حول الانتفاضة النسوية في ايران



نساء الانتفاضة
2022 / 11 / 25

يمكننا القول وبدون تردد ان الانتفاضة الجارية في ايران والتي اطلقت شرارتها النساء المعترضات على مقتل الشابة مهسا اميني، هي اهم حدث سياسي تشهده المنطقة منذ عام 1979، والسبب الموضوعي لاعتبار هذه الانتفاضـة من الاحداث الفاصلة في تاريخ المنطقة هو الطابع النسوي الذي يميزها، فللمرة الاولى تستطيع نساء إيران تجسيد وتمثيل تطلعات مختلف الشرائح المتضررة من النظام الاسلامي هناك.

ان نظام الإسلام السياسي الحاكم في جمهورية إيران الاسلامية، يرتكز في بقاءه واستمراريته على اخضاع المرأة وتهميشها والسيطرة عليها، وواحدة من الاساليب المعتمدة في عملية الاخضاع هذه هي الحجاب الاجباري، الذي يعني بالمحصلة النهائية ان تكون المراة مجرد تابع مسيطر عليه من قبل السلطة السياسية الدينية، التي لا تدخر جهدا من اجل ابقاء هذا الرمز والحفاظ عليه بأي ثمن، لذلك فهي تنشر شرطة الاخلاق في كل مكان من اجل ضمان فرض قوانينهم الرجعية المتخلفة.

سؤال يخطر في بال الكثيرين وهو، ماذا لو كانت إيران بدون حجاب اجباري؟ والإجابة عنه تعني ان ايران بدون حجاب هي ايران بدون ولاية فقيه، والنظام هناك يدرك جيدا هذا الامر، لذلك فهو يواجه الاحتجاجت الحاصلة في اغلب مدن إيران بالقمع الوحشي، لكن ورغم كل الاساليب البربرية التي يتبعها بالضد من المنتفضين، الا ان قاعدة هذه الانتفاضة تتوسع يوما بعد اخر وتتطور اساليبها، ما يحد من قدرة النظام على السيطرة عليها.

ان حجم الاعتراض داخل المجتمع في ايران وصل الى الحد الذي تقف أمامه اجهزة ومليشيات النظام الايراني عاجزة عن فعل شيء.
وبحكم تراكم االفقر والبؤس وانتشار البطالة، ونتيجة لتجارب الحركات الاحتجاجية التي رافقت مجيء سلطة الاسلاميين واستمرت الى يومنا هذا، كل هذه العوامل جعلت هذه السلطة غير قادرة على ايجاد الحلول لازماتها المتفاقمة، خصوصا ان الاحتجاجات الحالية التي تشكل المرأة عمودها الفقري ضربت جوهر وقلب النظام الاسلامي الايراني.

بغض النظر عن قدرة الانتفاضة الايرانية على ازاحة سلطة الاسلاميين من عدمها في الوقت الحالي، الا انها بكل تأكيد عمقت من ازمة هذا النظام وهزت اركانه. كما انها ستلهم كل الحركات النسوية التحررية في المنطقة وبضمنها العراق. بالاضافة الى انها ستكون صفعة في وجه كل القوى الذكورية المتخلفة التي تحاول ان تحصر الثورات والانتفاضات الجماهيرية بيد الرجال، محاولة التقليل من دور المراة وقدرتها على احداث التغيير، فالمرأة الايرانية أصبحت ايقونة ليس على صعيد التحرر والمساواة فقط انما على صعيد قيادة واحداث الانتفاضات الثورية الجماهيرية الشاملة.

كل الدعم والمساندة للمرأة الايرانية في سعيها الحثيث من أجل الحصول على حقوقها ومساواتها، وهي تواجه واحدة من اكثر السلطات الدينية القمعية المتخلفة على مستوى العالم.