العدالة في العقوبة نصف الحل



وليد عبدالحسين جبر
2023 / 4 / 23

تطالعنا قوائم احصائيات الزواج والطلاق في المحاكم العراقية التي تنشر من قبل اعلام مجلس القضاء الاعلى شهريا بالإلاف ، وهي الخطوة الاولى للباحث عن حل هذه المشكلة لإن الاستبيان والارقام المادة الخام لبناء النتائج والمقترحات ، واذا اردنا الخوض في الاسباب الكثيرة لهذه الكثرة الكثيرة من الزيجات غير المدروسة و وحالات الطلاق المتسرعة فيطول بنا المقام ويخرج عن مساحة المقال الا اننا بودنا ان نلفت الانظار الى جزئية في قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ التي قلّ من يلتفت اليها او يعرج عليها ، خاصة وانها تعالج سبب رئيسي من اسباب هذه الفوضوية في الزواج والطلاق ، باعتبار ان اجراء زواج غير مدروس ودون مراعاة شرائطه نتائجه وقوع كثير من حالات الطلاق لا محالة و الذي هو الاخر يوقع من قبل مدعين المأذونية الشرعية بدون مراعاة شرائطه ايضا لان المسألة اصبحت مسألة تجارية كون ان ما يسمى بالمأذون الشرعي اخذ يأخذ اموال طائلة على ورقة الزواج او الطلاق تصل الى مئات الالوف وبالتالي يجري الزواج او الطلاق بغية هذه الاموال ولو دون مراعاة الواجبات والتدقيق في المسائل .
الحديث عن تجريم ايقاع الطلاق الخارجي بدون اذن او علم المحكمة لا زال حديث المجالس القانونية وان قانون الاحوال الشخصية العراقي بأمس الحاجة لهكذا تعديل خاصة في هذا الوقت اكثر من اي وقت مضى ، غير ان تجريم الزواج الخارجي لا زال بحاجة الى تفعيل المواد الواردة بشأنه في القانون ، لا سيما وان قانون الاحوال الشخصية العراقي قد اورد نصين يعاقبان على اجراء الزواج خارج المحكمة الاول ورد في المادة (3/٦ ) من القانون " كل من اجرى عقدا بالزواج بأكثر من واحدة خلافا لما ذكر في الفقرتين 4و5 يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة او بالغرامة بما لا يزيد على مائة دينار او بهما ."
والثاني ورد في المادة (10/5) من ذات القانون " يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر ولا تزيد على سنة او بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولا تزيد على الف دينار كل رجل عقد زواج خارج المحكمة وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات اذا عقد خارج المحكمة زواجا اخر مع قيام الزوجية"
وعند التدقيق في النصين اللذين يدعو شراح قانون الاحوال الشخصية الى توحيدهما كي لا يقع الارباك في العمل عند تطبيقهما نجد ان هناك فارق واضح بينهما يتلخص في ان النص الاول يشمل من يريد الزواج الثاني دون علم او موافقة زوجته فيلجأ للزواج الخارجي كي يصدقه بعد فترة و لا يتوقف تصديقه على اجراءات الاذن بالزواج من ثانية وهذه الطريقة الغالبة التي يسلكها الرجل المزواج فيمارس رغائبه دون وازع او دراسة او عدل مجرد ان يرضي شهواته متعكزا على ما يملك من اموال وان افضى مشروعه هذا الى الاجحاف والظلم بعائلته الاولى ! في حين ان النص الثاني لا يتعلق بهكذا زواج بل يجرم حتى الزواج الاول اذا اجري خارج المحكمة للمخاوف التي سردناها في بداية المقال ، والفارق الاهم بين النصين ان النص الاول اطلق العقوبة لجميع من يجري عقد الزواج خارج المحكمة بما في ذلك المأذون الشرعي و الزوجة وشهود العقد لا فقط الزوج، في حين ان النص الثاني قصر العقوبة على الزوج .
ووجهة نظري القاصرة اذا ركز القضاء العراقي وفعل حكم النص الاول وعاقب دكاكين الزواج المشرعة خارج المحاكم دون رؤية او دراسة فسيقضي على نصف المشكلة وواضح ان التقليل من زواجات المصلحة والشهوة والمال سيقلل من حالات الطلاق التي تزخر بها المحاكم يوميا ، واملي ان تصل هذه الدعوة المخلصة للحفاظ قدر الممكن على العائلة العراقية التي تتعرض للتفكيك والتهديم في هذا الوقت اكثر من اي وقت مضى.