هل هناك فرق بين امرأة وأخرى؟



نساء الانتفاضة
2023 / 4 / 1

في داخل مول الحارثية في بغداد، يوجد شارع جميل، يسمى "شارع النهر"، هو مكان ترفيهي للعوائل، خصوصا الأٌسر من سكنة المناطق المجاورة لهذا المول، المنصور والحارثية واليرموك، وهذه مناطق راقية جدا في بغداد؛ في ذلك الشارع تصادف في بعض الأحيان ان ترى عائلة جالسة وبرفقتهم "الخادمة" التي دائما ما ترافق الأطفال وهم يلعبون.

في شارع الكرادة تصادفك لافتات مكتوب عليها "مكتب تشغيل"، وعندما تدخل تجد بعض النساء وهن جالسات بشكل بائس ومؤلم، ينتظرن من يأخذهن ك "خادمات" في البيوت، اغلب تلك النسوة من جنسيات "بنغلاديش، نيبال، فلبيين، وبعض الدول الافريقية خصوصا من اثيوبيا واوغندا ونيجيريا".

عندما تفتح مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر لك اعلان ممول يقول: "هل تحتاج الى مدبرة منزل، مكتبنا يوفر لك ما تريد". ليست الا مكاتب نخاسة، ولا تعريف لها غير ذلك.

اغلب تلك النساء يتعرضن للتعنيف اللفظي والجسدي، بل وحتى للاغتصاب، ويتم في بعض الأحيان "مناقلتهن" بين الأٌسر، وبعض منهن يتم طردهن من البيوت، ولا تجد لها مأوى، فتتحول حياتها الى جحيم، بكل ما للكلمة من معنى.

اذا ما أحببت ان تسير يوما في شارع السعدون، وانعطفت على منطقة البتاوين، تلك المحلة البائسة جدا، فستسمع همسا كلمات "بنات، بنات، تفضل عيوني".

عندما عٌرض المسلسل الكويتي "دٌفعة لندن"، الذي احتوى على مشهد فتاة من العراق وهي تعمل خادمة، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بالكتابات المنددة بالكويت وبالكاتبة، وتحول الكثيرين الى مدافعين عن المرأة! وقد اثارت تلك الضجة تساؤلات عديدة:
ترى هل يكرهون المهنة ذاتها "الخادمة"؟ لكن العالم مقسم طبقيا، طبقة تملك كل شيء، وأخرى لا تملك سوى قوة عملها، بالتالي فأن الطبقة التي لا تملك شيئا مضطرة للعمل عند الأخرى. وتلك الفتاة "العراقية" في المسلسل لا تملك ما يساعدها على اكمال دراستها، فعليها ان تعمل. المشكلة انهم لا يؤمنون بالطرح الطبقي.

ترى هل "حٌب الوطن" كان هو الدافع لهذه الضجة؟ لكن المعروف ان هذا "الوطن" متأكل من الداخل، "وطن" مهزوم ومنكسر، ينازع للبقاء حيا، ولا توجد أدنى مقارنة بينه وبين البلدان الأخرى.

ترى هل كانت المرأة وشخصيتها وحقوقها هي المقصود؟ لكن المرأة في العراق في أسوأ أوضاعها، وهي تشهد تراجعا بحقوقها، فقوى الإسلام السياسي الحاكم والعشائريين هم في هجوم مستمر عليها؛ ثم اننا لم نشهد أية وقفة او مشاركة في تظاهرة من هؤلاء في مناسبة المرأة، بل اننا لم نقرأ مقالة واحدة لهم عن المرأة، ولم نشاهد فيديو لأحدهم متحدثا عن حقوق المرأة في العراق؛ رغم ان الاتجار بالنساء في العراق قائم بشكل مخيف، وهو ينشط يوما بعد آخر.

هل هناك فرق بين امرأة وأخرى؟ هذه فتاة من العراق، تعمل "خادمة" في منزل ما، وهنا نسوة من اسيا وافريقيا يعملن في المنازل، وهنا أيضا نساء يٌتاجر بهن؛ تلك الفتاة تثار عليها ضجة كبيرة؛ لكن النساء هنا لا أحد يتحدث عن معاناتهن، النساء هنا يعملن في مكبات النفايات، ولم نجد احدا انتفض، لكن فتاة تعمل "خادمة" فهذه كارثة. المشكلة لا تعرف كيف تدار هذه المعادلة؟

هل يريد أحد ان يعرف حجم معاناة النساء؟ خصوصا ممن يعملن "خادمات منازل"، عليه ان يطرق باب قسم "الشرطة المجتمعية" في مراكز الشرطة، خصوصا مركز شرطة السعدون، هناك ترى مشاهد مؤلمة ومحزنة؛ وهل يريد أحد ان يزداد الما؟ ليذهب لزيارة مكاتب التشغيل "النخاسة"، هناك سترى نظرات النساء المفجعة.
#طارق_فتحي