والذئابُ تَعْوي في وِجَاِرهَا السَّحيق



عبد الله خطوري
2023 / 1 / 15

يخرجُ أطفالُ من فوهات بنادق العُتاه.يَمرقون رصاصا عاتيا يقطعُ فطائرَ السحاب، يقتاتون منها ثم يهجمون..تظهر يد عملاقة.تضغطُ الزناد..بوووم..!!..تثقب الرصاصةُ الغشاءَ تأخذ طريقها بسرعة البروق اتجاه مكان آخر خارج القحف.سلطوا على الوجوه الأضواءَ الكاشفةَ مارسوا طقوسَهم.."روم كونياك"..من خارج الحدود..تُنْسَفُ آلرؤوسُ. تُكْسَرُ آلرقَابُ على مشارف آلأعتاب تُفَتّتُ آلعظامُ و...ليتَه، قبل يخرج الأطفال من فوهات بنادق الطغاه _تمنى _ مازال في الشارع يقنصُ الذُّباب(١)، غير أن آلأيادي مرفوعة كانت فوق الهامات ضلت تائهة والقيم مُعَلَّقَةٌ في شرفات طرقات مُشْرَعة على فراغ يُطوق فراغا ألف طفل تُنَشَّرُ أبدانهمُ الكسيفة في المدارج السحيقة تقتاتهم المزابلُ القميئة ...
في ذاك الصباح الذي لم تشرق فيه الشمس، اصطادوه في غفلة عن أخ له كان يحرص على رعايته بعد مقتل الوالد الكبير.استدرجوه بنصف قطعة شكولاطة تشبه أحلاما معلبه.وبسرعة الأقدار حاصروه سلطوا الأضواءَ والأسلاك.وضعوا البدنَ الصغيرَ على منصة التشريح طفقوا يقطعون يُشَرِّحُونَ يُجَرِّبون..الزنابيرُ كانت زرقاء والذئاب تعوي في وِجَاِرهَا السحيق هناك خلف الغابات في الجبال الشاهقة..أما العصافيرُ آلضامرة فآستسلمتْ للعزاء بعد أن فقدتْ السماءُ زرقتَها الصافية وطفقت الحياةُ تأكلُ الحياه.. استعملوا مبضعا لشق قشرة جلدة المُخَيْخِ..رخوة كانت مسامه آلعجفاء.عيناه كدهشة ميلاد مفتوحتان لا تنبسان.تتابعان ما يجري دون تدركا أي عالم تعيش فيه على وجل تموت..خرقوا الأحشاء..طفقوا يعزفون ترانيم الهلاك الأخير يضحكون. انتشلوا خفقة الأعضاء.وضعوا الرغبة في أوعية التحفيظ..ثم تركوا كل شيء وراءهم لصدفة الفراغ..ليَعُودَ الجسدُ الصغيرُ الى شوارع المدينة جثة خرجَتْ على وجل من فوهة بنادق الجُنَاه ...

_إحالات:
١_يُنظر الى قصيدة:(جحيم بارد)للشاعر اللبناني(خليل حاوي)من ديوان(نهر الرماد):
ليتَني مازلتُ في الشارع أصطادُ الذُّبابْ
أنا والأعمى المُغَنِّي والكِلابْ
وطَوافي بزوايا الليلِ,
بالحاناتِ مِن بابٍ لِبابْ
أتَصدَّى لذئاب الدربِ..!
ماذا ؟ ليتَني ما زِلتُ دربًا للذئابْ
وعلى حشرجة الأنقاض في صدري,
على الكَهْف الخَرابْ
يلهثُ الوغدُ بحمَّى رئتَيهِ
بدعابات السكارى, بالسِّبابْ
أنا والدربُ نعاني الليل وَطْئًا وسِبابْ
ليتَه ما لَمَّني من وحلة الشارعِ
ما عوَّدني دفءَ البيوتْ
ويدًا تمسحُ عاري وشحوبي
ليت ما سلَّفَني ثوبًا وقوتْ..
وَنَعِمْنا بعضَ ليْلاتٍ.. تَلاها:
هذيانٌ, سأَمٌ, رعْبٌ, سكوتْ
اَلرؤى السوداءُ, ربِّي, صَرَعتْهُ
خَلَّفَتْهُ باردًا مرًّا مقيتْ
ليت هذا البارِدَ المشلولَ
يحيا أو يموتْ
رثَّ فيه حسُّه,
أعصابُه انحلَّت شِباكًا
مِن خيوط العنكبوتْ
شاعَ في البيت مُناخُ القبرِ: دلفٌ,
عَتْمةٌ, ريحٌ حبيسٌ, وسكوتْ
بِرْكةٌ سوداءُ يطفو في أَساها
وَجْهُه المُرُّ الترابيُّ الصَّموتْ,
ليْتَ هذا البارِدَ المشلولَ
يَحْيَا أو يموتْ
ليته!
يا ليت ما سلَّفني دفْءًا وقوتْ