المرأة المصرية نالت الكثير من الحقوق والمكتسبات ولكن المشوار مازال طويلا



نجوى إبراهيم
2023 / 3 / 11


كريمة الحفناوي: العمل على إنشاء مفوضية عدم التمييز التى نص عليها الدستور
هدى زكريا: الاهتمام بتغيير الثقافة المجتمعية التى تتعامل مع المرأة بأسلوب انتهازي
نادية رضوان: مصر لن تصل إلى مكانة الدول المتقدمة مادام الفكر السلفي مسيطرا

سجل التاريخ الكثير من صفحات نضال نساء مصر الطويل من أجل الحرية والاستقلال والحصول على المساواة والحق في التعليم والعمل وفى رحلة كفاحها أثبت المرأة المصرية قدرتها على التعامل مع كل الأزمات والتحديات.. والسؤال :هل أصبحت المرأة فى مكانة متقدمة أم أن حركة النضال مازال أمامها الكثير حتى تتمكن من تحقيق أهدافها على أرض الواقع ..
حققت مصر خلال السنوات الأخيرة إنجازات مهمة في مجال تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، تمثل أهمها في صدور الدستور المصري الذي يتضمن نصوصا عديدة تكفل لها الفرص المتكافئة ويمنع التمييز الذي يمكن أن يمارس ضدها ويضمن لها الحماية، وقد نتج عن تفعيل الدستور حصول المرأة المصرية على نسبة تمثيل في مجلس النواب أكثر من 25% من عدد المقاعد, وكفل لها ربع مقاعد المجالس المحلية، كما شغلت المرأة المصرية لأول مرة منصب المحافظ، وأول مستشارة أمن قومي لرئيس الجمهورية، وعلى الصعيد الاجتماعي فقد تضاءلت الفجوة بين الجنسين في الالتحاق المدرسي وتراجعت مستويات وفيات الأمومة، كما تم تغليظ العقوبات القانونية في جرائم الختان والتحرش، وصدور قانون تجريم الحرمان من الميراث, بالإضافة إلى حقوق كحق الخلع، ومنح الجنسية للأطفال وإنشاء محاكم الأسرة.
الاستراتيجية الوطنية
كما أطلق المجلس القومى للمرأة الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية ٢٠٣٠، والتى أقرها رئيس الجمهورية كوثيقة عمل للمؤسسات الحكومية للأعوام القادمة، وهى تعتبر الاستراتيجية الأولى على مستوى العالم فى اتساقها مع أهداف التنمية المستدامة. ..إلا أن المشوار لم ينته بعد ..
فوسط الإحصائيات والأرقام المعلنة نجد تراجعا ملحوظا وانتهاكات جسيمة تتعرض لها المرأة , فرغم زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة إلا أنها لا تمثل سوى ربع قوة العمل نحو 24,2%، حيث لا تتعدى نسبة النساء فى الوظائف الإدارية 6%, والوظائف المهنية 38%, أما الدخل المكتسب المقدر(الفجوة بين الذكور والإناث”فتصل النسبة إلى 29% .هذه الأرقام من واقع التعداد السكانى الأخير.
وإشارات إحصائيات العنف ضد المرأة وفقاً لنتائج مسح صحة الأسرة المصرية 2021، إن 31% من السيدات المـتزوجات حاليا والسابق لهن الزواج في الفئة العمرية (15-49 سنة) تعرضن لأي نوع من أنواع العنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي على يد أزواجهن خلال عام 2021.
وحول الممارسات التقليدية الضارة ضد الفتاة، يعتبر ختان الإناث أحد أنواع العنف ضد المرأة وهو من العادات المنتشرة بصورة كبيرة في مصر بالرغم من الجهود المبذولة منذ التسعينيات إلا أن تلك الظاهرة مازالت مستمرة فهناك نحو14.2% من البنات في الفئة العمرية (0 – 19 سنة) اللائي تم ختانهن، وتنخفض نسبة المختنات عام 2021 مقارنة بعام 2014 بحوالي 7 نقاط مئوية، في حين أن 27% فقط نسبة البنات المتوقع ختانهن في الفئة العمرية (0 -19 سنة) عام 2021، مقارنة بـ 56.3% عام 2014.
وتحظى المرأة المصرية أيضا بالنصيب الأكبر من الأمية مقارنة بأمية الرجل، حيث يبلغ متوسط الأمية فى مصر حوالى 17,9 % نصيب الإناث منها 30,8 % بحسب أحدث التقارير الرسمية
كما احتلت مصر المرتبة الأولى فى معدلات الطلاق على مستوى العالم وفق تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمركز الوزراء, وبالنسبة للوضع فى النقابات والأحزاب تفتقد كثير منها إلى تمثيل النساء وخاصة النقابات المهنية, ورغم الجهود المبذولة فى مجال المساواة بين الجنسين لا يزال هناك فجوة بين الجنسين لصالح الرجال أكثر اتساعا لها في مؤشر الوظائف، خاصة في الوظائف التشريعية ومناصب المديرين وكبار المسئولين.
الفكر السلفى
من جانبها أكد د.نادية رضوان، أستاذ علم الاجتماع، أن المرأة حققت انجازات ملموسة فى وقت قصير ..فعمر نضال المرأة ليس كبيرا , فلا يزيد عن 100 عام, ورغم ذلك حققت المرأة مكتسبات كثيرة ولكن هناك أزمة حقيقية تعيشها المرأة تتمثل فى أزمة الثقافة وخاصة الاتجاهات الدينية السلفية وجودها يعرقل خطوات المرأة المصرية, مصر لن تصل إلى مكانة الدول المتقدمة مادام الفكر السلفي مسيطرا, وللأسف هذا الفكر موجود فى أهم مؤسسات الدولة مثل الجامعة .
وتابعت أن التقدم الذى حدث للمرأة وما حصلت عليه من مكتسبات كان نتيجة وقوف رجال مستنيرين وراءها, فكان هناك داعم للنساء طوال السنوات الماضية , والأمل معقود على النهوض بالوعى والعملية التعليمية, مشيرة إلى أننا فى مرحلة سيئة جدا من التعليم ..وبالتالي فالأمل معقود على التعليم فهو الداعم الحقيقى والقادر على إنارة العقول, مشيرة إلى أن طريق الكفاح لا يزال طويلا , المرأة سوف تثبت تفوقها ونجاحها وقدرتها وستحصل على مزيد من الحقوق والمكتسبات.
تقسيم العمل
أما د.هدى زكريا، استاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة الزقازيق، فأوضحت أن المجتمع لا يزال قائما على منهج تقسيم العمل فى الأسرة، فالمرأة هى المنوط بها الأعمال المنزلية وتربية الأبناء حتى وأن كانت فى منصب مرموق فالنساء دائما هن أصحاب الأعمال غير المأجورة , وهذا التقسيم أعطى الرجل السلطة علي المرأة مشيرة إلى أن المرأة نفسها تقوم بترسيخ هذه المفاهيم فى أذهان بناتها وأبنائها, وبالتالي مهما حصلت على حقوق سيظل هناك عائق وهو الثقافة الراسخة ,مشيرة إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى ساند قضية المرأة وساعدها كثيرا فى الحصول على هذه المكتسبات, إلا أن أمامنا ثقافة راسخة وخطاب دينى معادى للمرأة, فرغم أن الدين رفع من شأن المرأة إلا أن هناك مفسرين كانوا ينتقون من النصوص القرآنية ويقومون بتفسيرها تفسيرا معاديا للمرأة . وبالتالى نجد أن الخطاب دائما يقتصر على أنها جسد يجب تغطيته ..وللأسف هناك منابر تروج لهذه التفاسير والفتاوى ..وهذا الأمر يتطلب قرارات حاسمة للتصدي لهؤلاء.
وطالبت بضرورة الاهتمام أولا بتغيير الثقافة المجتمعية التى تتعامل مع المرأة بأسلوب انتهازي لا أخلاقى، مشيرة إلى إننا علينا السعى لتغيير طرق التربية أيضا.
عادات وتقاليد
وتتفق معها الكاتبة سكينة فؤاد مؤكدة أهمية الوصول إلى القواعد العريضة من السيدات فى الريف, ومواجهة الأفكار المتطرفة التى لا تزال تنتقص من حقوق المرأة, خاصة أن هذه الأفكار المتطرفة تؤثر فى دور المرأة وتسهم فى تراجعه, وللأسف هذه الأفكار تتخذ الدين ستارا لها ..وأكدت أن قضية المرأة هى قضية وعى ومواجهة الأفكار الظلامية والعادات والتقاليد التى عفى عليها الزمن،لافتة إلى أن الموروثات الثقافية والاجتماعية والأفكار الظلامية تضع المرأة فى قالب معين وتهدر حقوقها .
وأشارت إلى أن التمكين للمرأة فى شتى المجالات يجب أن يكون مهمة قومية أى تمكين اقتصادى واجتماعى وثقافى وفكرى ,لافتة إلى أن قضية المرأة هى قضية المجتمع ككل وليس نصف المجتمع كما يقال, فالمرأة هناك تعتقد أن وظيفتها الوحيدة هى الإنجاب .
وأشادت الكاتبة سكينة فؤاد بمبادرة لا أمية مع تكافل، مشيرة إلى انه آن الأوان للقضاء على الأمية نهائيا, والأمية ليست أمية القراءة والكتابة فحسب بل رفع الوعى حتى تستطيع أن تدير بيتها وأسرتها.
تغيير المفاهيم
فيما أوضحت د. كريمة الحفناوى أن قضية تغير المفاهيم والثقافة الموروثة والتى ترسخ التمييز ضد المرأة أمر ضرورى ويجب أن تتكاتف كل مؤسسات الدولة والوزارات المعنية فى عمل تثقيفى وتوعوى مستمر يشارك فيه الإعلام والتعليم والثقافة والدراما ووزارة الشباب والمجلس القومى للمرأة نحن نحتاج إلى توعية متكاملة ويشارك فى ذلك مؤسسات المجتمع المدني بحيث يتم بلورة رؤى متكاملة لرفع الوعى , وألا يتم العمل بشكل فردى وموسمى, بمعنى حلقات وورش عمل عن العنف ضد المرأة وتنتهي, أو فعاليات عن الزواج المبكر فيجب العمل بشكل متكامل ومستمر,حتى نستطيع أن نصل إلى تغيير الثقافة , ومن الضروري العمل على إنشاء مفوضية عدم التمييز التى نص عليها الدستور.
وأضافت هناك العديد من التشريعات المعلقة التى تحتاج إلى إقرارها سريعا لأنها تخدم المرأة كسن تشريع مفوضية عدم التمييز, المساواة بين الجنسين من خلال قوانين العمل فهناك تمييز ضد المرأة فى الأجور والترقى وفرص العمل , ولابد من تعديل هذه البنود , فى قانون العمل لأنه لا يمس المرأة وحدها ولكنه يمس قطاعا عريضا من المجتمع, ونطالب بمناقشة هذا القانون مناقشة مجتمعية بحيث يضمن حقوقا كثيرة للمرأة, والاهم من ذلك الأحوال الشخصية الذى يسهم فى استقرار الأسرة المصرية .
وأوضحت “الحفناوى”أن قانون الأحوال الشخصية له دور أساسى فى تحقيق التوازن داخل الأسرة وطالبت بضرورة الاهتمام بإعداد تشريع متكامل يأخذ بعين الاعتبار المتغيرات الراهنة ,ويحقق الاستقرار داخل الأسرة من أجل الحد من آثاره الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع , ومنها تراجع مساهمة المرأة فى قوة العمل مما يتسبب فى حرمان الاقتصاد من قوة بشرية يمكن أن يكون لها دور تنموى, فتصل معدل البطالة بين النساء إلى 42%, ولا تتجاوز مساهمتها فى قوة العمل عن 30% , وكذلك ارتفاع ظاهرة الطلاق , وتكلفة الخسائر التى تسببها ظاهرة الطلاق التى بلغت نحو 6,3 مليار جنيه عام وكذلك ظاهرة الزواج العرفي , والمشكلات فى قضايا النسب , وهناك مشروع قانون موحد لمواجهة العنف ضد المرأة تقدمت به النائبة الراحلة “منى منير “, والنائبة السابقة” نادية هنري”,هذا المشروع يضم كل أشكال العنف الموجه ضد المرأة كختان الإناث وزواج القاصرات.