في اليوم العالمي للطفل والطفولة: ماذا فعلنا لتلبية اتفاقية حقوق الطفل؟



تيسير عبدالجبار الآلوسي
2022 / 11 / 20

ما أسئلة اليوم العالمي للطفل المرتبط بقرار الأمم المتحدة ذي الرقم (A/RES/836(IX) باعتماد العشرين (20) من تشرين الثاني نوفمبر احتفالية أممية عالمية مخصوصة بالطفل؟ وقبل ذلك ومن أجل ولوج عالم الطفل والطفولة في العراق اليوم، فلنبحث في بعض مسارات الاحتفالية المتخصصة من جهة الشروع بها منذ العالم 1949 بقرار من اتحاد النساء الديموقراطي العالمي مروراً باعتماد الأمم المتحدة في العام 1954 لهذا اليوم احتفالية رسمية أممية عالمية ومن ثمَّ إقرار يوم العشرين من نوفمبر رسمياً بخلفية إقرار اتفاقية حقوق الطفل وصدورها بهذا اليوم عام 1989. ومع أنّ الاحتفال يتم ببلدان أخرى يوم الأول من حزيران يونيو من كل عام استنادا لحدث مهم تم إطلاقه في منتصف القرن التاسع عشر سُميّ حينها بيوم الورود إلا أنَّ هذه الاحتفالية مازالت مستمرة في ضوء ما ذكرنا من صدور الإعلان العالمي لحقوق الطفل في خمسينات القرن العشرين ثم الاتفاقية المشار إليها في الثمانينات. [[بعض المعلومات الواردة تستند إلى معلومات بصفحة الأمم المتحدة واليونسيف ومنظمات أخرى]]
إنَّ اختيار يوم الإعلان عن حقوق الطفل وهو ذاته يوم إصدار اتفاقية حقوق الطفل جاء ليتيح منصة الاحتفال بالطفل ومنحه ما يساعده على تطبيق ما تمّ تسجيله بميادين حقوقه: المدنية، الاقتصاسياسية، والثقافية بعالم يشمله بالعدل والمساواة وفتح آفاق تنمية الشخصية وبناء قوتها لتجاوز الأزمات وكبح جماح تغوّل الفقر والجوع وانتفاء الصحة والتعليم وبقية الحاجات التكوينية التي تتبناها اليونسيف ولجنة حقوق الطفل بالأمم المتحدة..
إنّ الأطفال يمثلون قضية وجودية للإنسانية جمعاء وهم ليسوا مناسبة احتفالية عابرة لتلامذة المدارس وللعوائل والمجموعات المعنية مجتمعياً.. لكنّنا بمجابهة جدية تتبنى حجماً نوعياً من الأنشطة والأعمال الاحتفالية التي تمنح الطفل والطفولة قدرات التحدي وممارسة حيواتهم الطبيعية ومنع الاستغلال الذي قد يقع عليهم وإبعاد التشوهات المؤثرة سلباً على وجودهم.. ومن هنا كانت مهام الاحتفاليات تركز على نهج بناء الوعي المتميز بأبعاد حضارية تتلاءم وآخر خطوط التقدم البشري. دع عنكم هنا أنّ إبعاد الآلام والمتاعب والأوصاب عن الطفل والطفولة وإدخال المسرة يشكل جزئية تكوينية لتعزيز القوة والقدرة لديهم وفي بناء شخصياتهم وتحديد مستقبل أفضل لتلك الشخصية..
إننا إذ نتحدث عن احتفالية فإنما نتحدث عن مواقف بناءة للمجتمعات في تلبية شؤون:
1. صحة الطفل بدءا بصحة الجنين وليس انتهاء ببناء شخصية الطفل ما قبل الـ18 من عمر المرء.
2. ولربما كانت قضايا البيئة ومنها قضية المياه الصحية بكل مفرداتها واحدة من وسائل بناء تلك الشخصية وحماية حقوقها.
3. كما إن توفير الغذاء والدواء أمر بنيوي في نمو الطفل والتوكيد على العقل السليم في الجسم السليم الخالي من الأمراض وهنا نجد بلدانا كثيرة من عالمنا النامي الثالث تقبع بمنطقة سوء التغذية والفقر والفاقة حد الوقوع فريسة المرض والموت ما يتطلب عبور تلكم المحن بمعالجتها بخاصة مع تفاقم أزمة الغذاء اليوم..
4. والانتباه على حاجات ما يرتديه الطفل وأين يمكنه السكن وبأية ظروف تبقى حاجة حيوية في بناء وجود سايكوسوسيولوجي صحي سليم..
5. ونحن في مرحلة تالية سنجابه موضوع تعليم الطفل وسلامة التعليم بمستوياته وأدواته كافة وإشكالية عمالة الأطفال وما تعنيه من استغلال فاحش يسيء لنهج الأنسنة وسلامة نموها وحمايتيها.
6. ثم تأتي قضايا الحريات ومنها حرية التفكير وحرية التعبير وحق المساهمة وبالنقاشات المجتمعية لتكون ركيزة من ركائز بناء عالم الطفل وحقوقه. وما يعنينا هنا يكمن في كسر المسبقات المفروضة على الأطفال في ميدان تحديدهم بقناعات وأفكار واعتقادات تسلبهم حق الاختيار بمرحلة لاحقة من وجودهم وتشوه أي معلم لاستقلالية ذلك الوجود وسلامة الأداء فيه..
7. لكن بجميع الأحوال والمسارات لابد من توافر الحماية التامة والرعاية الوافية الكافية للطفل من أطراف المجتمع جميعاً بخاصة في تجاوز منطقة استغلالهم ببكل اشكاله من الاتجار بهم إلى الاستغلال الجنسي، وعبوديتهم، وأنواع ابتزازهم، وجوديا..

والآن ما ظروف الطفل والطفولة عراقيا وعربيا بدول المنطقة!؟ إنّ مجرد التساؤل الذي نطرحه يشكل خطورة تصطدم بتهديدات النظام كونه نظاماً كليبتوفاشيا أو مافيوفاشيا بمنظومة قيمية للفساد حد النخاع وللقمع الميليشياوي الموجه بزعامات الحرب الطائفية ومرجعياتها المتسترة بجلباب التدين الكاذب وعمامته الزائفة.
فطبقة الكربتوقراط (الدينية!) هي ذاتها الطبقة التي تبتز الأطفال وتستغلهم بأبشع ما يكون!! حيث بات ملايين منهم يشكلون ظواهر أطفال الشوارع والمجندين بالميليشيات والمكرهين على تعاطي المخدرات وبيعها أو توزيعها بجانب اختراق فئة النساء بهذا الخصوص والشبيبة دع عنكم حجم عمالتهم بسبب البطالة والتشغيل المجاني أو بأجور هزيلة..
وحتى يكونوا طوع بنان تلك الطبقة الفاسدة المفسدة يُشاع إهمال صحي مع انعدام لمنظومة التعليم أو تشويه لدورها التربوي بخاصة مع إشاعة منطق الخرافة بحجة التدين وفرض (دروس) لتعليم كيفية دفن الموتى! واستدعاء مخيلة مرضية لقضايا جدلية تخص اللطم وضرب الزنجيل و-أو التعازي وكل ذلك مما بات يدركه العراقيون حصرا وربما بعض أصقاع اليمن وسوريا يجري بديلا للتعليم ولأنشطة الطفولة التي انطلقت بمسمى (الورود) ونشر الابتسامة والراحة النفسية ليدخلوا الرعب والهلع ويسوّقوا لفلسفة التبعية والعنف واختلاق أجيال وعناصر بين إرهابية وبين خانعة تابعة لتوجيهات تخريبية خطيرة..
إنه لمما ينبغي أن يحتج عليه كل أب وأم ليقفوا بوجه تحويل رياض الأطفال والمدارس إلى منصات تخريب الأنفس وبنائها بالسلبي المرضي مما لا يمكن لعقل سليم أن يقر سببا له.. وما يجري هو ارتكاب جرائم بحق الطفل والطفولة وليس تربية كما تنص المنظومة القيمية للإنسانية أن يجري تربية الأطفال عليه وهو مما لا يدخل بإيمان أو عقيدة سليمة بقدر خضوعه لمنطق الخرافة ونهجها وما يستتبعها من استغلال...
إن الطفل بمنطقتنا وفي العراق كما تشهد كل الظروف المعاشة محروم من جميع الحقوق إلحاقا بحرمان الإنسان من حقوقه وحرياته وهو منهوب من أبويه كي يحيا بأحضان مستغليه من سوقة تافهين يرتدون أردية التدين من جهة في المدارس وأردية القدسية في التشكيلات الميليشياوية المسلحة..
إننا بهذه المناسبة ينبغي أن ندين محاولات التستر التي تنشط ببعض العطايا التي تقر لقوى التنوير بفعاليات لا تُغني ولا تسمن فيما هي متأكدة من سطوتها على ميادين الحياة ومنصاتها..
ومن بيين ذلك سنجد بعض محاولات ضعيفة تحاول منح الطفل فرص حياة حرة كريمة من قبيل وجود برلمان للطفلو-أو منظمات حقوقية متخصصة لكنها لا تتجاوز حجم الأنشطة الفردية المحاصرة الواقعة بمنطقة التعمية والتستر عند تجييرها لما يطغى من فعاليات منظومة التخلف والتجهيل التي تسطو على المشهد العام ببلدان المنطقة مثلما العراق نموذجا!!
إنّ المطلب اليوم يكمن في حجم وعي هذه القضية وإدراك حجمها الكارثي إذا ما استمر إهمالها بكل تفاصيل محاورها التي أشرنا إليها سواء بمستوياتها العالمية أم بمستوياتها المحلية والإقليمية..
إننا بمجابهة واقع كارثي تراجيدي يتطلب وقفة نوعية تستطيع التصدي للحملات المتسترة بالإيمان منذ عقود بعيدة وبخلافه فإن الصمت والسكوت والسلبية هو مشاركة فعلية بالجريمة وفي طعن الأبناء بمقتل..
ولابد هنا من التذكير بكل ما سجلناه بمناسبات رديفة أخرى بشأن الطفل والطفولة من قبيل:
1. في الثاني عشر من شباط فبراير مِن كلّ عام يصادف اليوم العالمي لمناهضةِ تجنيدِ الأطفال.
2. الرابع من حزيران يونيو بمسمى: اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء
3. الثاني عشر حزيران يونيو بمسمى: اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال
4. الثاني عشر من آب أغسطس بمسمى: يوم الشبيبة الدولي
5. الحادي عشر من تشرين أول أكتوبر بمسمى: اليوم الدولي للطفلة
6.
وهذه المناسبات تتضمن عمقا وتفصيلا تنبني عليه مسيرة تطبيق اتفاقية حقوق الطفل مثلما تتداخل مع مناسبات أخرى لحماية الإنسان ونموه السليم ومنع استغلاله بأي شكل من الأشكال..
إننا بحاجة لإعادة تنظيم منظماتنا الحقوقية المتخصصة وتوحيد جهودها ومأسستها وإبعادها عن الأنشطة الفردية المحدودة المحاصرة وعن الشللية ومنطق التشظي والتمزق والتناحر مما يُضعِف فعالياتها.. وعلينا هنا أن نتلمس ما تمّ تحقيقه من أفق وثائق وطنية محلية وإقليمية بدءا لتفعيل تنفيذها بعد أن جاءت بنضالات وتضحيات جسيمة وبفروض أممية ليست سهلة.. كما علينا أن نتجاوز اليوم قبل الغد تلك السمات المرضية التي تصيب عادة اشتغالاتنا المنظماتية ولتنطلق آفاق التحرر والانعتاق لمصلحة أولوية قضايا الطفل والطفولة قبل أن تحل كوارث بلا منتهى ولا أي شكل لحل يفي بالأنسنة!