الليبرالية وحرية تسليع المرأة



عبدالله محمد ابو شحاتة
2023 / 1 / 16

كلمة حرية في النظام الرأسمالي لا تعني سوى حرية الاستغلال. وخير ما يثبت تلك العبارة هو النهاية المأساوية التي وصلت إليها تحررية المرأة في الغرب، لقد سقطت المرأة في وضعية من الاستغلال والتسليع المركب، فبجانب تسليع قوة العمل والتي يعاني منها الجميع عانت المرأة من أيضا من تسليع فج للجسد استمر في التصاعد حتى أمسى الان أمرا طبيعيا في كافة الأنشطة التي يمكن أن تشارك فيها المرأة. من الدعاية والإعلان إلى المطاعم الي أكشاك بيع القهوة على الطريق الي الرياضة بل وحتى الوظائف المكتبية.
فلم يعد عجيباً في يومنا هذا أن تجد جسد المرأة موضعا حاضراً في كافة الاعلانات التجارية، ولم يعد عجيبا أن نصف حانات ومطاعم الولايات المتحدة تشترط على نادلاتها ارتداء البيكيني و الملابس الكاشفة للأثداء والتنانير الكاشفة للمؤخرات.
ولم يعد من المستهجن ان تشترط ثلاث ارباع أكشاك بيع القهوة الأمريكية على موظفاتها ارتداء البيكيني وما هو أكثر عرياً من البيكيني فيما يعرف بظاهرة " البيكيني باريستا"
ولم يعد غريباً أن تشترط الاتحادات الرياضية على النساء كشف اجسادهم إذا ما أرادو الاستمرار في احتراف الرياضة.
ثم دعنا نتساءل عن ذاك الطفل الذي يرى المرأة عارية في الاعلانات والقنوات الرياضية والمطاعم وحتى أكشاك بيع القهوة، كيف ستتكون صورة المرأة في عقول تلك الأجيال سوى أنها سلعة جنسية !؟
وهنا تأتي الحجة الذهبية لليبرالية الغربية " أنهم يفعلون هذا بإرادتهم " وهى ذات الحجة الإجرامية التي كانت تبرر دائما استعباد العمال وسلب ابسط حقوق، فالعامل دائماً له الحرية في ترك وظيفته واختيار الجوع إذا أراد.
ويكفينا أن نخبر من يستعمل تلك الحجة كيف أن الاستبيانات الاجتماعية تخبرنا بكون الغالبية العظمى من سكان العالم غير راضين عن وظائفهم ويستمرون به فقط للوفاء بإلتزاماتهم المادية، بمن فيهم بالطبع تلك المرأة التي تعمل نادلة بالبيكيني حيث يستمتع الزبائن بالنظر الي مؤخرتها وابداء الملاحظات حول جمال ثدييها. كما يبدو أيضا أن المرأة التي اضطرت للتصوير مع أحد مواقع الاباحية السادية العنيفة لن تشعر بالرضى وجسدها تمزقه السياط مقابل ألف أو ألفي دولار.
وبالطبع أيضاً هو ذات عدم الرضى الذي عانت منه لاعبات المنتخب النرويجي لكرة اليد الشاطئية بعدما وقع عليهم الاتحاد الأوروبي غرامة لارتدائها شورت طويل بدلاً من البيكيني الذي يكشف نصف المؤخره، علما بأن الرجال في ذات الرياضة يمكنهم ارتداء التيشيرت والشورت الطويل بشكل طبيعي مما يشكل تحيز جنسي واضح.
والأغرب أن بعض مسؤولي الاتحاد لم يجدو حرجاً في أن يصرحوا وبكل وقاحة أن الاتحاد يصر على البيكيني لكونه يرفع نسب المشاهدات ويزيد الاهتمام بالعبة.
فعلى أصحاب حجة الحرية المهترئة أن يبحثوا عن تبرير آخر، فمع وجود نمط العمل الرأسمالي لا تحدثني عن الحرية المزعومة للعامل او الموظف.