النص القرآني ليس هو الدين الإسلامي، وضرب المرأة مرفوض من أساسه!



راكان علي
2023 / 4 / 5

يتحدثون عن الضرب مرة بكونه مبرِّحاً ومرة بكونه لا يتعدى الضرب بالسواك من باب تأديب المرأة، لكن لم يتحدثوا ولا مرة عن رفض الضرب من أساسه وإنكار ومبدأ التأديب الذكوري والمتعجرف هذا. لا زالت المرأة المسلمة في مجتمعاتنا أسيرةً ليس للنص القرآني وحده، بل وللتفسيرات المتضاربة التي لا ينفك رجال الدين عن تصديرها يوما بعد يوم محمّلين الإسلام وزر تخلفهم وجهلهم وذكوريتهم وكرههم واحتقارهم للمرأة وكل ما يخصها.

دعونا نتفق أولًا أن النص القرآني ليس هو الدين الإسلامي وإن كان يستقي الدين من آياته ما فيها من قيم وجدانية روحية سامية نحو: [لئن بسطت يدك إلي لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إن أخاف الله رب العالمين]، [ويسألونك ماذا ينفقون، قل العفو]، [وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما]، [ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا], [الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئن القلوب], [وليعفوا وليصفحوا] وغيرها من الآيات القرآنية الكريمة التي لا مراء في صلاحيتها لكل زمان ومكان وقيمتها الروحية والقيمية العالية جدا. كل هذه الآيات وما شابهها من نصوص التراث الجمالية لا شك أنها تدعم رؤية الدين ودوره في إضفاء المعنى والسكينة والطمأنينة على حياة الكائن البشري، غير أن كل تلك النصوص وإن كان الدين مستفيدا منها ويستند إليها فيما يدعمه كدين إنساني رحماني جمالي لا كأيديولوجي إرهابي، إلا أنها ليست هي الدين ذاته، أي أن نصوص القرآن ليست هي الإسلام نفسه.

ثانياً: القرآن ليس مقدسا ولا كل آياته صالحة لكل زمان ومكان، القرآن مخلوق، والنقص والعجز هما جزء من تكوين كل مخلوق مهما ادعاء الكمال والقداسة. كثير من نصوص وأحكام القرآن جاءت لأزمان ومجتمعات موغلة في القدم والبدائية حيث لم يكن هناك لا قوانين ولا دول ولا مواثيق دولية لحماية حقوق الإنسان ولا أيٍّ من ذلك، وبالتالي فمحاولة فرض تلك النصوص التي ليست مقدسة أصلا والتي لا تشكل جوهر الإسلام ذاته، في عصرنا اليوم ضاربا بوثيقة الإعلام العالمي لحقوق الإنسان وكل مواثيق حقوق الإنسان الدولية عرض الحائط مدعيا أن كلامك وفهمك وحتى النصوص القرآنية التي تستند عليها هي الدين والإسلام ذاته، لم يعد مقبولا ولا ممكنا في عالم اليوم.

نعم، وبكل وضوح نرفض كل ما في القرآن من نصوص تُعتبر بمقاييس العصر الحديث إهانة للمرأة وحطا من كرامتها. يكفي هذا العبث وتحميل الدين ما لا يحتمل وما لا يطلب. الدين لا يطلب أن يكون قانونا ولا مشرعا ولا حاكما بين البشر، الدين دوره معروف كما أسلفنا، ومحله الروح والقلب ودور العبادة وشعائر الرقي والسمو. وصل الحق لا يحتاج نصا، وليس فيه تمييز أو إكراه أو ظلم لبشر.

لقد حان الوقت لوقف قراءات الدين المتطرفة، الذكورية واللاإنسانية، يجب وقف هذا العبث ومنعه واحترام الإنسان وحقوقه وحرياته بغض النظر عن جنسه أو لونه أو دينه أو رأيه.

لا تحمّلوا الدين وزركم ووزر من قبلكم، لا تضعوا عليه ما لا ذنب له فيه، واتقوا الله الذي لا إله سواه ولا مقدس غيره، واعلموا أن من يدعي صلاحية كل النصوص القرآنية لكل زمان ومكان، أنه قد وقع في براثن الشرك والانحراف عن مبدأ التوحيد القويم [لا إله إلا الله وحده لا شريك له]. وحده الله المقدس، وحده ولا سواه.

ضرب المرأة مرفوض وتقديس النصوص مرفوض كذلك. المرأة إنسانة لها كامل الحقوق الإنسانية مثلها مثل الرجل لا فرق بينهما. و[الإسلام الإنساني] بتعبير الدكتورة إلهام مانع بريء من إجحاف وامتهان [الإسلام الأيديولوجي البدائي] لكرامة وحقوق وإنسانية المرأة.