في مسألة الشواذ الجنسي والقوانين المزمع ترسيخها وفرضها على الجميع في العالم



علي سيريني
2022 / 12 / 10

لو تعلم، فإن ما يجري في الخفاء من تحضير للقوانين والإجراءات التي تخص الشاذين جنسيا (المثليين)، لهو من الرعب ما لا يمكن للإنسان السوي تحمله، لو علم ما يمكرون له!
قبل أكثر من عشرة أعوام، نشرت مقالا في صفحتي بالفيسبوك، أننا في المستقبل نتجه نحو فرض العلاقات المثلية على الأطفال والراشدين أيضا، نظرا للإجراءات التي نراها في بث الثقافة المتعلقة بالمثليين في أوساط الأطفال والشباب بالمدارس والجامعات. حينها، تصدى لي بعض الزملاء والمعارف بأنني أهوّل وأبالغ في هذه المسألة، ولا داعي للخوف والقلق. كان مردّ خوفي يعود إلى أمور كثيرة من أهمها ثلاث حوادث عاينتها بنفسي:
الأولى: في عام 2012، أثناء دراستي في الجامعة (مرحلة البكالوريوس)، وفي إجدى المواد السياسية وفي درس المناقشة (Tutorial) كنا حوالي عشرين طالبا من ذكور وإناث، كلهم غربييون وكنت مع إثنين آخرين الشرقيين الوحيدين بينهم. كانت بيننا شابة أسترالية من أصل أوروبي شرقي من المثلييات. ولم ألاحظ ذلك إلا بعد حدوث مجادلة ساخنة أثناء درس المناقشة. ففي ذلك اليوم تعمد المحاضر أن يوجه السؤال نحوي عن موقف الإسلام من الشذوذ الجنسي. فرددت عليه بهدوء أن الإسلام لا يقبل بالشذوذ الجنسي، وهناك أدلة كثيرة على ذلك. فبادرني هو وتلك الشابة المثلية عن موقفي أنا من ذلك! فأجبت بكل برودة، أننا في دولة مدنية نحترم بعضنا البعض على أساس أننا مواطنون وبشر نحترم بعضنا البعض، ولا نتدخل في خصوصيات بعضنا البعض. يبدو أن جوابي لم يشف غليلهما، فبدءا يصعدان اللهجة نحوي بالسؤال "ولكنك قلت أن الإسلام لا يقبل بالشذوذ الجنسي فلماذا لا يمكن أن يكون هناك شاذ وأن يكون مسلما في نفس الوقت". فرددت بهدوء أيضا أن مسألة أن يكون هناك مسلم شاذ وأن يكون مقبولا على صعيد الإسلام، فيجب أن نعود إلى جوهر الإسلام هل هذا الأمر مقبول أم لا. لكنهما عادا إلى شخصنة المسألة وسألا عن موقفي لماذا لا أقبل أن يكون أي شخص مثليا وأن يكون مقبولا دينيا. فأجبت أنني لا أملك الصلاحية لإعطاء الصكوك بإسم الدين لشرعنة هذا الأمر، بل تعود مرجعية المسألة إلى الدين، أما أنا فأتعامل على أساس أننا بشر ونعيش مع بعضنا البعض من المفترض أن لا نسئ الأدب تجاه أي منا. ومن هنا بدأت حدة الصوت تبرز لدى المحاضر والتلميذة المثلية، وبدءا يتهمانني أنني عنصري لا أقبل بالآخر وما إلى ذلك من الإتهامات الفارغة التي كانت تبث بطريقة واضحة من الكراهية والتنمر! بعد الإنتهاء من الدرس، جاء نحوي بإستحياء، بعض الزملاء الشباب والشابات ليشكروني على موقفي وطرحي الهادئ في المناقشة. وبدوا جميعا موافقين على ما قلته أثناء المناقشة. حتى أن إحداهن، وهي شقراء تلبس تنورة قصيرة، قالت لي أنها وصاحبها (البويفريند) يذهبان إلى الكنيسة كل يوم أحد. قالت ذلك في معرض موافقتها لما قلتُ أثناء المناقشة، ولرفضها الطروحات المثلية التي تبث بسطوة مطهمة. فسألتها لماذا ظلت ساكتة هي و زملاؤها طوال المناقشة، فردت بالقول "أنت تتكلم أفضل منا"! فقلت لها ولهم "أنتم خائفون، وإلا فإن أي واحد منكم يتكلم أفضل مني" فسكتوا وهم خجلون. في الواقع وجدت أن معظم الطلاب والأساتذة قد دب في نفوسهم الخوف من أن يبدر منهم شئ غير مقبول، في أجواء الجامعة، تجاه المثليين والنسويين والخ، في حالة تنمر مستمرة وصاعدة من قبل هذه المجموعات. وأود أن أشير هنا إلى نقطة مهمة وهي، ان أكثر الناس تعرضا للإرهاب والرعب في الغرب هم أناس أبرياء، ينتمون إلى الفئات المتدينة المسالمة من المسيحيين واليهود والمسلمين وأصحاب الأديان الأخرى والتقاليد الموروثة.
الثانية: وجدت بالصدفة كتابا للأطفال في مكتبة إحدى المدارس الإبتدائية بعنوان (:my family عائلتي) وهو كتاب تعليمي مشروح بالصور. في هذا الكتاب هناك مجموعة صور، منها إمرأتان مع بنت صغيرة، وإمرأة ورجل مع طفل صغير، ورجلان مع صبي صغير الخ، من صور مختلفة وهيئات مغايرة، مع وجود كلمة عائلتي تحت كل صورة من هذه الصور. والغرض من هذا هو زرع طبيعة المثلية في نفوس الأطفال، وزرع التطبع بالعدوى في نفوس الجيل الناشئ!
الثالثة: أظهر التلفزيون الأسترالي صورة رجلين شاذين كانا قد تبنى مولودا ذكرا من أصل روسي (كان عمره حوالي عشرة أعوام أثناء الخبر)، أثبتت التحقيقات القضائية أن الزوجان الشاذان، كانا قد اغتصبا هذا الطفل منذ ولادته حتى يوم إعتقالهما. وأبدت كندا استعدادها لإستقبال الطفل المغتصب. لكن هذا الخبر المؤلم سرعان ما طواه النسيان كما يفعله الإعلام السائد دائما مع الأخبار والأحداث من هذا القبيل.
في أعقاب هذه الحوادث، وغيرها كثيرة لاحظتها بدقة، بدأت أحذر الأصدقاء من حولي والأصدقاء في المواقع الإجتماعية حول خطورة هذا المد الصاعد. ومن جملة ما قلته، وأؤكد عليه هنا من جديد، أن هذه الحملة المسعورة لا تتوقف عند هذا الحد بل سيتعدى كل الخطوط حتى التي لا يمكن تخيلها. في الواقع بدأ هؤلاء حملتهم في البداية بطريقة مترددة تحت دعوى حقوق الإنسان والمساواة بين البشر. ولكنهم اليوم بفضل الجامعات التي تحولت إلى مؤخرات إنتاجية للشركات الكبرى، حيث تقدم الكثير من البحوث المزيفة التي تريد ترسيخ مفهوم أن الشذوذ الجنسي هو أمر طبيعي، ويكمن في نفس كل إنسان بدرجات متفاوتة، وله أنواع كثيرة تتعدى المائة، استطاعت هذه الجماعات من إستمداد قوة كبيرة تبز بها أكثرية الناس وتتنمر عليها! ومن هنا يجب أن نستعد لخطوات هؤلاء التي وجدناها تتصاعد بوتيرة خطيرة في البلدان الغربية، ومنها السويد على سبيل المثال، حيث وفي القرن الواحد والعشرين، ووسط صخب شعارات حقوق الإنسان، تقوم الحكومة هناك بخطف الأطفال من عائلاتهم في واقع مؤلم وجحيمي يصنعونه للأطفال وذويهم دون أدنى حساب لحقوق الإنسان ومشاعره وعواطفه. ولاحقا يسلمون الأطفال إلى الغرباء ومنهم الشاذين جنسيا، ليواجهوا الظلم والحيف والإغتصاب (والدول والجمعيات التي صدعت رؤوسنا بشعارات حقوق الإنسان صامتة إزاء هذه الجرائم المروعة، بينما تقيم القيامة إذا تجرأ أحد أن يتفوه بكلمة يعبر بها عن رأيه في مسألة الشذوذ الجنسي). قبل أعوام، عبرت أسطورة التنس العالمية مارغريت كورت (التي مازالت تحتفظ برقمها القياسي في عدد الفوز بالغراند سلام عالميا)، بكل أدب وإحترام، أن أستراليا والعالم الغربي مجبولان بنظام العائلة النابت من جذور الثقافة المسيحية-اليهودية عبر التأريخ. وأضافت أنها ليست ضد المثليين على مستوى المواطنة والحقوق، وما يمارسونه، ولكن يجب أن لا يفرض على المؤسسات الدينية والمدنية أن تشرعن هذا النوع من العلاقات ومساواتها بنظم العائلة والكينونات الأخرى الطبيعية المعهودة من علاقات البشر منذ فجر التأريخ. حينها قامت المؤسسات في العالم، والشخصيات المشهورة بحملة مسعورة ضد هذه المرأة المسنة، وتم تشبيهها من قبل البعض بأسامة بن لادن! ومن الشخصيات التي هاجمت مارغريت كورت، تأتي في المقدمة مارتينا نافراتيلوفا وبيلي جين وهما مثليتان ومن لاعبات التنس المشهورات في الماضي. وتعالت الأصوات من أجل تغيير إسم ملعب التنس، في مدينة ميلبورن الأسترالية، الذي يحمل إسم مارغريت كورت!
إذا كان حال مارغريت كورت وهي أسطورة التنس على هذا النحو، فكيف بنا ونحن شرقييون لا نملك وجها كوجه مارغريت، ولا إنجازات معاصرة كالتي تملكها؟ إذا لم يتكاتف الخيرون من المسلمين والمسيحيين واليهود والآخرين، لمواجهة هذا المد المسعور، ففي غد قريب (ربما بعد أعوام)، سنجد أنفسنا مكبلين بقوانين وإجراءات صارمة تخص الأفراد والعوائل، في واقع جحيمي لا يطاق. وما أتوقعه، ولا تستغربوا ذلك، أن تصدر قوانين تفرض على الناس ممارسة الشذوذ الجنسي، على الأقل بين فترة وأخرى، ليثبتوا أنهم أصحاء لا يعانون من الأمراض النفسية، لأن أبحاثا مزيفة في الجامعات ستقول لنا قريبا، إن كل إنسان يتمتع بقدر من الشذوذ الجنسي، وإن الطريقة الصحية المثلى للمعاملة مع هذه الكوامن هي ممارسة ما يكمن في نفس كل واحد، دون أي قيود أو مكبوتات دينية وإجتماعية موروثة "متخلفة". وفي هذا الطريق، ستتخذ الحكومات العالمية إجراءات بحق الأطفال وكيفية تنشئتهم على هذه المفاهيم، وفرض الممارسات الشاذة عليهم، بإسم العلم، أمام أنظار ذويهم الذين سيموتون هما وكمدا ولا يقدرون على شئ. أما بالنسبة للبالغين والراشدين الذين يرفضون الشذوذ، وإمعانا في إذلالهم وممارسة الحيف والظلم بحقهم، إنتقاما منهم للشواذ، فلا أستبعد أن يدرجوا ضمن المعاقين صحيا ونفسيا، وبالتالي تصنيفهم ضمن المرضى المعاقين وإحالتهم إلى مراكز صحية تهتم بمعالجة "أمراضهم"!
ولا تسغربوا حينئذٍ أن تنتقلوا أنتم الرافضون للشذوذ الجنسي بالباصات الصغيرة المخصصة لذوي الإحتياجات الخاصة، من المعاقين نفسيا وعقليا وجسديا، ووضع قيود عليكم في الأماكن العامة "محافظة على السلامة والصحة الإجتماعيين من الشذوذ والعدوى"!
وغدا لناظره قريب!