إيران : “لن نعود إلى ديارنا حتى نصنع الثورة”



شيرين شالكوي
2022 / 10 / 10

حوار شيرين شالكوي مع فاريبا، يوم 26 أيلول/سبتمبر 2022 في بروكسل. عنوان المقال من شعارات المتظاهرين. (1).

تعود فاريبا في هذه المقابلة، إلى سياق الانتفاضة الجماهيرية الجارية حاليا في إيران حيث النساء في طليعة النضال، احتجاجاً على نظام جمهورية إيران الإسلامية في أعقاب مقتل جينا (ماهسا) أميني، الشابة الكردية التي اعتقلتها شرطة الأخلاق الإيرانية وأوسعتها ضرباً بمبرر عدم احترامها قواعد اللباس المفروضة على النساء. وقعت منذ ذلك الحين، عمليات قتل أخرى واعتقالات عديدة، وخاصة في إقليم كردستان.

قابلنا فاريبا، في آذار/مارس عام 2019، في سياق إضراب 8 آذار/ مارس 2019 في بلجيكا. صادف هذا التاريخ أيضا مرور أربعين عاما على تأسيس نظام جمهورية إيران الإسلامية. كانت هذه المقابلة تمحص الحركة النسائية وسياق التعبئات العديدة ضد الارتفاع الصارخ في الأسعار.

ما سياق الانتفاضة السياسي والاجتماعي والاقتصادي حالياً؟

تمر شرعية النظام الإيراني بأزمة عميقة بسبب أزمة على جميع المستويات، اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. اندلعت منذ عام 2019، انتفاضات وإضرابات في جميع أنحاء البلد، ردا على ارتفاع الأسعار، خاصة بقيادة طلبة/ات وعاطلين/ات عن العمل ومدرسين/ات وسائقين.

من السابق لأوانه قليلا الحديث بدقة، لا أعرف ما إذا كان هذا سيكون تحليلي النهائي للحركة حالياً، لكن بوسعي تقاسم بعض الأفكار. كانت انتفاضات عام 2019 تحدث في ما يفوق 90 مدينة، لكنها مدن صغيرة غالبا ما كان فيها الغضب الساطع للغاية من تعبير شباب عائلات فقيرة، حتى لو كانت نساء أيضا منخرطات في الانتفاضات. كانوا ضد الارتفاع الحاد في أسعار النفط ووسائل العيش. ومع ذلك، كانت التعبئات ضعيفة في المدن الكبيرة مثل مشهد أو طهران، ومعظمها كانت حاشدة في الجامعات. تغير مجتمع إيران كثيرا في غضون ثلاث سنوات. أصبح مجتمعاً مفقرا إلى حد كبير، وهناك فجوة بين الأغنياء وبقية السكان. تجري الآن الانتفاضة في أكثر من 200 مدينة وفي كبرى مدن إقليم كردستان ولكن أيضا في مشهد وطهران ورشت ويزد وأصفهان. بات التصدع بين الأغنياء والفقراء أوضح، لذلك تدرك طبقة وسطى كانت أكثر ترددا في الانخراط في التعبئات، أن من مصلحتها التحرك إما لأنها أصبحت فقيرة أو لعلمها جيدا بإمكانية السقوط في براثين الفاقة. يدعو معظم السكان الآن إلى التصدي كحق، في حين لم يكن ذلك مقبولاً قبل ثلاث سنوات، عندما كان بوسع قسم من هؤلاء السكان توجيه انتقادات إلى الشباب المنتفضين ضد عناصر البوليس، وإلى أساليبهم تعبيرهم عن السخط.

لا يزال المتظاهرون/ات الذين يخرجون اليوم إلى الشوارع على ما يبدو إلى حد كبير شبابا تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما، لكنهم الآن متمتعون بدعم قطاعات كبيرة من السكان. ليست الحركة الحالية مجرد حركة دفاعية بوجه تعديات، بل ذات طابع هجومي. لم تعد شعارات «الموت للجمهورية الإسلامية» و «الموت للديكتاتور» و «الموت لخامنئي» مجرد شعارات، بل تتوافق مع ما يريد السكان تحقيقه بالفعل، إنها متطابقة مع استراتيجية. وهذا يجعل الانتفاضة «مدخل» بدء سيرورة ثورية كاحتمال.

بالإضافة إلى الانتفاضة على نطاق واسع، هناك عنصر آخر غير مسبوق متمثل في طرح مكانة قضايا تحرر المرأة في التعبئات. تشكل هذه أول مرة في تاريخ الحركة النسائية والانتفاضات في إيران والمنطقة حيث تثار جميع القضايا الأخرى (الاقتصادية وحرية التعبير، الخ) حول مسألة الجندر. يعد هذا حدثا تاريخياً. لم أر ذلك بأي وجه في بلد آخر مثل باكستان أو العراق. تقود النساء النضال، ويناقشن التكتيكات والشعارات اللزم استخدامها. لم نعد نسمع شعارات جنسوية كما كان من قبل، ولا حالات تحرش كما هو الحال في تعبئات أخرى، في حين ينزلن إلى الشوارع دون ارتداء الحجاب. تحظى النساء وما يقمن به من دور قيادي باحترام متزايد من قبل الرجال. وكما هو الحال في كل مكان، هناك تاريخ طويل من اضطهاد المرأة في إيران، سبق النظام الإسلامي ولكنه تفاقم في ظل هذا النظام. يكتسي مقتل جينا (مهسا) أهمية، لأن كل شخص يحظى بمكانة في الأسرة والمجتمع. لم تكن جينا الأولى ولن تكون الأخيرة، لسوء الحظ. وقعت منذ وفاتها، 70 جريمة قتل جديدة لأشخاص تعذر إيجاد أسماء الضحايا، ومن المعتقد احتمال سقوط ضعف أو ثلاثة أضعاف ذلك العدد. تشكل إيران نظاما ثيوقراطيا. تعتبر انتفاضة النساء أمراً رئيسياً. لكي يصبح البلد علمانياً، ويتحقق الفصل بين الدولة والدين. يشكل نظام إيران نظاما رأسماليا ومن اللازم محاربته بهذه الصفة، لكن رأس النظام هو الأيديولوجية الإسلامية. وتهاجم الحركة النسائية الأيديولوجية. ليست مسألة اضطهاد النساء المشكلة الوحيدة في ظل نظام ثيوقراطي، ولكنها مسألة رئيسية. تعني محاربة هذا الاضطهاد مهاجمة رأس النظام. تعتبر مهسا اسما أساسياً تعبيراً عن كل أشكال السخط وفضح جميع المشاكل.

استغرق الأمر أثناء اندلاع «الحركة الخضراء» عام 2009، 8 أشهر للانتقال من مطلب «أعيدوا لي صوتي الانتخابي!» إلى «الموت للديكتاتور!». وكان بالفعل، سماع شعاري “الموت للديكتاتور!” و«الموت للجمهورية الإسلامية!» يتردد بعد مقتل ماهسا، في فترة ما بعد الزوال. تمكن السكان من ربط صلة سياسية بقتل مهسا والدولة، وهذا أمر غير تلقائي في حركة، وغير دائم. الأمر واضح الآن في إيران: عندما تُقتل امرأة عمرها 20 عاما في السجن، يبدو بجلاء أن من مصلحة الثيوقراطية قتل امرأة بمبرر عدم احترامها قواعد اللباس. شهد وعي الناس تقدماً، ما قد يضفي طابعا ثوريا على لحركة.

أنا فخورة بشعب إيران، ولا أمتلك كلمات تفسير شجاعته. لا يعرفون/ن ما إذا كانوا سيعودون/ن مساء، عندما يغادرون/ن منازلهم/ن. يخرج آلاف الأشخاص إلى الشوارع بلا علم ما إذا كانوا سيظلون/ن على قيد الحياة في اليوم التالي. يتعلم الناس بالممارسة كيفية القتال والدفاع عن النفس. يمكن رؤية صور من المتعذر تصورها قبل ثلاث سنوات. على سبيل المثال، الأشخاص الذين لا يستطيعون النزول إلى الشوارع ولكن أبواب منازلهم تظل مفتوحة حتى يتمكن المتظاهرون/ات من اللجوء إليها إذا لزم الأمر. وترك حتى متدينون جدا أبوابهم مفتوحة. إنهم يجازفون إلى حد كبير. إن قوات البَسيج (3) قادرة على ولوج المنازل وإطلاق النار على عائلة بأكملها. لا يمكن تصور هذا العنف. من الواضح أن المتظاهرين/ات ومن يدعمهم/ن من أشخاص، يعلمون/ن أنهم/ن يخاطرون/ن بحياتهم/ن.

هل بوسعك الحديث عن أهمية المسألة الكردية في الانتفاضة؟

علينا الدفاع عن حق الأكراد في تقرير المصير في إيران، وفي أن يكون لهم/ن دولتهم /ن الخاصة بالمعنى الذي كان لينين يتحدث عنه، وأن يتمكنوا/ن من اتخاذ قراراتهم/ن بأنفسهم/ن، والتحدث بلغتهم/ن الأم. لكن هناك وجهات نظر مختلفة. ثمة بعض الأحزاب الشيوعية التي لها، في رأيي، إجابة جيدة على هذا المسألة المطروحة: نحن بحاجة إلى خلق حدة لمحاربة النظام الإسلامي وفي الوقت نفسه لزوم الدفاع عن حق الأكراد في تقرير المصير. لكن هناك أيضا موقف كردي قومي برجوازي مثل موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (PDKI) المدافع عن فيدرالية بغض النظر عن النظام الحاكم. وهناك موقف آخر هو موقف حزب الحياة الحرة الكردستاني PJAK، المقرب من حزب العمال الكردستاني، الذي يحارب أحيانا نظام إيران ويتحالف معه أحيانا وفقا لمصالحهما. من ناحية، يدافع هذا الحزب عن الأكراد ونحن مدينون له بشعار «المرأة، الحياة، الحرية (4)»، لكنهما من ناحية أخرى ليسا ضد نظام إيران حقا. على سبيل المثال، كانا قبل عشر سنوات إصلاحيين وبعلاقات جيدة مع الأحزاب الإصلاحية في كردستان. يشكل إقليم كردستان في إيران المنطقة الوحيدة حيث تتواجد أحزاب لتنظيم الناس وتعبئتهم للنزول إلى الشوارع. ولا توجد أحزاب في إيران، خلاف ذلك. إن الانتفاضة حالياً في جميع أنحاء البلد عفوية وغالباً ذات طابع غير منظمة.

تتمثل المسألة الأهم الآن في مسألة قيادة الحركة ليصبح البلد علمانيا. هذه واحدة من القضايا المثيرة للجدل في صفوف المعارضة. من الضروري بناء فضاءات ذات طابع تكتيكي واستراتيجي، كما هو الحال في جميع الحركات، للانتقال من انتفاضة إلى ثورة. كيفية الدفاع عن موقف ذي طابع موحد وثوري لإطاحة النظام الرأسمالي والنظام الثيوقراطي على حد سواء.

ما رأيك في ردود فعل فرنسا أو بلدان أخرى؟

نحن بحاجة إلى قيادة ثورية. تريد البلدان الغربية الإمبريالية ممارسة تأثير في ما يحدث. تنتظر زعيما برجوازيا لكن مشكلتها في عدم ايجاد الشخصية المطلوبة وضعها مكان النظام. نسمع في هذه اللحظة، تصريحات دعما لنساء إيران في كل مكان، ومن الصعب تحديد حساباتها حقا. أعتقد أن حكومات البلدان الإمبريالية تسعى إلى كسب الوقت من خلال فصل مسألة حرية النساء عن انتفاضة ذات طابع شامل. هذه هي الصورة الرائجة في وسائل الإعلام الخاصة بها. مع ذلك، تحمل الانتفاضة أيضا مسألة الطبقة، ومسألة القومية (أقليات عرقية)، وحرية التعبير. لا يمكن الفصل بين النضالات ويجب محاربة الإمبريالية. يتمثل أحد أعظم الدروس المستخلصة من ثورة عام 1979 في أن البلدان الإمبريالية الأجنبية تسعى إلى الدفاع عن مصالحها، وغير مهتمة بمسائل الحرية. تسعى الآن إلى كسب الوقت لإيجاد قيادة ستدافع عن مصالحها على أفضل وجه. ستختبر وتبحث عن امرأة، وستجرب في صفوف مؤيدي الملكية ورضا بهلوي واتجاهات أخرى. تشكل هذه اللحظة أيضاً والحالة هذه اللحظة الذي يتعين علينا فيه بناء قيادتنا الخاصة.

ما ردود الفعل داخل نظام إيران؟ هل يحظى هذا النظام بالدعم؟

كان معظم المتدينين الفقراء أساس النظام قبل 40 عاما. كانوا مؤمنين بالدين والإسلام. لكن النظام فقد هؤلاء الناس عاما بعد عام، بسبب نفاقه. أدرك أنصار النظام الإسلامي يوما بعد يوم، أن ما كان النظام يدافع عنه لا يمت بصلة إلى الدين، ولا إلى دولة في خدمة الفقراء والأمة. يتشكل أساس النظام حالياً من أشخاص يتقاضون أجورا من النظام، وليس من مقتنعين بأيديولوجيته. الأمر مختلف جدا. كان لهم سابقاً في العراق وسوريا ولبنان، أنصار، أشخاص على اقتناع بنظام إيران. لكن إيران الآن يعوزها المال لدفع ثمن هذا الدعم. أما في لبنان، فالسكان صريحون: «لا نريد نظام إيران وحزب الله بعد الآن». شهد العراق أيضا، في المدن ذات الأغلبية الشيعية مثل بغداد، احتجاجات ضد نظام إيران. كان النظام أقوى بكثير في هذه المناطق سابقاً. تواجه الحكومة صعوبة متزايدة في إيجاد مصاريف تمويل مؤيديها، بسبب العقوبات الدولية وحرب روسيا في أوكرانيا وبالتالي تضاؤل دعم روسيا لإيران في شأن في الاتفاق النووي.

يسعى النظام إلى التغلب على الانتفاضات بطرق مختلفة هي مثار نزاعات حتى داخل النظام. بين أكثر قطاع إصلاحية يرى ضرورة مزيد من مجال النقد، وإصلاح قطاع شرطة الأخلاق، إلخ، والمدافعين عن زيادة حدة القمع بقبضة من حديد. تسعى هذه التكتيكات في كلتا الحالتين، إلى تحقيق إنقاذ النظام الإسلامي كهدف وحيد.

كان روحاني في رأيي، فرصتهم الأخيرة لإضفاء صورة إصلاحية مخادعة على النظام. لكن في عهد روحاني، اندلعت اثنتين من أكبر انتفاضات إيران بسبب التضخم والأزمة الاقتصادية. وكان شعار المتظاهرين: «لم نعد في حاجة إلى الإصلاحيين ولا الأصوليين!». نصب خامنئي إبراهيم رئيسي السفاح الذي أعدم آلاف السجناء رئيساً في البلد، بعد روحاني. كان من الواضح أن إصلاحاً ما في عهد رئيسي، بات غير وارد تماماً. يسعى البعض إلى اكتساب سمعة معارضة مثل الرئيس السابق أحمدي نجاد، هذا الرئيس المحافظ للغاية الذي برزت في عهده الحركة الخضراء وقتل كُثر مثل ندى آغا سلطان. أدلى بالأمس، بتصريح دعما للحركة النسائية. يعطي هذا فكرة عن مدى نفاقهم. ما يسعون إلى القيام به، واحدا تلو الآخر، هو الظهور بمظهر منتقدي النظام حالياً فيما يختار آخرون التزام الصمت بدلا من ذلك.

يمارس النظام طريقة أخرى لإنقاذ صورته وهي استعراض قوته من خلال تنظيم تظاهرات بانخراط قاعدته. عندما دعا النظام قبل خمس سنوات، إلى تنظيم تظاهرات، أجبر بضعة آلاف أشخاص، بمن فيهم طلبة/ات على المشاركة فيها. حتى أنا عندما كنت طالبة، أرغمت على الخروج في هذه التظاهرات. انخرطت فيها مرات عديدة. كانت هناك حافلة تقلنا من المدرسة ونسمع: «عليكم المشاركة اليوم في التظاهرة». كان الذهاب إليها ضرورياً، لم يكن خيار الرفض قائماً. الأمر نفسه بالنسبة لطلبة/ات الجامعة، والممرضات، ومن يعملون لصالح الدولة، وبالطبع الجنود (المتظاهرين في زي مدني).

يواجه النظام الآن صعوبات كبيرة لتنظيم هذه التجمعات، بسبب امتناع الطلبة/ات على المشاركة فيها ورفض أولياء أمور التلاميذ السماح لأبنائهم بالذهاب إليها. معظم المشاركين في هذه التظاهرات الآن أفراد من عائلات أعضاء الحرس الثوري والباسيج. تزيف الحكومة صور ومقاطع فيديو هذه التجمعات. يكون الأمر أحياناً فاضحاً لدرجة الانذهال. على سبيل المثال، يمكن بجلاء رؤية صورة مجموعة 30 متظاهرا وقد استنسخت مرات عديدة في صورة واحدة توحي بوجود آلاف الأشخاص. أو يأخذون مقاطع فيديو تظاهرات سابقة والادعاء أنها حالية.

كانت هناك دعوة لخوض إضراب هذا الصباح، هل يمكن قول المزيد؟

كان الاشخاص في الشوارع على مدى 10 أو 11 يوما، ما يثير الإرهاق. من ناحية أخرى، تشعر القوات المسلحة للنظام بالتعب أيضا لأنها لم تنم منذ عدة أيام. تصل رسائل من جنود (في الخدمة العسكرية الإلزامية) شاهدة على ذلك ومشجعة على استمرار الناس في النزول إلى الشوارع. لكن هذه الشوارع دامية والناس منهكون. من الصعب جدا البقاء أعزل في الشارع. حانت لحظة ممارسة استراتيجية أخرى وهذه الدعوة إلى الإضراب في المدارس تأتي في اللحظة المناسبة. شن الطلبة اليوم، إضرابات من جامعات مختلفة. يجتمعون أمام الجامعات لكنهم لا يدرسون. هناك أيضا إضرابات تخوضها «نقابات» مدرسي/ات المدارس والثانوية. تدعو هذه النقابات إلى إضرابات على مدى يومين أسبوعياً. بهذه الطريقة، بوسعها البقاء على اتصال مع التلاميذ وأولياء أمورهم، وشرح أسباب الإضرابات للتلاميذ. يتضح شكل آخر من أشكال الإضراب وهو إضراب الفتيات الصغيرات اللواتي يذهبن إلى المدرسة بدون حجاب ويتجمعن أمام المدرسة دون ولوج الفصول الدراسية. هذه أشكال جديدة من الإضرابات. ومن المتوقع أخبار عن عمال/ات في قطاعات أخرى. لا توجد في إيران، نقابة رسمية وقانونية كما هو الحال هنا. الأمر ليس سهلا. على سبيل المثال، هشمت قوات الباسيج وعناصر الحرس الثوري الإيراني نوافذ جميع المتاجر التي شنت إضرابات في إقليم كردستان الأسبوع الماضي. قد يؤدي الإضراب في إيران إلى تعريض الحياة للخطر. لا يعني الأمر مجرد اقتطاع من الراتب. إذا انخرطتم في إضراب بوسع النظام اعتقالكم وسجنكم، إذا أراد ذلك. ثم أنتم لا تعرفون ما إذا كنتم/ن ستعودون/ن أحياء/ات.

ما هي المنظمات القائمة في المنفى؟

هناك فرق بين ما تشهده شوارع إيران وما يحدث خارج إيران أو في الشتات أو المعارضة الموجدة في المنفى. من الواضح أن الأشخاص الذين يعارضون النظام في إيران، متحدون وعليهم أن يكونوا كذلك ضد عدو مشترك. ما من مكان أو فرصة مناقشة مختلف السياسات لديهم. نسمع هنا وهناك ما يحدث في الشوارع، وما هي الشعارات المترددة. يهتف أحياناً بعض أنصار الملكية بشعاراتهم، لكن يجيب آخرون «اخرسوا تبّاً، هذه ليست شعاراتنا!». لكن هذه ليست نقاشات سياسية حقا. وهذا غير ممكن في إيران. إنهم متحدون للنضال. ولكن هنا، في المنفى، متسع لهذه النقشات ونحن نشعر بذلك. ليست القوى الاجتماعية ضد النظام الإسلامي في إيران كلها متشابهة. هناك وجهات نظر سياسية عديدة. يدعو أنصار الملكية والقوميون إلى الوحدة وتأجيل أسئلة البدائل إلى ما بعد إطاحة النظام. أرى أن هذه رسالة خطيرة جدا. لقد مررنا بهذه التجربة قبل 43 عاما وبعد ذلك مباشرة، كان لدينا الخميني. من الصعب النضال والاتحاد في إطار هذه الاختلافات الكبيرة. من الاستحالة الانخراط في نفس التظاهرة بين صفوف الملكيين والقوميين واليمينيين المتطرفين مع الحركات النسوانية التقدمية واليسارية والاشتراكية والشيوعية.

هناك حضور كبير لأعلام بالأسد والشمس (5) في التظاهرات هنا في بلجيكا، هل هذا يتوافق مع قوة منظمة؟

كانت الملكية قائمة على القومية. تقلص دور القومية في ظل الجمهورية الإسلامية، لاعتماد رجال الدين على فكرة الأمة بدلا من ذلك، وهي وحدة جميع المسلمين في جميع أنحاء العالم بغض النظر عن جنسيتهم. هناك عودة للنزعة القومية حالياً. ويدرك السكان الحاجة إلى الاتحاد لإطاحة النظام، لكن دعوات إلى «وحدة إيران» تمنح الملكيين أيضا فرصة الحديث عن العائلة الملكية لتوجيه مسار هذه الوحدة. وهذا أمر خطير للغاية. يدافع الملكيون أو القوميون عن نظام استبدادي وعنصري. فهم يرون على سبيل المثال، ضرورة الغاء اللغة الكردية.

أصررت لهذا السبب في التجمع الأخير في بروكسل على أن جينا مهسا أميني فتاة كردية، لا تستطيع التحدث بلغتها الأم. ما يتيح توضيح الاختلافات في البرنامج السياسي. بالطبع أنا أناضل ضد اضطهاد النساء، لكن في اللحظة نفسها سأناضل من أجل حق الأكراد في تقرير المصير، حتى يتمكنوا من التحدث بلغتهن. هذه هي الوحدة. إذا تحدثنا عن الوحدة، يجب النضال لمحاربة جميع أشكال الظلم. ولا علاقة لذلك بالوحدة على أساس شعور قومي.

يتضح في التظاهرات الحاشدة الداعمة للانتفاضة كما هو الحال في تورونتو ولندن وأستراليا وبرلين وواشنطن، أن معظم الأعلام بشعار الأسد والشمس. لا يشكل غالبية الأشخاص الملوحين بهذه الأعلام مؤيدي الملكية بل النزعة القومية. يرددون شعارات مثل «كلنا إيرانيون»، في إشارة إلى إيران سابقاً، أي إلى بلاد فارس الإمبراطورية، بالنسبة لمعظم الناس. إنه أمر خطير. لهذا السبب نسعى إلى تنظيم التظاهرات فقط بشعارات وقوى تقدمية. يلزم أن نكون قادرين على تقبل خلافاتنا السياسية.

نضالات قادمة في بروكسل

ننظم تجمعاً يوم الجمعة 30 أيلول/سبتمبر 2022 أمام سفارة إيران في بروكسل (15، شارع فرانكلين روزفلت) وتظاهرة يوم السبت 01 تشرين الأول/أكتوبر 2022 ابتداء من الساعة 13 في ترون.

ندعو جميع القوى التقدمية في بلجيكا إلى الانضمام إلينا. خاصة الحركات النسائية والنسوانية والحركات العمالية، لدعم الشعب إيران. نحن لا ندعو أعضاء حكومة ودولة بلجيكا، ونحن على علم بالصلة القائمة بين مصالحهم ومصالح النظام. كما لا ندعو اليمين المتطرف إلى توظيف شعاراتنا النسوانية كدعاية لأهدافه العنصرية. عندما يرفعون شعاراتهم دفاعاً عن أهدافهم، فإنهم يفعلون ذلك تماما مثل نظام إيران، ويستغلوننا كأشياء.

ترجمة المناضل-ة