المساواة لا تنتهي عند زيادة الرواتب



شابا أيوب شابا
2023 / 3 / 16

نشرت جريدة " الشيوعي" (*) في عددها الثالث - آذار ٢٠٢٣ بمناسبة 8 آذار يوم المرأة العالمي المقال التالي:


لم يكن يعمل في مجال السياسة هذا العدد الكبير من النساء مثل ما نراه اليوم ، لكن حصيلة هذا العمل في تقديم المساعدة للنساء ما زالت محدودة. يحصل هذا ورئيسة وزرائنا في الدنمارك إمرأة. أربع نساء أوروبيات تولينَ منصب رئيس الوزراء ، ماركريت تاتشر (بريطانيا) ، هيلي تورننج (الدنمارك) ، أنجيلا ميركل (ألمانيا) و ميتي فريدريكسن (الدنمارك) ، لكن أيّْ منهُن لم تحقق أي مكسب للنساء ولا حتى لغيرهن بشكل عام. فكل هؤلاء الأربعة كانوا وما زالوا بُرجوازيات ، وكلّهم تبنّوا سياسات مناهضة للعمال والشغيلة.

وجهة نظر بعض أحزاب اليسار الدنماركي للمرأة

وهنا يٌطرح سؤال؛ هل يجب عليَّ أن أختار بعض النساء ذوات الميول الأكثر يسارية وكُنَّ متحدثات باسم القائمة الموحدة(١) أو حزب الشعب الاشتراكي (٢) ؟
حسنًا ، لنلقِ نظرة عليهن وعلى نتائج نشاطهن في البرلمان.
كيف استفادت منهن الطبقة العاملة وعلى وجه الخصوص النساء العاملات؟

وقفت بِيا أولسن زعيمة حزب الشعب الإشتراكي جنباً إلى جنب مع الاشتراكيين الديمقراطيين والأحزاب الأخرى في البرلمان ، خلف العديد من التشريعات المدمرة ومنها قانون الغيتو ، وقانون لينتهولم(٣) وقانون الميزانية الخاص بالتسوية الدفاعية، والتشريعات التي تضر برفاهيتنا وبيئتنا وتزيد من الفقر في بلادنا.

أمّا حزب القائمة الموحدة، والذي لديه العديد من المتحدثات الرسميات، الى جانب بقية المعارضة في البرلمان نراهم يبحثون عن بدائل أخرى لتمويل الحرب المدمرة في أوكرانيا ، لتجنب سرقة الحكومة ليوم الصلاة العظيم (٤). إنها أحزاب ليست مُعارِضة. هذه أحزاب تقبل الفرض وتُطعمنا، بما في ذلك نحن النساء بذيلنا.

ليتنا نحن الشيوعيين ، رجالا ونساءاً ، نملك نفس الموارد التي يمتلكونها. نعم، سنفضح كل هجمة تقع على السكان، ونجعل مواطنينا يفهمون لماذا يتعلق الأمر كله بإنشاء مجتمع اشتراكي يتساوى فيه الجميع.

غياب المساواة

لا تزال المساواة في الأجور غير متساوية - باستثناء أعضاء البرلمان الدنماركي. وتشكل الفجوة في الأجور بين الرجال والنساء اليوم 13.5٪ على الرغم من أن قانون المساواة في الأجور قد صدر منذ عام 1976. الشيء الوحيد الذي يمكنهم تقديمه للنساء هو الحق في أن يجعلوا منهن وقوداً للحرب على قدم المساواة مع الرجال. وعلى الرغم من مطالبة النساء في المهن النسائية التقليدية بزيادة الأجور وإرتفاع معدلات التضخم في البلد، فإن الحكومة الدنماركية تُعطي الأولوية للحرب بدلاً من الرعاية الاجتماعية. وقد ساء الوضع للغاية لدرجة أنه وعلى سبيل المثال، أصبحت الممرضات في الدنمارك سلعة عالمية لبيع أنفسهن لمن يدفع سعراَ أعلى (٥)، وَالحكومة لا تفعل شيئاً وهي غير قادرة على حل المشكلة لأنها خاضعة لقانون الموازنة وتريد خصخصة القطاع العام

نظرة الاتحاد الأوروبي للمرأة
على الرغم من أن حق المرأة في الإجهاض لا يزال ساري من الناحية القانونية في معظم دول الاتحاد الأوروبي ، إلا أن هناك فرقًا كبيرًا في كيفية إستفادة النساء منه. لأن الاتحاد الأوروبي لا يقف دائماً الى جانب حقوق النساء. لقد سمعنا الكثير عن حظر الإجهاض شبه الكامل في بولندا ويتم هذا من دون إجراء استفتاء، وفي بلجيكا وألمانيا والمجر وأيرلندا وإيطاليا وهولندا وسلوفاكيا وإسبانيا ، أُجبرت النساء على قضاء فترة انتظار إلزامية قبل إجراء الإجهاض. في إسبانيا يتحتم على النساء دون سن 18 عاماً الحصول على إذن من الوالدين قبل أن يُقدموا على الإجهاض. أمّا في مالطا فإن الإجهاض ممنوع حالياً تماما.

في هولندا وإيطاليا وسويسرا والمجر تضطر النساء الى تبرير اختيارهن للقيام بالإجهاض أمام المهنيين الصحيين والقول إنهن في حاجة الى ذلك لأسباب (عائلية ، اجتماعية ، مالية وغيرها) قبل الإقدام على الإجهاض.
في بلجيكا ، وألمانيا ، والمجر ، وإيطاليا ، وليتوانيا ، وهولندا ، وسلوفاكيا ، يَلزم على النساء الخضوع للاستشارات الإلزامية حول حياتهن الجنسية قبل أن يحصلن الموافقة على الإجهاض.

في ألمانيا والمجر ، تنص التوجيهات على أنه عند إجراء المقابلات مع النساء الراغبات في الإجهاض يجب محاولة إقناعهن بعدم إجراء عملية الإجهاض إستناداً الى تقرير من منتدى الاتحاد الأوروبي للحقوق الجنسية والإنجاب.

في عام 2018 ، غيّرت أيرلندا تشريعاتها الخاصة بالإجهاض من الحظر التام إلى السماح بالإجهاض في الأسابيع 12 الأولى من الحمل.

أمّا في النرويج والسويد فقد تم رفع قضايا مبدئية أمام المحاكم تتناول منع إجراء الإجهاض. وفي كلا البلدين كان الأمر يتعلق بما إذا كان بإمكان الإختصاصيين في المجال الصحي رفض مساعدة النساء اللواتي اضطررن إلى الإجهاض.
في السويد ، رَفعتْ قابلتان مأذونتان حديثتا التخرّج دعوى قضائية ضد الدولة السويدية وضد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في محاولة منهما للحصول على حق رفض تدخل الدولة في الإجهاض والمعترف به قانونياً. لكنّهما خسرتا القضية أمام محكمة العدل الدولية في عام 2020.

لهذا أنا شيوعي

في وقت مبكر من عام 1847 ، كتب فريدريك إنجلز:

"في المجتمع الشيوعي ، ستكون العلاقة بين الجنسين علاقة شخصية بحتة ، لا تخص إلا الأشخاص المعنيين بها ، وينبغي على المجتمع أن لا يتدخل فيها، وسنكون متساوين، وبإمكان المجتمع الشيوعي أن يفعل ذلك لأننا نُلغي الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونُربي الأطفال معاً ، وبالتالي نزيل أسس التبعية والإدانة والخضوع ".

وهنا لا بد من التذكير بأن حقوق النساء وردت لأول مَرّة في دساتير الدول الاشتراكية ويمكن التحقق من ذلك في القوانين الجديدة للأسرة في كوبا.

إن الحق في الطلاق والإجهاض والتعليم وما شابه ذلك قد تحرر من النظرة البرجوازية القمعية للأسرة. وأننا أمام إقرار المساواة بين المرأة والطفل والرجل! لخلق مجتمع يمكننا فيه جميعاً أن نكشف عن أنفسنا ونتطور و نهتم بالضعفاء.

هذا هو نحن الشيوعيين و ما نود تقديمه يا رئيسة وزرائنا ميتي فريدركسن، وهذا يضع على عاتِقنا مسؤولية وَ واجبَاً أخلاقياً تجاه الإنسانية والمساواة بصفة خاصة.

يا رئيسة الوزراء ميتي فريدركسن تُقدمين على إلغاء عطلة يوم الصلاة العظيم في الدنمارك من أجل دعم الحرب في اوكرانيا، لكن هل تعلمين أن يوم النضال العالمي للمرأة ( 8 آذار) لا يزال عطلة رسمية في أوكرانيا؟ وأن هذه العطلة قد أُتخذت في ظل الاشتراكية عندما كانت أوكرانيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي؟

دعونا نأمل لأجل النساء والأطفال في أوكرانيا أن زيلينسكي لا يسمح لنفسه أن يستوحي مِنكِ ومن إجراءاتكِ شيئاُ.

إن الكفاح من أجل المساواة لم ينتهِ بعد - لقد بدأ للتو.

(*) جريدة شهرية يُصدرها الحزب الشيوعي في الدنمارك

(١) حزب يساري له نواب بالبرلمان
(٢) حزب يساري آخر له تمثيل بالبرلمان
(٣) جزيرة صناعية جديدة يُراد انشاؤها في شمال البلاد.
(٤) هو يوم عطلة رسمية بالبلد وترغب الحكومة الحالية إلغائه وتحويله الى يوم عمل لدعم الحكومة الاوكرانية في حربها ضد روسيا
(٥) هناك نقص شديد في عدد الممرضات في الدنمارك يقارب ٥٠٠٠ ممرضة بسبب هجرة حوالي عشرة آلاف منهن الى النرويج للفرق الهائل في الأجور

ترجمة : د. شابا أيوب