المرأة والعالم



بهاء الدين الصالحي
2023 / 3 / 9

يوم المرأة العالمي
نعيمة عبدالحميد وحميدة خليل اولي شهيدات النساء في ١٩١٩ حيث شاركت ثلاثمائة امرأة في المظاهرات التي اعترضت علي الاحتلال الانجليزي لمصر ومبايعة سعد زغلول للتفاوض مع الانجليز في مؤتمر الصلح في باريس ولكن لم يقبل الانجليز التفاوض فكان الأمر الواقع حيث الضياع لحق وراءه مطالب .
ولكن دور المرأة لم يكن جديدا فقد ظهرت نازلي هانم فاضل والتي أدارت صالونها في تسعينيات القرن قبل الماضي حيث كان يحضر السفراء والوزراء وكذلك سعد زغلول والشيخ محمد عبده وقاسم امين الذي كتب كتاب المرأة الجديدة وتحرير المرأة وقد جاء بالكتاب الدعوة لتعليم المرأة ومشاركتها في الحياة العامة وحقها في العمل ولكن لم يدعوا لخلع الحجاب بل دعي الي خلع اليشمك وهو يساوي النقاب في هذا الوقت ودعي لان يكون يشمك المرأة أخلاقها وعلمها الذي يساعدها علي التفقه في امور دينها.
ونتحدى من يسفه دعوي قاسم امين ان يستخرج من كتابيه اللذين راجعهما الشيخ محمد عبده نفسه ولن يستطيع احد ان يطعن في دين محمد عبده، ولكن المشكلة كانت في التمرد علي توزيع العمل في المجتمع .
واول من أسقط اليشمك هو صفية هانم زغلول عند عودتها من احدي زيارتها لإسطنبول ولم يعقب احد من الناس أو المشايخ وقتذاك ولكن بعض المتشددين اعترض بحديث سجود المرأة لزوجها وهو حديث كما شرح المناوي في كتابه فيض القدير تعليق الشرط بالمحال لان السجود محرم لغير الله وأن تأول سجود الملائكة لادم كان نوعا من التعظيم بمعني الاحترام وليس السجود بمعني العبادة .
وقد جعلوا عفة المرأة في طاعتها لزوجها في حين امتداح القرأن لنموذج بلقيس فلم يأتي لفظ في القرأن يسفه سعيها بل امتداد قيادتها لقومها وهي تمارس الولاية العامة وليس الولاية الخاصة وهو حكم فقهي لابن عابدين وقد اورده محمد فريد عبدالخالق في كتابه الاخير ولايستطيع احد ان يزايد علي دينه .
اما حديث لعن الله قوما ولوا عليهم امرأة فهو حديث اخبار ولايعتد به كما أقر محمد فريد عبدالخالق بذلك .
نعود الي انجاز المرأة الحديث والمرهون بظهور الجامعة المصرية حيث جاءت السيدة سهير القلماوي
وهي أول خريجة في الآداب وكذلك اول امرأة مصرية تحصل علي الماجستير والآداب وتقود قسم اللغة العربية في الجامعة المصرية ، ونماذج المرأة الناجحة والقادرة علي القيادة دون تكفير لها والخروج عن الأدب معها كان متحققا في المجتمع المصري عبر التاريخ حتي سبعينيات القرن الماضي فكانت عندنا د مفيدة عبدالرحمن اول محامية مصرية وكذلك د حكمت أبوزيد وزيرة الشئون الاجتماعية عام ١٩٦٢ ،ويكفي موقف درية شفيق تلك المرأة التي طالبت بحق المرأة في الترشح لمجلس الشعب ودورها في مناقشة الدستور والمساهمة في كتابه الدستور المصري ١٩٥٦ وقد نجحت بالفعل في ارساء ذلك النص الذي ترتب عليه أن تكون الوزيرة ١٩٦٢ ،وقد قاومت كثيرا من أجل حقوق ألمرأة علما بأنها قد حصلت علي الدكتوراة في الفلسفة من السوربون ١٩٤٠ بعنوان حقوق المرأة في الاسلام ورفض رئيس الجامعة وقتذاك تعيينها فقامت برئاسة تحرير مجلة بنت النيل التي سعت الي تثقيف المرأة وتعريفها بحقوقها ، وكونت في اربعينييات القرن الماضي اتحاد بنت النيل كتنظيم اهلي يدافع عن حقوق المرأة المصرية ومثلت مصر في المحافل الدولية وترجمت كثيرا من الكتب والدراسات القانونية الجادة حتي توفيت ١٩٧٥ .
ولكن نغمة عزلة المرأة وكراهة عملها وانها لايجب ان تكون قاضية او رئيسة للجمهورية فهو امر مرتبط بعدة عناصر :
سيطرة فكر متأخري الحنابلة والذي ساد في مصر بعد عودة اوائل العاملين في دول الخليج حاملين فكره فصار النقاب عند بعضهم فريضة دينية وسادت موج من العنف تجاه غير المنقبات في سبعينيات وثمانييات القرن الماضي ،حتي وعي الناس بعبث تلك القضية وأن الشعب المصري متحضر .
التركيز المبالغ فيه علي حالات الاعتداء وذلك ناتج عن سوء التربية والدعاية الدينية المستوردة من دول الخليج بأن المرأة فقط متاع متناسين كيف كان الرسول صلي الله عليه وسلم يعامل زوجاته، علي انها نافلة وليس فرضا وبالتالي الرسول استشار ام سلمي في بيعة العقبة فأشارت عليه بأن يقصر حتي يتأسى به المؤمنين وبالتالي هل يتم تعيينها في بدرجة مستشار وقاضي تأسيسا علي هذا الحدث ام يتم حصر المسألة في باب الفضائل دون الفقه .
المهم ان نكون قد وعينا ان الشباب الذي يعاني من الانحراف هو في النهاية يعاني من سوء الصورة الذهنية المرسومة عن المرأة علي انهن حبائل الشيطان ونسينا ان ذلك مرهون بسوء فهم مستورد من مجتمعات لها تفسيرها الخاص للإسلام.
مصر دوما بخير طالما آمنت بعقلها وتاريخها وقراءتها الحضارية للدين .
بهاء الصالحي