الابداع النسوي والابداع الرجولي



صبيحة شبر
2006 / 11 / 16

اختلفت آراء الباحثين ونقاد الأدب ، حول تسمية الأدب بالنظر الى جنس مبدعه ، وتضاربت وجهات النظر حول هذا المفهوم تضاربا كبيرا ،،بعض الباحثين برى انه مادامت هناك فروق حياتية ونفسية ، تأتي نتيجتها اختلافات سلوكية بين الجنسين ،، في عالمنا الذي كثيرا ما يطلق عليه لفظة ( المتخلف ) وان المراة ، واشد من الرجل بكثير ،، مازالت تعاني من التهميش ، ومن الحرمان من العديد من الحقوق التي يحظى بها أخوها الرجل ،، فانه من الطبيعي ان تكون هناك اختلافات في وجهة النظر حول مسألة معينة ،، والتي يتخذها كلا الجنسين في أمر من الأمور ،، فإذا ما كان الموقف واحدا ،، في القضايا السياسية والدينية والفلسفية ، قد اتخذها رجل وامرأة معا لانهما ينطلقان من نفس البيئة ، ويتأثران معا وبنفس الدرجة من التأثر ، بما يحدث فيها من أحداث ، فانه لابد من وجود اختلافات في وجهات النظر نابعة من كون العلاقات الاجتماعية التي يخضع لها الاثنان ، ليست بنفس الدرجة ، وبعين المقدار من التأثير ، كما ان القضايا العاطفية لابد ان يكون فيها اختلافات كبيرة ،، في وجهات النظر بين رجل وامرأة ،، كانت نشأتهما واحدة ، وخضعا لنفس التأثيرات ، لان المسائل العاطفية تكون أقوى على المرأة مما هي عليه بالنسبة للرجل ، نظرا لازدواج المعايير في هذه القضية التي تعتبر من القضايا الحادة في مجتمعاتنا العربية ، والتي تميز بين الجنسين تمييزا لاشك فيه ، فهل ان النظرة الى الحب تتساوى بين الجنسين ؟ وفي حالتي النجاح والإخفاق ، كي ننتظر منهما ان يتناولا،، الموضوع الواحد بوجهة نظر يتفق عليها الاثنان ؟؟ هل ان الموقف من هذه العاطفة السامية هو واحد لدى الجنسين ،، رغم ان هناك بونا شاسعا في الاستجابة لهذه العاطفة الجميلة لدى الجنسين ، حتى لو كانا شقيقين تمتعا بنفس الظروف ، ونالا عين الثقافة ، وعرفا الأصدقاء أنفسهم ،،الا تكون المراة في عالمنا ،، محرومة من التصريح عن عواطفها الجياشة ، رغم مظاهر التحضر التي تتمتع بها الأسرة أحيانا ، ودعاوى المساواة التي يكررها الرجال على مسامعنا كل لحظة من اللحظات ،، وان افترضنا ان الجنسين تمتعا بنفس الظروف ، وهذه الحالة استثناء ، الا تكون المرأة،، في عالمنا الممتد من المحيط الى الخليج ، وفي بلداننا المتحفظة ،، أكثر رهافة ورقة من أخيها الرجل ، واشد حرصا على دوام العلاقة ونجاحها ،، ولا أقول اشد أخلاصا ،، وهل يمكن أن تتشابه العواطف بين أبناء الجنس الواحد كما تتشابه الأفكار ؟؟ وهل يتشابه الرجال المبدعون في طريقة تناولهم للأمور ؟؟ وما هي الأفكار التي يمنحونها اهتمامهم الكبير ؟؟ وما هي العواطف التي تسيطر على نصوصهم الأدبية ؟؟فان كان الأدب تعبيرا عن النفس وخلجاتها ، وعن موقف الإنسان المبدع تجاه القضايا التي تزخر بها الحياة ، سعيدها وشقيها ،، وما يعانيه من صرا عات ، وما يجتازه من مشاق ، وذلك الشريط المتواصل من النجاحات والإخفاقات ؟؟ الم يقولوا ان الأسلوب هو الرجل ؟؟ وان لكل كاتب أسلوبه الذي يعرف به ، والذي لايمكن ان ينأى عنه ؟؟الم يكتب النقاد ان لطه حسين أسلوبا يختلف تمام الاختلاف عن أسلوب العقاد ،، وأسلوب الرافعي ،، وكلهم أصدقاء عاشوا في نفس الفترة ، وعين الظروف المعيشة ،، وربما نفس البيئة ونفس شروط الحياة ،، ولكن لماذا يحرص البعض على الراي القائل بوجود فروق بين إبداع المراة وإبداع الرجل ؟؟ وان تلك الفروق من الشدة والاتساع ،، بحيث يمكن ان نطلق على النوع ،، الذي تكتبه النساء أدب نسائي ،، أليس في ذلك الادعاء بعض الاتهام المبطن ، ان أدب المراة يتميز ببعض الضعف إذا ما قورن بالأدب الذي يبدعه الرجال ؟؟الم يقولوا في علم الاجتماع ان البيئة تصنع الإنسان ، وان مجموعة من العوامل تؤثر في الأشخاص سلبا وإيجابا ، وتجعل من ذوي الموهبة والإصرار ،، مبدعين ماهرين في مجال معين ، او تميت ملكة الإبداع وهي في المهد ،، عند أناس آخرين لا يتميزون بمواصلة النضال ، او تقضي عليه وهو مازال جنينا ،، بحاجة الى الرعاية والاهتمام ، فإذا أخذنا مبدعين يعيشان في نفس البيئة ،، فما هي الحقوق التي يتمتع بها الرجل في بيئتنا المتخلفة وتحرم منها المرأة ؟؟ وما هي الالتزامات والواجبات ،، التي تسأل عنها النساء ويعفى منها الرجال ، وتستوي في ذلك كل البيئات ،، سواء تلك التي تنظر باستصغار إلى جنس النساء ،، مهما أبدعن من ألوان ،، او تلك التي تعتني بالنساء عناية كبيرة ، وتقدم لها كل ما تريد ، بدون أي جهد ، فتنشا المراة ضعيفة تتكل على غيرها ، لاتحسن شيئا ، تنتظر من الآخرين ان يقوموا بأعمالها...
كيف يمكن ان ننظر الى الإبداع ،، الذي تكتبه مخلوقة لاتحسن شيئا ،، ولم تعش الحياة بجمالها ومرارتها ، ولم تجرب أمرا ، واقتصرت خبرتها على ما فرأته في الكتب ؟؟
بدر شاكر السياب ونازك الملائكة شاعران مبدعان ، من شعراء التجديد في الحركة الشعرية العربية ، ورائدان لقصيدة التفعيلة ، إذا ما أجريت الموازنة بينهما ،، اتفق النقاد ان بدرا أكثر شاعرية ، وشعره أجمل بكثير من شعر نازك ، لماذا ؟ هل لان بدرا رجل ،،عرف كيف يحيا هذه الحياة المتصارعة ، وكان متقلبا متبدل الأهواء ،، فأتى لنا بقصائد رائعة ، تستحق الإعجاب الشديد ، ولان نازك امرأة ، عاشت في بيئة محافظة ، تحاسب الفتاة على كل حركة ، وكل التفاتة ،،وتحرم عليها الابتسام والسهر والخروج الا بعد استشارة الأهل ، خوفا من كلام مجتمع لا يرحم ،، يتكلم به دائما البعيدون عن الإبداع ...
لدينا العديد من المبدعات ،، ولكن سرعان ما تنطفيء جذوة الإبداع لدى النساء ، وتهاجم المراة انها اقل مستوى من الرجل ، ويتناسى اؤلئك المتهمون ان العالم الأوربي والأمريكي ،، حيث النساء قد عشن حياتهن ،، كما ينبغي لهن ، لا توجد تلك الفروق بين أبداع امرأة وإبداع رجل ،، والى ان يتم القضاء ،، على هذا التهميش ،، وذلك الحرمان من الحقوق ،، الذي تعاني منه النساء ، سوف تزول تلك الفروق بين ما تكتبه المراة بعواطفها المتوهجة وأفكارها الجميلة وبين ما يكتبه الرجل ، فان الاثنين يناضلان معا من اجل ان يبلغا في ابداعهما أعلى سماء