13 ميلون امرأة في سن العمل



نساء الانتفاضة
2022 / 12 / 14

في أحدث مسح احصائي أصدرته وزارة التخطيط، وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية، كشف هذا المسح الذي صدر في تموز من العام الجاري ان "هناك ثلاثة عشر مليون امرأة في العراق في سن العمل، ومع ذلك فان هناك حوالي مليون امرأة فقط تعمل، واظهرت نتائج المسح أن أكثر من ثلث الشباب ليسوا في التعليم ولا في العمل أو التدريب. وهذا يستدعي حاجة ملحة لخلق المزيد من فرص العمل اللائقة التي يمكن أن تجذب النساء إلى سوق العمل".

هذه الأرقام المليونية تشير من جهة أولى الى وجود بطالة كبيرة ومخيفة، ومن جهة أخرى فأن المشكلة تزداد تعقيدا بسبب ان اغلب هذه البطالة هن من النساء، فالمرأة في مجتمعات كهذه تحكمها قوى دينية وعشائرية رجعية، يحكم عليها بالبقاء في البيت، وان نسبة ال 10 في المئة فقط من النساء اللواتي تعمل، هي نسبة متدنية جدا، بل انها الأدنى على مستوى العالم كما يشير الى ذلك تقرير البنك الدولي، مقارنة بزميلها الرجل الذي تفوق نسبة القوى العاملة منهم ال 68 بالمئة، وهذا يوضح بشكل لا لبس فيه ان المرأة تعمل فقط في إدارة المنزل، والذي هو عمل غير مدفوع الاجر.

المسح أيضا يؤكد ان المرأة العاملة "تميل الى ان تكون أكثر تركيزا في قطاع الخدمات"، وهو بالحقيقة ليس "ميلا" طبيعيا، انما جاء نتيجة فهم خاص لوضع المرأة، صنعته الذكورة على مر تاريخها الطويل، ونتائج هذا المسح تؤكد على هذه الحقيقة، فمن بين 750 ألف منتسب في وزارة الداخلية، هناك فقط عشرة الاف امرأة، وتتدنى النسبة أكثر في وزارة الدفاع الى المئات؛ وحتى الرتب العسكرية بالنسبة للنساء محددة، فلا يمكن للمرأة ان تتخطى رتبة "رائد"؛ انه ليس "ميلا" انما هو صناعة النظرة الذكورية.

سوق العمل في العراق يكاد لا يتقبل وجود المرأة، وحتى لو وجدت فأنه يحصرها في مهن محددة، فبالإضافة الى النسبة المئوية المتدنية جدا، فأنها تتعرض للكثير من التمييز ولعمليات التحرش، لهذا فأنها تفضل العمل في القطاع العام الحكومي، وتبتعد قدر الإمكان عن القطاع الخاص، فهناك 78 بالمئة من النساء يعملن بالقطاع العام، بينما 21 بالمئة يعملن بالقطاع الخاص.

"النقابات العمالية" في العراق رغم ضعفها وهزال وجودها على المستوى العام وبين أوساط الطبقة العاملة في العراق، فأنها تكون اشد هزالا بملف المرأة العاملة، فاغلب تلك النقابات والاتحادات لا تشير مطلقا الى واقع المرأة العاملة، بل لا وجود لمشاركة المرأة في تلك النقابات، وان وجدت فبشكل صوري؛ فلم نقرأ يوما لقائد هذه النقابة او رئيس ذلك الاتحاد منشورا او مقالة او بحث عن واقع المرأة العاملة وما تمر به، حتى ان المرء ليشك من ان هذه النقابات تنسجم تماما مع سياسات سلطة الإسلام السياسي.

ان الحديث عن ثلاثة عشر مليون امرأة في العراق معطلة عن العمل هو حديث يطول ويتشعب، وتتكشف فيه عدة قضايا، فهناك إصرار من قبل القوى الإسلامية الحاكمة على إبقاء المرأة بواقع معين ومحدد، هم من صنعوه وانتجوه، ويعيدون انتاجه يوميا؛ لقد بلغت هذه القوى الذروة في فرض التراجع وسحق الحقوق للمرأة، فبينما كانت هناك ستة حقائب وزارية تشغلها المرأة في وزارة اياد علاوي، أضحت حقيبة واحدة في حكومة الكاظمي، بل انها لم تتسلم اية حقيبة في حكومة عادل عبد المهدي؛ اما بيانات وزارة التخطيط لعام 2018 فأنها تشير الى وجود امرأة واحدة تشغل منصب مدير عام مقابل تسعة رجال؛ واقع يزداد بؤسا للمرأة كلما طال عمر هذا النظام.
#طارق_فتحي