العقل عورة الرجل العربي..!؟



جهاد نصره
2006 / 11 / 19

تدور منذ فترة سجالات حادة عن عورة المرأة وضرورة الحجاب أو النقاب وغير ذلك من مسائل تتعلق ببدن المرأة وما يصلح منه للعرض والإبانة بحيث لا يغوي الفحول الأعاريب..! أما عقلها فلا مكان له في معظم المرافعات التي أمكننا الإطلاع عليها..! لقد لاحظنا أن معظم هذه السجالات دارت على أرضية دينية تتم فيها العودة إلى التراث والفقه الإسلاميان حيث يشحذ السلفيون سكاكينهم التكفيرية كلما توسع الطلب على الحرية الكاملة أي تلك التي لا تستثني نصف المجتمع فهم يريدون أن تبقى الحرية ذكورية نصفية لا تخدشها عورة من هنا أو سفور فاجر من هناك..! ونادراً ما وجدنا عند الطرف المقابل من يعود إلى تاريخ العرب قبل الإسلام ليرى كيف كانت المرأة في نظر الأفندية العربان الأمر الذي استدعى أن يبقى السجال محصوراً بما ورد في المنظومة الدينية الإسلامية وهذه المنظومة حافظت على معظم ما درج عيه العربان مع بعض التقنين..!
أسيادنا العرب قبل الإسلام مشهود لهم في هذا الميدان بالفحولة الصحراوية التي بزَّت فحولة الإفرنج، ودوخَّت صناديدهم.. وإلا لماذا جمع أعراب القبائل والعشائر عدداً كبيراً من النساء ما بين زوجات، وخليلات، وأسيرات، وهدايا من كافة الأعمار..؟ فاليعربي السيد، والمالك، والبعل، هو ابن البيئة القفر التي تتسم بالقساوة، والحر الشديد، ونظراً لضخامة واتساع الصحراء فقد صار يرى في ضخامة العدد و كبر الحجم هو النموذج المرتجى في كلِّ شيء..! لذلك ليس غريباً مثلاً أن يرى في ضخامة، واكتناز، وامتلاء المرأة شروط الجمال والحلاوة التي تبهره الأمر الذي ترتب عليه أن تسعى المرأة للاكتناز حتى يتسنى لها إبراز كياستها الثمينة لا أن تخفيها كما هو حالها اليوم..!قال عمرو بن كلثوم: ومأكمة يضيق الباب بها وكشحاً قد جننت به جنوناً..!؟ والمأكمة تعني العجز..!
لقد كانت عجيزة المرأة بنظر اليعربي معلماً مهماً ومن غيرها لم تكن المرأة تحوز على رضاه..! ولم يقتصر الأمر على هذا المعلم فقد عرف عن اليعربيين محبتهم للارتفاع، والامتلاء، والغلظ، والسمن، والثقل في كل أعضاء المرأة بلا استثناء حتى العيون، وقد حثّوا نسوانهم على وضع الكحل لأنه يوهم بسعة العين وكبر حجمها.. وقد كانت الأعرابية يصيبها الخوف على مستقبلها إذا اكتشفت أنَّ عجيزتها ليست بالحجم المطلوب ومن لا يذكر ما قاله الشاعر عمر بن أبي ربيعة: { إذا ما دعت أترابها فاكتنفنها تمايلن أو مالت بهن المآكم }..! ( جمع مأكمة: مآكم = العجز ومعنى البيت: مالت بهن العجيزة لثقلها (
لقد أطلق العربي وهو كائن استثنائي في تاريخ البشرية، مئات النعوت، والأسماء، والصفات، على المرأة وكلها نابعة من معاشرته لمختلف أنواع الحيوانات التي أحبها حتى ملكت عليه جميع حواسه لأنه من غيرها لما أمكنه الاستمرار في هذه البيئة البالغة القسوة لذلك، فهو أضفى على المرأة التي تعجبه المزايا نفسها التي يستملحها في تلك الحيوانات وبسبب من أن الناقة كانت من أهم الضرورات في حياة العرب فقد تداخلت في معيشتهم، وتماهت فيها إلى درجة أنهم كانوا ينظرون إلى المرأة من خلالها، ويأتي في المرتبة الثانية الفرس، وقد نقل الأعراب نفس الألفاظ - أسماء كانت أم صفات - التي كانوا يستخدمونها في دنيا البعير والخيول إلى فضاء تعاملهم مع المرأة.. فعلى سبيل المثال نذكر من أوصاف عيون الخيل: نجلاء، وكحلاء، وغائرة.. فمثلما كان الأعرابي يستملح في فرسته العيون الكحلاء، والنجلاء، والشجراء.. فقد كان يعتبرها ميزةً لا بد من توفرها عند المرأة.. فإذا وجدت المرأة حاجبيها كثيفين، عمدت إلى نتفهما ليصيرا دقيقين وذلك لأن العربي يفضِّل دقة الحاجبين في الفرس.. لقد حاولت المرأة العربية آنذاك أن تعيد تشكيل جسدها ليشبه بدن الناقة أو الفرس كما يرغبها اليعربي، فإذا كانت عجيزتها صغيرة، عملت على تكبيرها.. وإذا كانت ممسوحة الصدر، أسرعت إلى وضع عظَّامة لتبدو ذات ثديين ناهدين.. وإن لم ترزق بعيون كحلاء فإنها تعِّوض ذلك بالكحل.. والطريف أن العربي كان يكره العيون الزرقاء ويعتبرها مدعاة لسوء الطالع، وجلب النحس، لكن ما إن تم غزو الأندلس حتى فتن بفتيات الفرنجة لزرقة عيونهن فانصرف مع أسياده للتمتع بهن إلى أن تمَّ طردهم منها شرَّ طردة..!؟