الحجاب .. تقييدٌ للمرأة أم للرجل؟



علي حميد الطائي
2022 / 9 / 28

لا انفك البحوث النظرية في الحديث عن تاريخية الحجاب والدلالات الرمزية له، كذلك لا تلبث هي الأخرى من الحديث عن الجانب اللغوي والتطبيقي المراد من هذه اللفظة؛ لكن مل هذا لا يعنيينا هنا سوى الاجابة عن هذا السؤال هل الحجاب هو مقيّد في الأساس أم لا؟ وإن كان مقيّداً فهل هو مقيّدٌ للمرأة أم للرجل؟
الحجاب في جوهره هو ستر وعفاف، والمحافظة على الشيء دليل على تقديرك له واهتمامك فيه وهذا الأمر هو لبّ الفكرة.
إن ابتذال السلعة وسهولة الوصول اليها يجعل الوسائل متعددة ورخيصة، وان كانت السلعة عزيزة وثمينة ومُقدّرة كانت الوسائل شريفة والغايات نبيلة.
كذا الأمر بالنسبة للمرأة حينما فرض المشرّع الحجاب أراد من ذلك قطع الطريق على النفوس المريضة من الوصول الى المرأة بالوسائل الرخيصة، كذلك من أجل وضع حدود لطبيعة العلاقات وتنظيمها بما يتلاءم مع نفاسة وقداسة المرأة في الاسلام.
وعليه فرمزية الحجاب تكمن في أنها تحافظ على المبادئ الاخلاقية الانسانية القاضية بتنظيم العلاقات الانسانية بما يحفظ كل كيان ويعطي أهمية له وبما يتلاءم وخصوصية كل منهم فقوله تعالى:"وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى‏ جُيُوبِهِنَّ" لم يكن تقييداً لها بل صيانة لها من النفوس المريضة والغايات غير الشريفة ولم تأتِ هذه الآية المباركة إلّا بعد أن قال تعالى:"وَ لا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ ما ظَهَرَ مِنْها" أي أن التقييد ليس بمطلق، بل بضوابط وحدود.
والأمر بعد هذا الفرض يجعل من تلتزم بالحجاب عليها أن تُحافظ عليه شكلاً ومضموناً لا أن تطبق جزءًا وتترك الآخر؟
وبعد هذا البيان نكون أمام حقيقة مفادها أن هذه الصيانة وهذا الحجاب للمرأة هو تقييد لحرية الرجل من الوصول اليها والتعرض لها، بل بما أن فرض الحجاب جاء من أجل تنظيم العلاقات فعليه قد سدّ المشرع الطريق أمام الرجل من أن لا يأتي البيت إلّا من بابه، وكان الأمر مُقيّداً للرجل لا المرأة.