تأييد عربي لثورة الإيرانيات.. أين هو ليطبّق داخل المجتمعات العربية؟



ملداء نصره
2022 / 12 / 7

تزامنت الاحتجاجات في إيران طوال شهرين مع تأييد عربي واسع سواء من وسائل الإعلام أو رواد مواقع التواصل الاجتماعي.. تأييد لصوت الإيرانيات بالدعوى لنزع الحجاب وخلع الشرطة الأخلاقية عن حياة الشعب، كذلك تنديد عربي بقمع الحكومة الإيرانية لحرية شعبها الاجتماعية وسياستها الدينية الخانقة.

هذا التأييد العربي الذي يتناقض مع واقع حال مجتمعهم وإعلامهم، حيث يجري العكس تماما في حملة ممنهجة وخبيثة لتوجيه الرأي العام العربي عبر وسائل التواصل الإجتماعي إلى حياة قمعية خانقة، تكفير وإساءة أخلاقية وانتقاد وحشي لمظاهر الحرية في المجتمع.
بالإضافة لتحقير وتكفير للأديان والمعتقدات حول العالم.

قبل أن نجد كل هذا الدعم العربي للاحتجاجات في إيران ينبغي أن نجد ذات الدعوات والاحتجاجات لمجتمعاتنا العربية، صحيح أنّ معظم الحكومات العربية لا تفرض الحجاب، لكنها تفرض شرطة أخلاقية للباس الجامعي، وتفصّل قوانينها على مقاس تشريعات دينية لا تناسب العصر..
كما أنّ المجتمع نفسه يفرض قمعه على حرية اللباس والمعتقد بالتنمر والإساءة والتكفير.

مثلما أيًد العرب ثورة الإيرانيات بنزع الحجاب، فلتخرج ذات الدعوى والتعاطف لأجل المجتمعات العربية وللنساء العربيات، وتعديل المناهج المدرسية المفخخة بالتطرف، واحترام الأديان والمعتقدات بتنفيذ عقوبات الجرائم الإلكترونية لكل إساءة أو قذف أو تكفير يصدر عن خبر أو منشور أو تعليق.. ليثور العرب على مجتمعاتهم المتطرفة وكل من يهاجم الفن والعلم والثقافة والمعتقدات الشخصية قبل أن يثوروا لأجل حجاب الإيرانيات، لأنّ في هذا تناقض صارخ ونفاق كبير بالمعايير والمبادىء..

المرأة العربية التي تؤيد المظاهرات في إيران وتدعو لحرية النساء الإيرانيات، وتشارك المنشورات والتغريدات المتعاطفة والناقمة على حكومة إيران، هي ذاتها المرأة التي تقمع ابنتها وتجبرها على الحجاب وتنتقص من السافرات وتشكك بهن.
والرجل العربي الذي رفع صوتا متعاطفا مع الإيرانيات ضد حكومتهن هو ذاته الأب والزوج الذي يفرض الحجاب على نساء بيته، ويصادر حقوقهن في التعليم والحب والهوايات، وينتقد النساء من مظهرهم ولباسهم، ومازال صوتهن عورة بالنسبة له، واستقلاليتهن انفلات.

فهل التأييد لاحتجاجات إيران هو فقط كونها إيران بالذات، والتأييد ينطلق من العداوة لها وحبا بشيطنة حكومتها؟ أم أن العرب يتفننون بالإزدواجية، وما يرفضونه لمجتمعهم يدّعون تقبله ودعمه لدى غيرهم؟!

لقد نجحت الاحتجاجات الإيرانية بقطف ثمار الحرية الشخصية بعد قرار الحكومة تعطيل وإلغاء الشرطة الأخلاقية، كما نجحت الحكومة بالتجاوب مع متطلبات المجتمع والعصر، وأبرزت تعاطي جيد مع صوت الناس.
وبقي أن نجد هذا النجاح بتحويل صوت المتحمسين ضد حكومة إيران إلى داخل مجتمعاتنا العربية، لأنّ مجتمعاتنا وإن كانت خارج قبضة شرطة أخلاقية إلا أنها تختنق تحت قبضة من يلعبون دور حراس الدين والفضيلة.. وما أكثرهم!.