الخلع ظلم!



سلوى فاروق رمضان
2023 / 4 / 12

حروب لإقرار حق الخلع، وحروب أيضا لإستمراره بحجة إنه يظلم الرجل ويجعل المرأة تستسهله في أقل المشكلات! وما البديل حين تستحيل العشرة بين الزوجين،فالحل هو الطلاق، ومن بيديه الطلاق؟ الزوج، وكيف يطلق؟ بكلمة، أين ينطقها؟ في أى مكان ولا يشترط الذهاب للمحكمة، ومتى يقع؟ في لحظتها، وما شروط الطلاق؟ قد يكون إضطراب هرموني أو خسارة فريقه الكروي وقد يكون بسبب معقول، فلا يراجعه أحد ومن حقه التطليق غيابي دون معرفة الزوجة وقد يطلق ويوثق أو يقف على مرحلة الشفاهية فقط، وعلى المرأة أن يقع عليها هي عبئ إثبات وقوع الطلاق لحفظ ما تبقى لها ولأطفالها من حقوق وهذا بعد ما تعرف إنها طلقت من الأساس.
وكثير من الحالات إكتشفت إنها كانت مطلقة بعد وفاة زوجها الذي إعتنت به في مرضه حتى لا ترث فيه ويجعل الإرث كله لعائلته،
البديل إذا إستحالة العشرة بين الزوجين هو الطلاق،أي أن يصبح هو الخصم والحكم، فله أن يعتقها أو لا يعتقها، فإذا أبى فعليها أن تذهب للمحاكم سنين يضيعون من عمرها، يستنزفوها بين أروقة المحاكم ومكاتب المحامين، إستنزاف وقت وإستنزاف مال، حتى يصبح هذا الرجل هو محور حياتها، ولا تتفرغ لنفسها ولا لطموحتها ولا لإنشاء أسره تسعد معها، فسعادتها وأحتياجتها ليست من أولويات المشرع.

لكن الخلع ليس بسهولة الطلاق بالنسبة للرجل ولكنه أقل تعنت مع المرأة، فعلى المرأة التي تريد الخلع أن تذهب لمكتب التسوية في محكمة الأسرة ، قبل إحالة الدعوى للحكم تعلن الزوج وتحاول الصلح، إذا فشل الصلح تحدد جلسة لنظر الدعوى، وترد للزوج في المحكمة مقدم الصداق(المهر)وتتنازل عن حقوقها الشخصية المادية، ثم تؤجل المحكمة الجلسة لتسمية حكمين حكم من اهلها وحكم من أهله ليكتبوا التقرير، كل هذه الإجراءات تأخذ شهور وتضمن حق الزوج في الإعلان ومع الأخذ في الإعتبار محاولة الصلح.
فلم يكن الخلع كما يصوروه عصبية وقتية وقرار إنفعالي تأخذه المرأة، فحق الخلع للمرأة في المحكمة مع كل هذه الإجراءات بمقارنة مع حق الطلاق للرجل مع سهولته، هل ترى فيه عداله؟!
هناك من يقول قد يتم خلع الزوج وهو لا يعلم، على الرغم أن في أكثر من إعلان لا تتم دعوى الخلع إلا به، ورغم عن ذلك قد يحدث حقا حالات إستثنائية لأحدهم وتتم الدعوى وتنقضي دون دراية منه! الحقيقة أن هذا ظلم، فمتى يعترفون أن الطلاق الشفهي والغيابي هو أيضآ ظلم، ففي حاله الخلع الظلم الواقع على الرجل ليس من النساء ولكن فساد بعض المحضريين فيستسهلون و يفعلوا ما تعارف عليه بالإعلان الأمريكاني وهو أن يتم الإعلان إدارياً دون أن يسلموا صاحب الإعلان ويخبروه بنفسه، وليس المخلوع لوحده ضحية لمثل هذا النوع من الإعلانات فألآف الأحكام القضائية صدرت غيابي على أشخاص وتفاجئوا بالقبض عليهم بسبب عدم إعلانهم، وأستخدمه الأزواج نكاية في زوجاتهم في حالة الخيانة الزوجية(تعتدد الزوجات)، لقد شرط القانون على الزوج عندما يمارس خيانته المشروعة أن يتم إخبار زوجته، ففي كثير من الأحيان يتآمر الزوج مع المأزون ويرسل لزوجته على عنوان وهمي بعد الزواج، مع العلم أن ليس من حق الزوجة أن تطلب الطلاق للضرر بسبب الضرر العائد عليها من الخيانة التي تسمى زواج إلا خلال سنة من علمها، فيضيع عليها السنة بسبب الإعلان الخطأ، فهل في ظلم أبشع من إجبار إنسانة لهذا الوضع، لها نفس إحساس وإنسانية الرجل وكرامته! هل يطيق الرجل على نفسه أن تعرف زوجته عليه رجل أخر ويضع القانون شرط عليه لكي يخرج من حياته التعسة ليس أمامه إلا سنة وإذا فاتت السنة لم يستطع طلب الطلاق بسبب تضرره من الخيانة! ثم تتآمر زوجته مع المأذون أن لا تعلمه ثم يضيع عليه السنة، فلم يجد إلا الخلع ثم يرى من يسد في وجهه هذا المخرج! هل هذا عدل؟

من شروط الخلع أن ترد المرأة للرجل المهر، فعند عرضها لمقدم الصداق، فيحق للرجل أن يطعن بصورية الصداق وهنا يطالب القضاء الزوجة أن تأتي بشهود أن هذا المهر المكتوب هو المهر الفعلي، فإذا عجزت عن الإتيان بشهود فتحلف المحكمة الزوج أن هذا المهر صوري فإذا حلف فلم تحكم المحكمة لها بالخلع إلا برد المهر التي اقتنعت المحكمة إنه المهر الفعلي، وعلى الرغم أن العقد هو شريعة المتعاقدين وأن المادة 61 من قانون الإثبات تنص على أن الشئ المكتوب لا يجوز إثباته إلا بالكتابه ولكن هذا الدفع في هذه الحاله لا يجوز لضمان حق الزوج لإنه ممكن أن يكتب صوري حتى لا يدفع للمأذون مبلغ كبير، ولكن قد يوجد إشكال من هذا وهو إنه في الغالب لم يعد أحد يدفع مهر ومن يكتب جنيها في المهر لا يعني في كل الأحوال أن هذا معناه أنه يوجد مهر ولكنه صوري وقد تعجز الزوجة عن الإتيان بالشهود فتضطر تدفع لتنهي العلاقة الزوجية حتى لو لم تأخذ شئ.

يدعي أيضا المناهضين للخلع أن المرأة أصبحت تستسهل في أي مشكلة أن تخلع زوجها مما يدمر الأسرة، فهل الخلع الذي يمر بكل هذه الخطوات سهل وكلمة أنت طالق هي الصعبة، من يدعوا ذلك يستحقون دراسة نفسية فهم أيضا من يبرروا الخيانة الزوجية ولا يروا فيها تدمير للأسرة بحجة أن المرأة لا تستطيع الحياة بدون زوج، فيوجد المطلقات والعوانس والأرامل الذين يحتاجون للرجل لذا يجب أن يعدد، فمن هي المرأة في نظرهم! هي التي تستسهل الخلع لهدم بيتها أم هي من تقبل أن تكون برقم في حياة رجل؟ فلم يروا كفتين الميزان الغير متساويتين، فلو إعتبروا المرأة إنسان مثلهم فهل يرضوا على أنفسهم ما إرضتوه عليها؟
فلكي يشعر الإنسان أن عليه أن يعامل غيره بمثل أن يحب أن يعامل فعليه أن يقتنع أولا أن غيره هو مثله تماما، فالخلل في ميزان العدالة هو خلل في نظرة الرجل للست.