of Iran 1800–1940, p. 259.

17. Janet Afary, ‘Social Democracy and the Iranian Constitutional Revolution of 1906–1911’, in Foran (ed.), A Century of Revolution, pp. 21–43.

18. Issawi, The Economic History of Iran 1800–1940, p. 60.

19. Firoozeh Kashani-Sabet, Conceiving Citizens: Women and the Politics of Motherhood in Iran (Oxford: Oxford University Press, 2011), p. 41.

20. As described by Donald Quataert, ‘The Social History of Labor in the Ottoman Empire 1800–1914’, in Ellis Jay Goldberg (ed.), The Social History of Labor in the Middle East (Boulder: Westview Press, 1996), p. 27 Suraiya Faroqhi, Subjects of the Sultan: Culture and Daily Life in the Ottoman Empire (London: I.B.Tauris, 2000), pp. 120–1 Judith E Tucker, Women in Nineteenth-Century Egypt (Cambridge: Cambridge University Press, 1985).

21. Delrish, Zan, pp. 53–4.

22. Ibid., pp. 55–7.

23. Janet Afary, The Iranian Constitutional Revolution, 1906–1911: Grassroots Democracy, Social Democracy and the Origins of Feminism (New York: Columbia University Press, 1996), p. 179.

24. Ibid.

25. Ibid., p. 133 also see Delrish, Zan, pp. 56–7 Mangol Bayat-Philipp, ‘Women and Revolution in Iran, 1905–1911’, in Lois Beck and Nikki Keddie (eds.), Women in the Muslim World (Cambridge: Harvard University Press, 1978), pp. 301–2.

26. Afary, The Iranian Constitutional Revolution, 1906–1911, pp. 191–6.

27. Ibid., p. 200.

28. Ibid., p. 201.

29. Ibid.

30. Fred Halliday, Iran: Dictatorship and Development (Harmondsworth: Penguin, 1978), p. 14.

31. Floor, Industrialization in Iran, 1900–1941, p. 88.

32. Kashani-Sabet, Conceiving Citizens, p. 82.

33. Mehdi Partovi, ‘Women’s Status in the Working Class’, in Fasle Zanan [The Season of Women]: A collection of Feminist Articles, in Nooshin Ahmadi Khorasani and Parvin Ardalan, (eds) vol. 2 (Tehran: The Women’s Cultural Centre, 2002).

34. Afsaneh Najmabadi, The Story of the Daughters of Quchan: Gender and National Memory in Iranian History (Syracuse: Syracuse University Press, 1998), p. 54.

35. Kashani-Sabet, Conceiving Citizens, p. 108.

36. This and preceding statements from Floor, Industrialization in Iran, 1900–1941, pp. 27–31 see also Willem M Floor, Labour -union-s, Law and Conditions in Iran (1900–1941) (Durham: University of Durham, Centre for Middle Eastern and Islamic Studies, 1985).

37. Julian Bharier, Economic Development in Iran, 1900–1970. (London: Oxford University Press, 1971), p. 34.

38. Floor, Labour -union-s, Law and Conditions in Iran (1900–1941), p. 111.

39. Kaveh Mirani, ‘Social and Economic Change in the Role of Women, 1956–1978’, in Guity Nashat (ed.), Women and Revolution in Iran (Boulder: Westview Press, 1983), p. 78.

40. Bharier, Economic Development in Iran, 1900–1970, p. 188.

41. Partovi, ‘Women’s Status in the Working Class’, pp. 148–53.

42. Kashani-Sabet, Conceiving Citizens, p. 191.

43. Halliday, Iran: Dictatorship and Development, p. 192.

44. Ibid., p. 191.

45. Poya, Women, Work and Islamism, p. 47.

46. Halliday, Iran: Dictatorship and Development, p. 192.

47. Partovi, ‘Women’s Status in the Working Class’.

48. Moghadam, Modernizing Women (2013), Chapter Six.

49. Faranak, cited in Zohreh T. Sullivan, Exiled Memories: Stories of Iranian Diaspora (Philadelphia: Temple University Press, 2001), p. 135.

50. Quoted in Poya, Women, Work and Islamism, p. 127.

51. Mohamad Tavakoli, personal communication, January 2001.

52. Maria Mies, Patriarchy and Accumulation on a World Scale: Women in the International Division of Labour (London: Zed, 1998).

53. John Gulick and Margaret E. Gulick, ‘The Domestic Social Environment of Women and Girls in Isfahan, Iran’, in Beck and Keddie (eds.), Women in the Muslim World, pp. 510–511.

54. Janet Bauer, ‘Poor Women and Social Consciousness in Revolutionary Iran’, in Nashat (ed.), Women and Revolution in Iran, pp. 141–70.

55. Nancy Tapper, ‘The Women’s Subsociety Among the Shahsevan Nomads of Iran’, in Beck and Keddie (eds.), Women in the Muslim World, pp. 376–7.

56. Erika Friedl, ‘The Dynamics of Women’s Spheres of Action in Rural Iran’, in Nikki Keddie and Beth Baron (eds.), Women in Middle Eastern History (New Haven: Yale University Press, 1991), p. 197. See also Lois Beck, ‘Women among Qashqai Nomadic Pastoralists in Iran’, in Beck and Keddie (eds.), Women in the Muslim World, pp. 51–73.

57. Shahrashoub Razavi, ‘Women, Work and Power in the Rafsanjan Basin of Iran’, in Haleh Afshar (ed.), Women in the Middle East: Perceptions, Realities and Struggles for Liberation (London: Macmillan, 1993), p. 133.

58. Haleh Afshar, ‘The Position of Women in an Iranian Village’, in Haleh Afshar (ed.), Women, Work and Ideology in the Third World (London: Tavistock, 1985), pp. 70–1.

59. Ibid., p. 71.

60. Ibid., pp. 74–5.

61. Poya, Women, Work and Islamism, pp. 83–4.