المرأة السودانية في برلين حاضِرة ومُكرّمة



حامد فضل الله
2023 / 3 / 16

موسى الزعيم برلين، سوريا
تقديم حامد فضل الله برلين
أقامت مجموعة المرأة السودانية في برلين، بمناسبة يوم المرأة العالمي، احتفالا كبيراً يوم السبت الموافق 11 مارس آذار 2023، بحضور واسع ومميز من السودانيين وضيوفهم من العرب والألمان. وشرفت الاحتفال سعادة السفيرة إلهام إبراهيم محمد أحمد، وقدمت كلمة ضافية مشيدة بدور المرأة، كما شاركت الوجوه الدبلوماسية الجديدة، يتقدمهم السيد الوزير المفوض ونائب رئيسة البعثة إدريس محمد علي محمد سعيد، وشرفت الحفل الروائية السورية الدكتورة نجاة عبد الصمد، طبيبة اختصاص أمراض النساء والتوليد، وكذلك الكاتب والقاص ومحرر الصفحة الثقافية في مجلة الدليل الشهرية البرلينية، السوري موسى الزعيم، وقدم مشكوراً تغطية وافية للحفل نستعرضها هنا.
كما نود الاِشارة إلى الخبر المفرح، الذي نشر في نفس يوم الاحتفال في الصحيفة اليومية " Der Tagesspiegel، وهي أهم صحيفة برلينية، منح السيدة أمل عباس المولودة عام
1973 في مدينة درسدن بشرق ألمانيا من أب سوداني وأم ألمانية، والمتخصصة في مجال العلاج النفسي، ورائدة الأعمال الاجتماعية، جائزة المرأة لهذا العام في برلين، لدورها في مجال محاربة التمييز والدفاع على مبدأ المساواة بين الجنسين، وقد أقيم حفل توزيع الجوائز مساء الثلاثاء (7 مارس/آذار) في قاعة مدينة برلين، عشية يوم المرأة العالمي (8 مارس آذار) بحضور حوالي 200 شخص وشهد الحفل عروض رقص وغناء لفنانين من جنسيات مختلفة.
التهاني الحارة للسيدة أمل ومزيداً من الاِبداع في العمل الاِنساني.
كما نقدم نبذة قصيرة عن مجموعة المرأة السودانية في برلين.
إلى نصّ موسى الزعيم:
أقامت مجموعة المرأة السودانية في برلين "جمعيّة سودانيّة" احتفالها السنوي بمناسبة يوم المرأة العالمي 11 مارس 2023 بعد توقف استمر ثلاث سنوات بسبب جائحة كورونا حيث يعتبر احتفال هذا العام مميزاً من حيث عدد الحضور والأنشطة وحضور السيدة سفيرة السودان وعدد من الدبلوماسيين و الكتاب والصحفيين والإعلاميين من العرب والألمان.
افتتحت الحفل السيدة جميلة شكري، وقدمت السيدة زينب البشير كلمة مجموعة المرأة السودانية في برلين.
ثم ألقت السيدة إلهام إبراهيم محمد أحمد سفيرة جمهورية السودان لدى ألمانيا، كلمة بهذه المناسبة حيّت فيها المرأة في جميع أنحاء العالم وأثنت على المرأة السودانية خلال مسيرتها العامرة في شتّى المجالات التنموية.
أوضحت السفيرة أن المرأة السودانية عبر تاريخها الطويل لعبت دوراً تاريخياً ونضالياً في الحياة السياسية
والاجتماعية منذ ممالك ما قبل التاريخ مروراً بمشاركتها في الحركات المناهضة للاستعمار، والحركة السياسية بعد الاستقلال، وصولاً إلى دورها الفاعل في ثورة ديسمبر المجيدة”.
وأشارت “السفيرة “ أحمد” إلى أنه بعد قيام الثورة نصّت الوثائق في الفترة الانتقالية على دعم مسيرة المرأة من خلال المساواة في الحقوق ومحاربة التمييز ضدها بكافة أشكاله، مؤكدة أنه لا تزال هناك العديد من التحديات أمام المرأة.
السودانية لتكفل حقوقها. من جهة ثانية أكدت السفيرة على أن كلّ سوداني في ألمانيا سفير للوطن من خلال سلوكه، لافتة إلى أن “السودانيين في ألمانيا من أقلّ الجاليات نسبة من حيث ارتكاب المخالفات، مما يعطي صورة طيبة عن السودان لدى الشعب الألماني.”
ودعت السفيرة إلى ترجمة اسهامات السودانيين في المجالات المتخلفة إلى واقع ملموس في الحياة السياسية والاقتصادية والمدنية في ألمانيا، من خلال لعب دور فاعل في مجتمعاتهم الصغيرة وتطوير هذا الدور الفاعل ومن خلال توّحد جميع السودانيين في الجاليات الأوروبية المختلفة تحت راية الوطن، السودان الواحد.
وعن دور المرأة في النضال الحديث ذكرت السفيرة “أحمد” أن “المرأة السودانية تناضل منذ الحضارة النوبية وأن الملكات حكمن السودان وأجزاء كبيرة من المنطقة، مؤكدة أنّ “المرأة السودانية تطورت وولجت كلّ مجالات الخدمة والتعليم، والآن نتحدث عن المرأة السودانية التي أصبحت خبيرة و فاعلاً أساسياً في تشكيل المجتمع السوداني والحياة السياسية والاقتصادية داخل السودان وخارجه”.
وفي الوقت الحالي تساهم المرأة السودانية وخاصة الشابات بشكلّ فعّال في تشكيل مستقبل السودان السياسي، ونحن سعداء أن البلاد تشهد حراكاً سياسياً كبيراً للمرأة ومشاركة فعّالة فيه، لتشكيل حكومة مدنية تقود بدورها للانتخابات القادمة ”
نساء على دروب النجاح
تحدثت الدكتورة اليمنية "شذى عبد الرحمن بلجون" أخصائية الجراحة التجميلية عن تجربتها: وهي من مواليد مدينة عدن، نشأت في أسرة كان لها دورها في الشأن الثقافي العلم لابٍ إعلامي وأم أستاذة جامعية.
تابعت بلجون حديثها: حظيت بطفولة هانئة في أسرة يملؤها الحب، إلى أن حدثت المأساة التي غيرت حياتنا بالكامل، ففي الثالث عشر من يناير العام ١٩٨٦ اعتقِل والدي إبّان الانقلاب العسكري وتم إخفاؤه قسريّاً"
بعدها تعرضت الأسرة للمضايقات، فلجأت إلى دمشق أولاً ثم ألمانيا الشرقية، بدأت الأسرة تتعامل مع مجتمع جديدٍ من خلاله كان عليها أن تحقق ذاتها.
"فالحياة لم تكن سهلة في البداية.. أمُ مفجوعة بزوجها بعهدتها 4 أطفال : هي وشقيقتها التوءم الدكتورة "ندى" اخصائية الجراحة التجميلية أيضاً وشقيقيها "بلجون" و"وضاح".
ولفتت "بلجون" أن دراستها لجراحة التجميل هي انعكاس للرغبة الجمالية في الحياةـ وذلك لم يكن الأمر سهلا عليها.
تقول " توجّب علي أن أعمل أنا وشقيقتي "ندى" لتغطية نفقات الدراسة، في مهنِ شتّى، قبل التخرج وبعده
وشددت "بلجون" على رغبتها وإصرارها على تغيير النظرة النمطية للمرأة الشرقية، فواصلت الليل بالنهار بالعمل الدؤوب ، لتحقيق النجاح المهني المتميز الذي يليق بالمرأة العربية، الذي يعود الفضل فيه لأسرتها وللمجتمع الألماني، وعاهدت نفسها مع شقيقتها على أن تكونا صورة مشرّفة للمرأة العربية واليمنية في المهجر.
واختتمت حديثها بأن تمنّت أن تجد الحاضرات في قصتها ما يشدّ أزرهن ويقوّي عزيمتهن على المضيّ قدماً في طريق النجاح".

أما الدكتورة السورية "نجاة عبد الصمد" اختصاصية الأمراض النسائية، وهي كاتبة وروائية ومترجمة.
استهلّت الدكتورة عبد الصمد كلمتها بتحية إلى الأميرة السودانية "مَندي" الأميرة "مندي" ابنة السلطان عجبنا بن أروجا، سلطان "النيمانج"، الأرض السودانية التي تمردت عام 1917 على المستعمر البريطاني بقيادة السلطان عجبنا ومن خلفه جنوده. حاصرهم المستعمر ومنع عنهم الماء حتى تردّى حالهم وكادوا يستسلمون. حينها ضربت الأميرة مندي (البُخسة) في الأرض، على عادة النيمانج، دليلاً على عزمها على إرسال التعزيزات إلى والدها. ربطت طفلها إلى ظهرها وحملت بندقيتها وانطلقت من غير أن تصغي إلى من حاولوا ردعها. ألهب وصولها الحماس بين صفوف المقاتلين، وقاتلت معهم بشجاعة نادرة، ولم تتراجع حتى بعد أن قتل البريطانيون طفلها على ظهرها، تابعت تشجّع المقاتلين وتضمد جراحهم وتطبخ لهم.. ولم يغيّر استبسالها نهاية المعركة الحزينة بخسارة الثوار وأسر والدها السلطان عجبنا، ثم إعدامه شنقاً، إنما خلّدتها أغاني قبيلتها، ولا تزال موسيقا مارش عسكريّ تُعزف على شرف بطولتها..
بعدها تحدثت عبد الصمد عن تجربتها في الهجرة المتأخرة إلى ألمانيا. عملت كطبيبة اختصاص في بلدها لمدة خمسة وعشرين عاماً، قبل أن تبدأ الحرب وتجبرها على القدوم إلى ألمانيا في نهاية عام 2017، وأضافت عبد الصمد أن كلتا
التجربتين لم تكونا سهلتين، إنما بالاجتهاد والإصرار يمكن تخطي كل صعب، ومفتاح الدخول إلى حياة كل مجتمع جديد هو تعلم لغته. حينها لن يعود البلد الجديد منفى بقدر ما يصبح فرصةً لبدء حياة جديدة فيه.
أما الدكتورة سهام عبدالله رحمة الله
‎تحدثت في البداية عن الرائدات السودانيات في المجال الأكاديمي والمهني والسياسي.
ونشير هنا إلى مسارها الأكاديمي الناصع والمتواصل من جامعة الخرطوم إلى جامعة همبولدت ببرلين في مجال تربية الحيوان والوراثة الجزئية، و ساهمت في العديد من المشاريع المشتركة بين الجامعتين. وتميزت في مجال البحث العلمي والأكاديمي، كأستاذة في جامعة هومبولدت ببرلين منذ العام 2018
كما شارك البروفسور الألماني Prof. Dr. Hans Schweisfurth المحاضر بجامعة Duisburg بمحاضرة قصيرة عن وضع الرعاية الصحية للنساء في ألمانيا.
كما قدم الأطفال عرضاً شيقاً للزيّ القوميّ السوداني حسب مناطق السودان المختلفة وكذلك قدمت الفتيات عرضاً جميلاً للثوب السوداني الذي تتميز به المرأة السودانية.
كما تخلل الاحتفال فقرات شعريّة قدمتها السيدة عفاف عدنان من السودان والسيدة أشجان شعراني من سوريا.
بعد ذلك قامت الدكتورة آمنة الشفيع رئيسة جمعية المرأة السودانية في برلين بتكريم الأطفال اللذين شاركوا في الاحتفالات السابقة والذين كانوا أطفالاً والآن هم في مرحلة الشباب، حيث قدمت لهم شهادات تقديرية .
كما اشتمل الاحتفال علي ركنٍ مصغّر لمعرض التراث الشعبي السوداني.

يُذكر أن مجموعة المرأة السودانية في برلين " هي مجموعة نسوية طوعية غير حكومية وغير ربحية تكونت من قرابة 13 امرأة من النساء السودانيات في برلين في العام 2015،
وتهدف إلى خلق برامج اجتماعية وثقافية تُعنى بالمرأة والطفل في برلين ولتوسيع قاعدة مشاركة المرأة السودانية في العمل الاجتماعي الثقافي الطوعي، فضلاً عن تعميق مفهوم الهوية لدى الأطفال وتعريفهم بالثقافة والموروثات السودانية من خلال الأنشطة المختلفة التي تقيمهاكما تهدف إلى توسيع قاعدة مشاركة المرأة السودانية في العمل الاجتماعي الثقافي و الطوعي.
أختتم الاحتفال بفقرة موسيقى سودانية للفنان عزو المبارك والعازف الزين المبارك، في جوّ من الألفة والسعادة الأسرية.