البغاء ظاهرة عالمية مستفحلة



داود السلمان
2022 / 12 / 21

ظاهرة البغاء ظاهرة عالمية ولها عمق في التاريخ الإنساني، فلا يوجد شعب من الشعوب، ولا بلد من البلدان يخلو من هذه الظاهرة المستفحلة، إذ لم تستطع الدول الحديثة اليوم، ورغم ايجاد حلول كثيرة جذرية للعديد الظواهر المستهجنة، والمركبة والمستعصية، إلّا هذه الظاهرة، إذ أبت أن تتوقف عجلتها، وأخذت بالاستمرار منذ تاريخها الموغل بالقدم، فلا المجتمعات المحافظة، ولا الشعوب المتديّنة استطاعت القضاء عليها.
وثمة عوامل اقتصادية وأخرى نفسية وثالثة سلوكية وأخلاقية كانت من وراء ابقاء هذه الظاهرة، وانتشارها كالنار في الهشيم، ويبدو أن التكنولوجية ساعدت على استمرارها، بدل أن توقفها أو تحدّ منها، خصوصا مواقع التواصل الاجتماعي، كون هذه المواقع سلاح ذو حدين، فكما هي تخدم الإنسان في كثيرٍ من قضاياه الآنية، كذلك ساعدت على نشر الرذيلة والفساد، وحفزت على ارتكاب الجرائم المتعددة، ومنها الجرائم الألكترونية كالابتزاز وسواه.
ففي هذا الكتاب "المرأة والبغي" من تأليف الدكتور محمود شيال حسن شرح مبسط لظاهرة البغاء المنتشرة في كافة اصقاع العالم، وقد عرّف المؤلف المعنى اللغوي للبغاء وقال: "أنه اتصال جنسي يتم على أساس مقابل يؤديه العميل، وهو عملية يصاحبها عدم الاكتراث العاطفي، إذ أن المرأة البغي تقدم جسدها دون تمييز بين الرجال"، والهدف هو المال فهو هدفها السامي.
وهناك اسباب ومسببات كثيرة وقفت وراء تعزيز وانتشار جرائم البغاء، ذكرها المؤلف في كتابه هذا، ونحن هنا نذكر ما نراه أهم.
العامل الاقتصادي، وقد لعب دوراً مهماً، فحالة العوز والفقر والحرمان قد تدفع بالمرأة التي فقدت وزجها مثلاً بحادث أو بحرب أو بغيره، ولم يكن لها ولأولادها مصدر معيشة، قد تضطر للإنحراف كبديل مما تعاني.
كذلك المرأة التي تتعرض للإختصاب، إذ تيأس من الزواج فتخاف القتل بذريعة "غسل العار" حيث تهرب إلى اماكن نائية فتمتهن البغاء كمهنة تعتاش عليها.
وثمة عوامل نفسية واخلاقية، كإن ترى الطفلة مشاهد جنسية، من هنا وهناك، فتريد أن تجرب ما تراه كأكتشاف جديد، بالنسبة لها، فتقوم أولا بلمس جسدها، فتشعر باللذة، فتتصل بأبن الجيران أو بغيره، فتعتاد ذلك، طالمها تجد اللذة كملاذ آمن لما في شعورها دون أن تشعر بالعواقب الوخيمة، حتى تدمن الإنحراف، وبالتالي تلجأ إلى البغاء خصوصا إذا لم تسيطر على نفسها، ولم تكبح جماحها فتغرق في مياه الرذيلة.