ولأنه خالق الكون فهو يريدها أن تخلق حياتها هي ..



إكرام فكري
2022 / 10 / 8

المرور السريع في العمر مخيف جدا فكما كانت الطفلة تجاهد لتعلم المشي ، ها هي الآن سّقطت في الهاوية و تجاهد للنجاة منها هي فقط وجدت نفسها في الهاوية و ربما لو حاولت تدبر الأمر لن تستطيع حتّى استيعاب متى وصلت إلى هُنا أو كيف بدأ كُلّ هذا الهراء ...

تربيت على كرم الأخلاق واعتبرت بأنها "ابنة مثالية" لكن كلما تقدمت في العمر زادت القيود و باتت جميع تصرفات
الصبية خاضعة للمراقبة الصارمة مع التدخل في أدق التفاصيل بفرض قيود و قواعد جديدة لتربيتها بحجة أنهم أعلم منها ...

من السهل عليهم إطلاق الألفاظ المهينة و النهر و الضرب في حالات الغضب الشديد ، كما ينتابهم الشك في جميع تصرفات الفتاة ، و لا يهنأون إلا بطاعتها و لو كانوا على خطأ ... فهي من تحمل شرف العائلة وكرامتها وسمعتها كونها فتاة ....

هي طفلة .. لم يدللها أحد، ينقصها حنان الاب، تفاهم الأخ، حب الاخت، اهتمام الام و سط أناس فيهم الكثير من الموت و القليل من الحياة ...
الأمر الذي دفعها إلى البحث عن مصدر للحياة ، الحب ، الاهتمام في ألف رجل حولها و سرا أملاً بقليل من الحرية والسعادة.... أصبحت كالبيت الذي لا أنيس له .... يمر أي طارق غريب فيقرع الباب فيؤذن له بالدخول ...

لم تجد ما تبحث عنه، لم يفهموها، تنازلت بمرور الوقت، عن بعض مطالبها ، لتعويض باقي المفقود، حتى سقطت في الهاوية باصطدامها بمعارك الحب ، بعلاقات آثمة انتهت في نهاية المطاف بتدمير قلبها ..

و حين علم الأهل بما عملت ،
اهتزت موجات من الغضب و الشتم و الندم على ولادتها ....

صيحات الوعظ و الأخلاق ، تكون عندهم بالتخويف بإخبارها بأنها باتت مطرودة من رحمة الله فمن سيدخل جهنم سيراها معلقة من شعرها و يغلي دماغها ستأكل لحم جسدها و النار توقد من تحتها ستعلق من ثدييها لانها سافرة فاجرة ...

و لو كان قبل موجات التشدد و التخويف و الشتم موجات من الوعظ موجات من الاحتواء و الحب و الاهتمام لما فعلت ذلك يحببونها فيما هم عليه من ايمان و تقوى لا أن يجبروها عليه ببرمجتها بأن الله مخيف ... يحاسب مخلوقاً ويعذبه ويحرقه من أجل قطعة قماش ، أو يذل مخلوق أمام مخلوق آخر لاختلاف الجنس ....

هي ليست مجبورة على لباس معين و إذ كانت مجبورة على شيء فإنها مجبروة على القيام بما يجعلها تحيا لأن الله هو الحي و خلقها من أجل الحياة ...

ولأنه قوي( فهو )يريدها قوية لا ضعيفة مسكينة مغلوب على أمرها ...

ولأنه ملك الملوك( فهو )يريدها " ملكة " .... فهي ليست بشيء ( ليست بدمية أو طاولة أو .... ) كي يمتلك و يكون للزوج أو للناظرين ، و ليست زينتها وسيلة لتحقيق غايات الزوج أو غايات الناظرين ، إنها ذات فاعلة، إنها غاية ليست بوسيلة كل شيء فيها هو ملك لها فقط و مسؤوليتها هي فقط ، و لا يمكن للزوج و الأب و الأخ أن يكونوا مسؤوليين عن شيء لا يمتلكانه ..و ما تمتلكه الأنثى ليس بشرف او ملك لرجل ، هو ملك لها فقط و إن كان لا بد أن يكون شرفا لأحد ، فهو شرف لها و ليس لسواها ...
الانثى ليست بضلع قاصر لا بد أن يمتلك ليكون تابع لرجل ...


ولأنه خالق الكون( فهو )يريدها أن تخلق حياتها هي ..
لا تكُن إلا كما تريد هي .. لا كما تريد لها ثقافة تغسيل الاموات و تغليف المرأة .. لا تخلق حياة بقناعاتِ الآخر ... بل بقناعتِها .. بأعماقِها .. بأفكارِها ..و بخيالِها . و بأحلامِها ..