يوم المرأة العالمي بالنسبة للسلطة والمعارضة، ما بين اذار الماضي واذار اليوم...



نساء الانتفاضة
2023 / 3 / 24

يحتفي العالم في الثامن من (اذار) مارس، بيوم المرأة العالمي، ويعد هذا اليوم حدثا تاريخيا مهما بالنسبة للنساء حول العالم، وذلك لأهميته في نشر الوعي للدفاع عن حقوق النساء في الحياة الحرة والقدرة على المشاركة في اتخاذ القرار والوقوف على قدم المساواة مع الرجال. وقد قطعت النساء حول العالم شوطا في تحقيق العديد من المكاسب من خلال معارك ونضال امتد لعشرات السنين، ورغم كل هذه المكتسبات الا ان أوضاع النساء لا تزال بحاجة الى الكثير من الإجراءات والتشريعات، بل والثورة على الكثير من المفاهيم والقوانين خصوصا في المجتمعات التي لا تزال تعيش عصور الهيمنة الاجتماعية والسياسية الداعمة للأنماط الذكورية في السيطرة على المجتمعات.

تتصدر قضايا المرأة، مع حلول الثامن من اذار، المنابر والمنصات داخل أروقة ومؤسسات الدولة سواء اكانت تشريعية او تنفيذية، بالإضافة الى إذاعة هذه المناسبة في مختلف وسائل الاعلام، لكن الغالبية العظمى من هذه الفعاليات لا تغوص في أعماق المشكلات التي تعيشها النساء، انما هي مجرد شكليات وبروتوكولات دعائية لا تتجاوز القضايا الاحتفالية، بل ان الكثير من حفلات التكريم او المناقشة لواقع المرأة في العراق، تمتهن في جوهرها النساء وتحاول المحافظة على أوضاع المرأة على ما هي عليه، لان جميع الأحزاب الإسلامية الماسكة للسلطة في البلاد تعمل كجزء من إستراتيجيتها تجاه النساء على إبقاء اخضاع النساء وجعلهن مجرد ديكور داخل البرلمان والحكومة والاستفادة من اصواتهن في كل عملية انتخابية، بالإضافة الى ضمان خضوعهن التام لمنطقهم، ما دامت لا تطالب بحقوقها ومساواتها الحقيقية.

تناشد النساء في الثامن من اذار السلطات وأصحاب القرار في البلاد ويستعرضن معاناتهن وشكواهن على امل إيجاد حلول وتغييرات جذرية لواقعهن المرير، ولكن دون جدوى تحت ظل نظام رأسمالي طائفي قومي، لتتبدد هذه الآمال وسط نظام يفتك بحياة الانسان يوما تلو الاخر، عن اي امل نتحدث وأرقام الجرائم التي ترتكب يوميا بحق النساء تزداد يوميا وبشكل مستمر؛ ناهيك عن التمييز والظلم والقهر بغياب القوانين التي تحميهن وتضمن حقوقهن، ولنا ان نتخيل ما يترتب على تلك الممارسات من تبعات سلبية في المجالات كافة، لتبقى هذه المطالبات والمناشدات مجرد هواء في شبك، فالحقوق كما يعلم الجميع لا تأتي الى بالانتزاع من خلال الضغط والنضال اليومي، ليس بالضد من المنظومة السياسية الحاكمة فقط، انما بالضد من الشكل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة في العراق، والتي كانت ومنذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة تضطهد المرأة وتبرر استغلالها ودونيتها.

ما بين اذار الماضي واذار اليوم لم يطرأ أية تغيير بقضية المرأة، ذات الواقع المرير الذي عانت منه، ذات السياسات المجحفة المتبعة بحقها، ذات القوانين المأساوية المطبقة عليها. ان قضية المرأة حبيسة نظام إسلامي سياسي برجوازي طائفي، يعمل جاهدا على احباط أية محاولة للتغيير، من أجل إبقاء المرأة في وضعها الدوني كمواطنة من الدرجة الثانية لا بـل حتى العاشرة مع استمرار الانتقاص منها.

ان انتصار قضيـة المـرأة وتغيير واقعها يرتبط بالدرجة الأساس بفصل نضال النساء عن كل الدعوات التي تطلقها السلطة واحزابها وقواها، بالإضافة الى فصل صفوف الناشطات والتجمعات النسوية والمنظمات الثورية المعنية بتحرر ومساواة المرأة عن كل التيارات الإصلاحية التي تتبنى الخط الذي يفصل قضية المرأة عن قضية المجتمع وتحرره من هيمنة البرجوازية أي كان شكلها.

أسيل سامي