اصيلة



عماد الطيب
2023 / 10 / 26

كنت اطلق عليها الاصيلة فهي السباقة لكل خير .. منذ احببتها او جعلتني احبها اكتشفت بتلك الانسانة من الكنوز الانسانية والجواهر النفسية لم تقدر بثمن .. لم تقهرها الظروف رغم ما مرت عليها من خطوب ومصائب .. انها امرأة تحمل عقل العالم بشخصيتها والاتكيت الفخم في كلماتها .. حين تحادثك تشعر انك في جنة الله حيث الجمال المبهر للعيون وجمال الصوت يحدث اثرا جميلا في النفس .. يقولون ان كل رجل خلقت امرأة لاجله ولكن المحظوظ من يحظى بها .. في دروب الحياة نفتش عن ذواتنا في الاخرين عسى ان نجد من يشبهنا .. وها قد وجدتها ولكن الاوضاع تحيل الامور الى مستحيل فلا يبقى سوى صوتها الجميل اترنم به وصورتها البريئة لاتفارق خيالي .. فهي حسم امرها لابن خالتها بعد مؤامرة دبرت بليل من قبل العشيرة لابد ان يقدموا القربان وكانت هي القربان .. حملت في ليلة كالحة السواد الى مخدع الزوجية كسبية من سبايا الحروب امتلكوا جسدها ولكن لم يقدروا على امتلاك قلبها وروحها .. فهؤلاء لايهمهم القلب مادام الجسد حاضرا .. كانت تتمنى كما في الروايات وافلام الاسود والابيض ان تلتقي بحبيبها الذي رسمته في مخيلتها وتمنحه قلبها وحين وجدته فقد فات الاوان . وهي تزف على عجل الى من اختارته الظروف والتقاليد .. عاشت ايامها حرمان والآم ومصادرة لابسط حقوقها .. ولمن تشتكي فالقاضي هو الجلاد .. مع الزمن يتحول الالم الى حزن ويتحول الحزن الى صمت ويتحول الصمت الى وحدة عظيمة وشاسعة كالمحيطات المظلمة .. فقد حرمت ان تكون اما . ولكن بقرار عشائري عليها ان تتحمل نتائج ذلك واسبابه من زوج لايفقه من امور المرأة سوى انها خلقت للفراش فحسب مهما كانت عيوبه وسبب دمار حياتها وتغيير مسارها نحو الاسوء مادام تشبعه في الفراش وغير ذلك فحرام .. حقوقها حرام ان تطرح بين رجال القبيلة فالمرأة عورة ولايجب ذكرها في مجالس الرجال .. ظلت تحتفظ بتلك النفس الرقيقة والشفافة وتشعر بالحنين الى حبها الاول . كانت تقرأ بنهم واستطاعت من الحصول على شهادة عليا .. ولكن حرمانها من الاولاد ومن حبيبها ظل كالناقوس يدق دقاته في لياليها الموحشة .. حين تخذلك جميع الاشياء التي حولك .. لا تحاول أن تثق بها مجدداً، فقط حاول أن تثق بأنك تستطيع العيش بدونها. فالخذلان له قوة رهيبة تجعلك تخاف من كل شيء . ولكنها تردد عبارة جميلة .. عليك ان تقبل ان بعض البشر سيحتلون مكانا في قلبك الى الابد دون ان يكون لهم مكان في حياتك فالوقت بهكذا شعور سيمضي كعبور شاحنة ضخمة فوق روحك . انها الام وجروح لم ولن تندمل فقد احدثت شرخا بينها وبين العالم ومن حولها .. انه زمن الجواري . فهي الحرة الكريمة العزيزة في بيت ابويها .. ذاقت مرارة الذل والهوان . ولكن تظل روحها حرة هائمة في ملكوت الحب الذي افتقرته وشح في حياتها .. ولكن عزة نفسها جعلتها تمتلك سطوة القائد بين جنوده فقد اصبحت امرأة حكيمة بين النساء وتدلهم الى الطريق الصحيح .. فهي توزع الادوار وهي بكبريائها وشموخ نفسها وعزة كرامتها جعلتها العشيرة بوصلة امان لها تفتخر بمكتسباتها العلمية والاخلاقية وقوة شخصيتها . فقد حولت الهزيمة الى نصر وبنت لنفسها قلعة شامخة على ركام حطامها .. انها امرأة بألف رجل .. هذا خبري فيك ظني ما كذب ... الأصل طيب والمعدن ذهب .