!!والعار ليس إمرأة



محمود الزهيري
2006 / 10 / 23

مجتمع التخلف والرجعية , هو المجتمع الذكوري الذي يفضل ويفصل بين المرأة والرجل في كافة الأمور الدينية والمعيشية علي جميع أطيافها وألوانها المتعددة بداية من المسجد ومروراُ بدار الحضانة والمدرسة والجامعة وأماكن العمل والمواصلات مستنداً إلي نصوص دينية تصطنع هذه الفواصل وتضع هذه الميزات بين الرجال والنساء , وهذه الفواصل والحواجز راجعة إلي الفهم الخاطئ والتأويل المنقوص عن عمد في المعني المقرؤ والمنطوق والمسموع والمفهوم من تأويل النص الديني عن عمد تجنباً للسلامة والأمان من خلال إقصاء المرأة عن مجتمع الرجال في جميع المناحي والأمور الدينية البحتة والدنيوية الخالصة والمتعلقة بأمور الدنيا علي خلفية أن المرأة كلها عورة ولايصح أن يري منها أي شئ علي الإطلاق ومن هنا لزم حجبها داخل المنزل علي الإطلاق ولايصح أن تخرج منه إلا لكل ضرورة قصوي حسب مفهوم التخلف والرجعية للنص الديني الذي يخونه جمهور المتخلفين المتعصبين المتقوقعين داخل قواقع أفكارهم وعقولهم المريضة بمرض عضال لايمكن البرء منه وإسمه المرأة !!
فالمرأة عورة كلها !!
ولقد تفنن وإستنبط وحلل وفسر وأول وإستنطق النصوص بما لم تنطق به مجموعة من المتخلفين الذين إختزلوا المرأة في فقه النساء في الجزء الأسفل من الجسد والذي هو من الأسباب الرئيسية للعار حال ممارسة المرأة للزنا أو إحترافها للدعارة وكان التناسي عن عمد وكأنه مقصود أن الزنا كجريمة تتطلب فعل مادي مكون من شخصين أحدهما رجل والآخر إمرأة , فلماذا يكون العار إمرأة فقط ؟!!
ولماذا لايكون حسب مفهوم العدل أن العار رجل أيضاً ؟!!
فالعار حتماً يكون رجل أيضاً !! وليس إمرأة فقط !!
فلماذا هذه العنصرية البغيضة ضد المرأة والتفرقة بينها وبين الرجل حال ممارستهما لأي جرم إجتماعي أو ديني ؟!!
ولماذا في جريمة الزنا نلوم علي الفريسة / الضحية ولانلوم علي الصياد الذي نصب فخه أو نصب شباكه أو إستخدم النبل أو السهم حينما أراد إقتناص الفريسة أو حينما نصب فخاخه أو شباكه للإيقاع بالفريسة التي هي إمرأة ؟!!
لماذا اللوم علي الفريسة / الضحية ويمتنع اللوم علي الصياد / القناص ؟ !!
هل لأنه رجل ؟!!
وهل لأنها أنثي ؟!!
ولماذا يكون العار إمرأة ؟!!
ولماذا لايكون العار رجل ؟!!
وما هذا الكم الهائل من الفتاوي والأحكام الخاصة بالمرأة بداية من ولادتها وظهورها علي مسرح الحياة حتي وفاتها ؟؟!!
ومن الذي أعطي نفسه الحق ليكون مشرعاً للنساء في تجريم من يمتنع عن ختان الصغيرات التي لاتمتلك حولاً ولاقوة ولا إرادة في مسألة الختان من عدمه ؟!! فالجريمة ترتكب في حق النساء منذ ولادتهن وظهورهن علي مسرح الحياة ؟!!
ومن الذي أعطي لنفسه الحق في إختيار الزوج للفتاة دون رغبة منها في الرفض أو القبول بهذا الزوج من عدمه ؟ هذا بالرغم من أن عقد الزواج من العقود المدنية في شكلها النهائي بالرغم من خلفيته الدينية المبنية في الصحة والبطلان علي القبول والإيجاب , القبول من جانب الرجل , والإيجاب من جانب المرأة ؟
من أعطي نفسه هذا الحق ؟ وأين النصوص الدينية التي إستند عليها حتي تبيح له أن يحل إرادته محل إرادة المرأة في الزواج ويزوجها لمن يشاء وبمن شاء وكيف شاء دونما أي إعتداد بإرادة المرأة أو الفتاة علي الإطلاق ؟
هل كل نساء المسلمين أصبحن يمثلن فؤادة , وكل الرجال أصبحوا عتريس ؟!!
وهل معظم أو غالبية عقود الزواج للمسلمين والمسلمات عقود باطلة لأنها تفتقد إلي ركن الرضائية في العقود علي إعتبار أن الزواج عقد من ضمن العقود المبنية في الأساس علي الرضا والقبول ؟!!
وهل كل نساؤنا من نوعية فؤادة ورجالنا من نوعية عتريس حتي أصبح زواج عتريس من فؤادة باطل ؟!!
وليس باطل فقط , بل وعار أيضاً علي المجتمع الذكوري الذي ينفي إرادة المرأة ولا يعتد برفضها أو برضائها في العقود ؟!!
من هنا يتضح أن العار رجل في الأساس , وليس إمرأة !!
أليس من حق المرأة أن تبرم كافة التصرفات القانونية من بيع وشراء وبدل ورهن ؟
أليس من حق النساء أن تكون لها ذمة مالي منفصلة عن زمة الأب والأم والأخ والأخت والزوج ؟
أليس من حقها بالتبعية أن تتاجر وتربح وتتكسب من عملها في التجارة أو الزراعة أو الصناعة ؟
ثم لماذا ينعدم حقها في الزواج ويتصرف وكيلها كيفما يشاء وبما شاء ؟!!
وهل الوكالة في الزواج ركن أساسي من أركان الزواج إن لم يوجد يبطل العقد ويصبح حقاً الزواج هذا زنا وليس زواج ؟وكيف يمكن تصحيح العقد بعد تمام الزواج بغير وكيل أو ولي ؟!!
وهل الوكيل أو الولي يكون له دور في حالة طلب المرأة تطليق نفسها طلاقاً أو التطليق خلعاً ؟ !!
هل له دور في هذه المسألة الخاصة بالطلاق أو الخلع ؟!!
وهل في حالة رفع المرأة دعوي قضائية بالتطليق للضررأو التطليق خلعاً يكون الوكيل أو الولي له دور في الموافقة أو الرفض علي رفع هذه الدعوي من عدمه علي أساس أن الوكيل أو الولي في الزواج ذكر أي رجل هو صاحب الوكالة والولاية في الزواج ؟!!
وهل يجوز تمثيله خصم ممثل في الدعوي ؟!!
وخاصة أن سن المخاصمة الشرعية هو خمسة عشر عاماً فقط وليس مقرونة بسن الرشد الذي تكتمل به الأهليه القانونية وهو إحدي وعشرون عاماً ؟!!
فمن إذاً الفارض لهذه الوصاية والقوامة علي المرأة من الأساس ؟!!
ومن ثم لماذا إنشغل المجتمع العربي بالمرأة ؟ وبزي المرأة وشكلها ورسمها وهندامها ووجهها وملامحها وزينتها ومايباح لها وما لايباح لها ؟
لماذا هذا الحجر والوصاية علي المرأة ؟
ومن الذي حدد لها طريقة الخروج والدخول واعطي لنفسه الحق في زينتها وزيها وعلي أي أساس تم إعطاء هذا الحق له ؟!!
ومن الذي حرم علي المرأة الخروج للعمل ؟ ومن الذي حرم عليها زيارة القبور ؟ ومن الذي حرم عليها الكلام المباح علي زعم أن صوتها عورة ؟ وأن وجهها عورة ؟ وأن مشيتها عورة ؟
ومن قال عنها إذا تعطرت فإنها زانية حتي تعود لبيتها , وأنها ملعونة من الله والرسول والملائكة وجبريل وسائر الأنبياء والمرسلين ؟
من أباح لنفسه أن يتهم المتعطرة من النساء بالزنا ؟
هل يقتضي خروج المرأة من منزلها أن تبحث عن الروائح الكريهة المنفرة حتي يحبها الله ورسوله والملائكة وجبريل وسائر الملائكة والأنبياء والمرسلين ؟!!
وهل من ترفض النقاب أو الخمار أو الحجاب تعتبر كافرة ومرتدة لأنها أنكرت ماهو معلوم من الدين بالضرورة , ومن ثم يتوجب إستتابتها , فإن رفضت يقام عليها الحد الشرعي ؟!!
وماهو الحد الشرعي إذاً ؟!!
وهل الشريعة الإسلامية إستوجبت حداً من الحدود يتوجب تطبيقه علي النساء في هذه الحالة ؟!!
وماهو هذا الحد ؟!!
وهل المرأة عورة قبل أن تكون عاراً ؟!!
ومتي يكون الرجل عورة هو الآخر ومتي يكون عاراً ؟!!
أعتقد أن العورة والعار بهذا المفهوم في الأساس رجل وليست إمرأة .
والعار ليس إمرأة !!