تآكل قوة الردع الإسرائيلي وتداعياته على المصالح الامريكيه



علي ابوحبله
2023 / 4 / 10

تآكل قوة الردع الإسرائيلي وتداعياته على المصالح الامريكيه
المحامي علي ابوحبله
كل المؤشرات تدلل لا بل تؤكد أن المنطقة برمتها باتت على صفيح ساخن وأن زمام الأمور بدأ يفلت ، وأن نتيناهو لم يتمكن من كبح جماح شركاؤه في الائتلاف الحكومي ، في ظل سلوكهم الفاشي والذي أدى إلى تأجيج حرب دينية، بعد الاعتداءات على المصلين بالمسجد الأقصى وأ ن الصور التي خرجت الأيام الماضية أثارت حفيظة العرب والمسلمين جميعا ووضعت نتنياهو في الزاوية.
نتنياهو وحكومته وقعا في الفخ ، وقوة الردع الإسرائيلي تراجعت وتآكلت، فضلا على أن هناك استياء من قبل قادة الاحتلال الإسرائيلي ، حيث أن قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي لا ترغب أن تنجر لمعركة تعلم أن العالم لن يقبل أن تكون هذه المعركة بسبب الهجوم على الأقصى.
إن إرسال الغواصة الامريكيه " يو إس إس فلوريدا " إلى المنطقة مرتبط بتداعيات سلوك المتطرفين في حكومة نتنياهو ، وإذا كانت الهجمات الاخيره التي تعرضت لها القوات الامريكيه على الأراضي السورية مؤشر على تصاعد التوتّر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، فإن تزامنهما وبحسب محللين وخبراء سياسيين وعسكريين أمريكيين وأوروبيين لا يمكن فصله عن ما يتعرض له المسجد الأقصى من أحداث واعتداءات وممارسات من قبل قوات الاحتلال ومستوطنيه واعتداءات على الفلسطينيين، وجميعها تؤشر لاندلاع شرارة الحرب الدينية وهذا يؤشر لزيادة التوتر الذي تشهده المنطقة ، وإذا أضفنا تداعيات كل ذلك على التغيرات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة وتشمل لبنان وسوريا وفلسطين ويمتد عبر العراق وصولا إلى الخليج العربي واليمن.
وهنا نتحدث عن صراع كبير يستجلب الاهتمام ويستقطب التحالفات انه صراع القدس والأقصى وفلسطين، بالقوة الإيرانية الحاضرة في المنطقة بعد الاتفاقات مع السعودية ، وذلك في مواجهة إقليميه متعددة مع واشنطن وتل أبيب، بالتزامن مع تصاعد المقاومة الفلسطينية ضد الحكومة الأكثر تطرفا في تاريخ هذا الكيان العنصري ، وتدفع إليها حزبي " القوة اليهودية " و" القومية الدينية " والمستوطنين المتطرفين، مع الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران، والتي بدأت ملامح جديدة لها تظهر من لبنان حيث سجّلت عملية إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، وإطلاق قذيفتين صاروخيتين من سوريا نحو الجولان المحتل وهو مؤشر على تصاعد وتوتر في الجبهتين الشمالية والجنوبية ضمن مفهوم توحيد الساحات .
أحد أهم التغيرات التي تشهده المنطقة هو في تغير موازين القوى والتحالفات الدولية والاقليميه في هذا المشهد المعقد والرعاية الصينية للاتفاق السعودي ـ الإيراني، والذي شهدنا وقائعه ونتائجه عبر وجود وفد سعودي في إيران وإعلان إيران إرسال وفد إلى السعودية خلال أيام، وهذا المستجد يعادل، اتخاذ الرياض، التي كانت تعتبر أحد أوثق الحلفاء العرب لأمريكا، موقفا يمكن وصفه بمصطلح " عدم الانحياز" الشهير، والذي يحاول إبعاد السعودية عن تبعات الحرب الدائرة بين الأمريكيين والإسرائيليين، من جهة، والإيرانيين وحلفائهم، من جهة أخرى (وكذلك الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وحلفائها الغربيين
ومن تداعيات ذلك كله تآكل قوة الردع الاسرائيليه ومحاولة نتنياهو تجنب الدخول في حرب مفتوحة ، فقد حمّلت إسرائيل الحكومة اللبنانية مسؤولية القصف، لكنها ردّت ردودا عسكرية محدودة واعتبرت أن " حماس" في لبنان هي المستهدفة بها، ما يدلل ويؤكد أن حكومة نتني هو تتجنب الدخول في حرب مفتوحة مع " حزب الله " غير محمودة العواقب والنتائج أما في سوريا، فقد استهدفت، وبشكل مباشر، مواقع عديدة للجيش السوري ، وحملت مسؤولية إطلاق الصواريخ للحكومة السورية، وابتعدت بذلك عن قصف المواقع الإيرانية في الأراضي السورية، خلاف لما شهدناه في السابق .
إسرائيل تدرك وتعي مخاطر الصراع على القدس والمسجد الأقصى وما يجره من حرب دينيه وتخشى من تداعياتها ومن وحدة الساحات ، وتحاول، في الوقت نفسه، " فصل الساحات " ونزع فتيل الصراع الديني ، عبر انتقاء الأهداف التي تعتبرها ضعيفة ولا تجرها لحرب مفتوحة تحمل عنوان الحرب الدينية ، رغم معرفتها ويقينها أن إطلاق الصواريخ من لبنان ما كان ليتم دون موافقة " حزب الله " أو قصف " الجيش السوري" واستثناء إيران هذه المرة، وغير ذلك من التواءات هو كله نتيجة تآكل قوة الردع الإسرائيلي وهو ما دفع إدارة بإيدن لإرسال الغواصة النووية كقوة ردع لحماية أمن إسرائيل
كل ما تسعى لتحقيقه حكومة نتني اهو في المرحلة الراهنة هو الاستفراد بالفلسطينيين واستمرار سياسة قمع الفلسطينيين والتنكيل بهم، واستهداف المسجد الأقصى، مما يضيّق مجال اللعب السياسي، ويفتح الباب واسعا أمام نذر الحرب الدينية ، عنوانها القدس والمسجد الأقصى وهو أمر تكاد إسرائيل لتتحمله في ظل تآكل قوة الردع لديها ويلقي بتداعياته على أمريكا ومصالحها بالمنطقة