|
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
|
خيارات وادوات |
أشرف توفيق
!--a>
2023 / 12 / 13
فضيلة فاروق تكتشف الشهوة
ان المتتبع للمنجز الابداعي للمراة العربية – في السنوات الاخيرة - يكتشف انها مسكونة بهاجس الجسد فهي لا تغادر فلكه الا لتعود اليه ظهر ذلك فى الرواية الجزائرية النسوية حتى سماها الروائى "رؤوف مسعد" بالرواية الصفراء، تيمنا بالصحافة الصفراء،وحققت ذلك فضيلة الفاروق وعلى طريقة غادة السمان اشبعت قصصها بنساء يتطلعن الى ان يصبح لهن حق المساواة في الفراش وليس فقط في الحياة العادية فاذا اضفنا الى ذلك أن الشخصية الرئيسية في قصصها غالبا ما تكون امرأة وان هذه المرأة كثيرا ما تكون متمردة على القواعد السائدة وجزائرية أومغربية الاصل تقيم في الجزائر،أو بالخارج (فرنسا بالذات) فسنعرف عند ذلك كم هى كتابتها شديد التماهي معها (شخصيا) وهي بهذا حققت اختراقا لأكبر المحرمات في الكتابة النسائية العربية.
ولنقرأ ماتكتبه عن بطاتها "باني بسطانجي" وبلاحرج بروايتها: اكتشاف الشهوة (هل تعريفين،حين تزوجت كنت أظن أن كل مشاكلي انتهت ولكني اكتشفت أنني دخلت سجناً فيه كل أنواع العذاب.) هكذا رأت الكاتبة الرجل فى الجزائر إنه العذاب فتجربة فضيلة بالجزائر أوصلتها لهذا حين ضاقت بها الصحافة،ومنعت من الغناء فى قسطنطينة ،وروعت بالإرهاب الذى هددها شخصيا فقد نادوا اسمها "من احد الجوامع" بأعتبارها مطلوبة للقتل!؟ ففرت لبيروت.
ففى الرواية: (أنا "باني بسطانجي" التي منعت طيلة حياتها،حتى مجرد أن تفكر في ذكر،بين ليلة وضحاها،أصبح المطلوب مني،أن أكون عاهرة في الفراش أن أمارس كما يمارس هو،أن أسمعه كل القذارات،أن أمنحه مؤخرتي ليخترقها بعضوه،أن أكون امرأة منسلخة الكيان،أن أكون نسخة عنه،وعن تفكيره،المشكلة تجاوزتني يا"شاهي" - هى أخت البطلة فى الرواية"- ولهذا تطلقت (ما اخترقني لم يكن عضوه،كان اغتيالا لكبريائي وفيما أشعل هو سيجارة انتصاره،ليتمم بها متعته،قمت أنا منكسرة نحو الحمام،غسلت جرحي وبكيت)..هكذا تعلن فضيلة الفاروق منذ السطور الأولى لروايتها أو تعلن بطلة روايتها أن زوجها لم يكن الرجل الذي تريد ولا الزوج الذي طالما حلمت به .فبالرواية (جمعتنا الجدران وقرار عائلى بال ،وغير ذلك لاشيىءآخر يجمعنا،فبينى وبينه أزمنة متراكمة وأجيال على وشك الأنقراض) وتتسأل:كيف لغريبين مثلنا أن يمارسا الجنس كما يجب؟!فقد ذهبت العروس"لمغترب جزائرى يكبرها ويعيش بفرنسا" يحلم ككل جزائرى فى غربته بامرأة عذراء من بلده ،لتجد نفسها فى غرفة لا تزال ساخنة بأمراة آخرى.فبالرواية (غرفة النوم كانت كئيبة بألوان باهته وكانت صورة زوجته السابقة "فرنسية" رابضة قرب السرير بعينين زرقاوين وإبتسامة باردة،لقد نسى أن يخفيها) ونسيت هى زوجته السابقة فى الخزانة بعض ثيابها الداخلية.كما وجدت فى الحمام فرشاتين للأسنان.؟! فهل هناك تماهى بين الساردة والبطلة؟ (فمن المعروف أن الكاتبة نفسها تزوجت فى بيروت من رجل كانت تراسله لمدة سنوات وكان بينها وبينه فرق فى السن كبير وكان مسيحيا وقيل اسلم وكان مهرها اسلامه ؟! وحين سألوها عن زواجها،ومدى نجاحه؟ أختصرت الاجابة فى"صرت اما لولد جميل").
ولكسب عطف القارئ للرواية بينت أن هذا الزوج لم يقتصرعلى فرض نفسه على زوجته،بل أنه يهمشها عندما تريده وتشتهيه بل يستمني أمامها ليغيظها،أذا لم تطاوع غرائزه!! يذهب يتابع الأفلام البورنوغرافية :(بسهولة يجلس أمام إحدى القنوات البورنوغرافية ويمارس العادة السرية دون أن يعيرني اهتماما) تلبسه صورة الزوج المتسلط الذي يضاجع زوجته،غصبا عنها من الدبر! تقول واصفة أثر ذلك عليها:(أصبت بعطب في مؤخرتي لهذا السبب وأصبح عذابي الأكبر دخولي إلى الحمام لقضاء حاجتي،في كل مرة كانت مؤخرتي تتمزق وتنزف) وتعلق ناقدة جزائرية على هذه الفقرة من الرواية بعبارة: جاء أدب دورات المياه.. أدب "الكنيف"
وتستمرالكاتبة تتماهى مع البطلة فى تحميل الزوج أو (الرجل) مسؤولية الأزمة لأنه حسب الساردة لا يتجاوب معها تقول:(رجل لا يجيب على كل الأسئلة، كثيرا مايعلق أسئلتي على شماعة من الصمت يأكل،يدخل الحمام أو ينام حين لا يعرف أن يجيب،كان صعبا علي أن أتفاهم معه..)
تتصور أنها تحكى لأختها شاهى(سأحكي لك عن تقززي منه..وعن شعوري بالغثيان كلما رأيت قضيبه..)..(سأروى لها كيف أرادنى أن العقه..وكيف تقيأت لفحتنى رائحة البول وتذقت حموضته)
هذه الصورة تكاد الرواية تعممها على مختلف الرجال.إنها أزمة ساهمت في اتساع الهوة بينهما،وجعلت الرجل يتجاهلها ويحتقرها بل غدا (يعود ثملا في الغالب،والحمرة النسائية تلطخ قميصه والمني يلوث ثيابه الداخلية..)لتقتنع بتأزيم علاقتهما،وتزداد قناعتنا بأن الفشل في الزواج يبدأ من هنا،حين نرى الأشياء بمنظورين ليس فقط مختلفين بل متناقضين ويكون الفراغ الذي أصبحت تعيشه البطلة فى الرواية سببا في استرجاع حياتها بمدينة قسنطينة ونظرة المجتمع الجزائري للمرأة (الذي ينهي حياة المرأة في الثلاثين،ولذا قذفوا بها لأول متصل خوف قربها من الثلاثين وعنوستها وتحكى لنا كيف تمنت لو لم تكن أنثى،وتمنت لو كانت ذكرا تقول (كانت رغبتي الأولى أن أصبح ذكرا) بل حاولت في صغرها أخفاء أنوثتها والظهور بمظهر الذكور،لكن سن البلوغ والطمث يورط الفتاة في الأنوثة ويجعل البنت واحدة من نساء الشقوق إذ تحتجب في البيت ويصبح شق الباب نافذتها على الخارج وتشتد عليها رقابة الأب والأخ وحتى وهي في باريس وعهدة رجل آخ (الزوج) (تقول لا يزالان الأب والأخ قابعين في داخلي ولم يختفيا أبدا من الخوف الذي شيداه بقلبي )
أن فضيلة الفاروق فجأة تنسى بطلتها وتكتب عن نفسها وحياتها أو قررت أن تكون بطلتها صورة منها ،وتتماهى الأشياء وبالرواية تتحدث عن رقابة الاسرة المجنونة فى الجزائر وبخاصة فى زمن الشيوخ والتطرف فتقول: (لها اخيها إلياس تنين خررافى بعشرة رؤوس يطالها حتى وان عادت لبطن أمها )
وعند أدراك بطلة الرواية أنها بعيدة عنهما،وان زوجها يخونها تحاول التمرد والتمتع بعدما تعرفت على جارتها ماري اللبنانية التي أعجبت بأسلوب حياتها تقول (كانت النموذج الذي حلمت أن أكونه) وتكون ماري سببا في تعرفها بشاب لبناني مثقف زير نساء تعلقت به، لكنه خيب أملها بعد اكتشافها أنه مثل كافة المثقفين العرب الذين (لا ينظرون إلى المرأة سوى أنها ثقب متعة ولذلك يناضلون من أجل الحرية الجنسية أكثر مما يناضلون من أجل إخراج المرأة من واقعها المزري.) فتدخل في علاقات غرامية مع (أيس الشاب اللبناني) لترى قبلة الخيانة صلاة وشرفا (قبلة أيس كالصلاة فيها سجدة وخشوع وابتهال لا ينتهي..قبلة شرف بمذاق التبغ والقهوة)
هكذا تسير الرواية على خطى روايات أخرى في التمرد على مؤسسة الزواج فتعتبر الزواج بغير حب دعارة وعهرا.ورغم فشلها ترتمى فى احضان تجربة أخرى تعيشها مع شاب من بلدتها يحمل نفس اسمها العائلي (توفيق بسطانجي) وترى في تعرفها على (توفيق) سعادة لا تتسع لها باريس:(باريس كانت شاسعة لكنها في ذلك اليوم لم تتسع لمشاعري كان توفيق أكبر منها،أكبر من شهوتي لأيس،وأبهى من شوارع قسنطينة.) وأمام استحالة استمرار علاقتها بزوجها،يقع الطلاق لتعود إلى الجزائر وتضعنا الرواية أمام واقع المرأة المطلقة في العالم العربي التي لا يرى فيها سوى (امرأة تخلصت من جدار عذريتها الذي كان يمنعها من ممارسة الخطيئة،امرأة بدون ذلك الجدار امرأة مستباحة أو امرأة عاهرة مع التحفظ) وهو ما جعل عائلتها تجمع على ضرورة رجوعها إلى زوجها (مود) لنجد أخاها إلياس يقول لها: (ستعودين إليه في أقرب فرصة و ستركعين أمامه مثل الكلبة،وستعيشين معه حتى الموت)
وحتى الأخت الصغرى التى تحكى لهل البطلة باستمرار كانت مقتنعة بدونية المرأة ومعترفة بالذنب في الأمور العادية كالحمل مثلا،والتي ترى في الحمل سببا للخجل من أبيها وأخيها تؤنب البطلة على طلاقها وتتوعدها بمستقبل قاتم لايرحم (غدا سترين الرجال كيف يتحرشون بك كيف ستحاك حولك الحكايات وكيف ستصبحين عاهرة في نظر الجميع دون أن يرحمك أحد)
يبدو من خلال قراءة رواية (اكتشاف الشهوة) أنها مثل عدد من الروايات العربية المعاصرة بنون النسوة التي تهاجم العقلية الذكورية بجرأة زائدة من خلال الإغراق في المشاهد الجنسية التي تذل المرأة في وصف لعمق أزمة الجنس في مخيال المرأة العربية،وتقدم الرجل في صورة المتسلط القاهر،حتى من عائلة البطلة فكذلك كان أخوها قاسيا معها ومع زوجته وكذلك كان أبوها يحتقر المرأة ولا يرى في أمها إلا زوجة جاهلة لا تفهم شيئا،وكأنها حالة عامة فى الرجال أو فى رجل الجزائر بالذات؟!
تقول الساردة عن علاقة امها وابيها (ففي كل كلامها هي تخطئ وهو يصحح حتى يبلغ ذروة غروره فيخرج ويتركها لأنها أرهقته بقلة فهمها لم تكن والدتي ذهبت للمدرسة قط فجعلها بدوننا لاتساوي شيئا..وحين ترى الأشياء بعينها تراها بالمقلوب) هكذا تكرس الرواية أن المجتمع برمته ليست المرأة بالنسبة له إلا عورة وتركز على ملابس المرأة التى جعلها المجتمع عورة.(فإذا كان مسموحا بنشر الغسيل مهما كانت مكوناته فليس مسموحا نشر ملابس المرأة الداخلية (فكل شيء ينشر على الشرفات والنوافذ،وصعب بين كل ما ينشر أن ترى حمالة صدر أو كيلوطا نسائيا، إذ من العيب أن تفضح المرأة نفسها بنشر علامة أنوثتها) وعي المرأة بمثل هذه السلوكات جعل المرأة تعاني،فيحز في نفس الساردة/البطلة ألا يرى الرجل في المرأة إلا وسيلة لإشباع غرائزه الجنسية وتعتبر هذا الوعي الذكوري أزمة مضاعفة في مجتمع تتعد مآىسيه (تفكر المرأة في رجل لا تعني له أكثر من ثقب شهوة فهذا يعني أن المأساة مضاعفة) تحمل الرجل مسؤولية هذا الوضع وتصف الرجال بالازدواجية في الجنس مستشهدة بأبيها الذي يمارس الجنس مع الأم ويتلذذبها ليلا ويتظاهر أمام الأبناء نهارا بأنه يكرهها فتتساءل (كيف تطيق (الأم) الشرطي وهو يضاجعها بقسوة، كيف يفعل ذلك ليلا وكيف يتحول بالنهار إلى رجل بلا قلب،بلا عواطف بلا شهوة بلا غرائز،وكيف ينبت ذلك الحاجز الخفي بينه وبين والدتي فيناديها:يامخلوقة،يامرة..!كيف يتعايش مع ازدواجيته تلك،وكيف يوهمنا أن الجنس عيب ومشتقاته عيب)
مقابل هذه الصرامة في وصف الرجال بالازدواجية،تترد الساردة في إضفاء الصورة ذاتها على المرأة فتقول (يصعب أن تفهم الأنثى هنا أهي فعلا كائن محتشم،أم كائن ازدواجي تماما كالذكور) أمام قسوة الرجل وخاصة الرجل الذي لا يرى في المرأة كما قالت شاهي (لستُ بالنسبة له أكثر من وعاء) فالساردة من حين لآخر تعبر عن موقفها وتدعو للتمرد على الرجال واعتبارهم لايستحقون الرعاية من النساء فالرجال في نظرها (لا يستحقون منا السهر والتفكير في التضحيات، والبكاء) بل تطمح لأن تكون(حياتنا ليست مرتبطة برجل)امام هذه القسوة على الزوج والأب تقدم الرواية البطلة سريعة التعلق بالرجال وهي المتزوجة، تقول في مفتتح الرواية قبل أن تتعرف إلى زوجها،وقبل أن يصدر منه أي سلوك مشين (شيء ما في داخلي كان يرفض ذكورته..فقد تخيلتني عاهرة تتعرى أمام أول زبون تحمله لها الطريق)وأن الحب والتجاوب بين الشريكين ضروري في أية علاقة، وإلا تحولت قبلة الزوج إلى موت (قبلة مود قبلة الشفاه المغلقة التي تشبه تابوتا فيه جثمان) بخلاف قبلة أيس الشبيه بالصلاة والخشوع تكون الرواية تصور حالة عدد من النساء المضطهدات في بيت الزوجية لكن ذلك لا يسمح بتعميم الظاهرة، واعتبار كل الرجال طغاة، وأن الزواج تجن على المرأة ونسب نجاحه قليلة كفوز ورق يناصيب فلنستمع إلى الساردة (ما أقسى أن نسلم أجسادنا باسم وثيقة لمن يقيم ورشة عليها أو بحثا عن المتعة وكأننا نقطع ورقة يناصيب من النادر أن تصيب) قد يقول قائل أن هذا موقف امرأة اكتوت بجبروت زوج متعنت أناني جعل الحياة الزوجية أمامها جحيما لكن ما قد لا يتفق معه بعض القراء هو دفاعها المستميت عن علاقاتها الجنسية وخياناتها واعتبارها حبا ،في الوقت الذي تعتبر علاقة زوجها بعشيقته عهر وتجعله بفعله ذاك عاهراوخائنا،وهي بفعلها متحررة وباحثة عن السعادة.
فبعد مضاجعة توفيق لها والاغتسال في بيته تقول(كنت واثقة لحظتها أني اهتديت إلى الطريق أسبوع كامل في الجنة.)وفي ذلك عمل بالقول المأثور(حلال علينا وحرام عليكم) إن فضيلة الفاروق لم تتوان لحظة في النيل من الرجل العربي،عازفة على مختلف الأوتار بما فيها وتر الدين، فسعت إلى تصوير الزوج وهو جزائري في صورة الكافر الذي يرغم زوجته على مضاجعته برمضان،ويعنفها إن رفضت،مما جعل الجيران يستدعون الشرطة أكثر من مرة،لتضع القوانين الوضعية أمام الشريعة،فيسائل الزوج الشرطي الفرنسى قائلا (ماذا أفعل إنها زوجتي وترفض أن أضاجعها لأنها صائمة بشرفك أي رب يمنع زوجا من مضاجعة زوجته؟) وتسخر من التقاليد وتأويل الدين الذي يجعل الزوج المغتصب يدعي أنه يمارس حقوقه الجنسية حسب شرع الله؟! في تعبير صارخ على أن الرجل العربي (لم يهتد بعد للعيش مع امرأة كفء،أو ند أو نظير له) لذلك يلجأ إلى العنف وتكون النتيجة الفشل في قيام حياة زوجية سعيدة
يقول "ستوارت ميل" (إن الزواج بين أطراف و شركاء غير متجانسين لا يقدم متعة لكل منهما بل يؤدي إلى شقاء دائم) وهو ما عاشه بطلا الرواية لكن إذا كان سائدا في مجتمعنا قبول النساء لقوة الرجل وتسلطه بغير شكوى أو تذمر،فإنه من خلال الرواية المعاصرة أصبحنا نلاحظ تسجيل النساءلمشاعرهن،وإعلان رفضهن لواقع هن فيه محتقرات أو معنفات ففي رواية اكتشاف الشهوة لفضيلة الفاروق إذن يصبح جسد البطلة (باني) مشرحة لتحليل أزمة الجنس في الوطن العربي هذا الجسد التواق للجنس تتكسر كل أحلامه وتطلعاته على صخرة الزواج، ليتحول كبسولة مكثفة للكبت،سرعان ماانفجر عند أول فرصة تتاح له،فما التقت "بأيس" حتى تفجرت كل منابع جسدها شهوة ولذة لتشعرها بكامل أنوثتها وكانت القبلة كفيلة بإعادة دبيب الأنثى في كل شرايينها العطشى ويحرر الجسد المسيج بكبت الشهوة،لتتحول المرأة من المعشوقة المرغوب فيها إلى العاشقة الباحثة الراغبة في ارتواء الجسد تقول الساردة (تماديت في التبرج والتعطر وقصدته،وأنا أنبض فرحا..حدث كل شيء في مكتبه، شلحت معطفي وسلمته شفتي..أذكر جيدا كيف تاق جسدي إليه أذكر كل التفاصيل التي أفقدتني عقلي جعلتني أطلب المزيد، كان بودي أن أتمدد وأسلمه جسدي قطعة قطعة إذ لم يكن بإمكاني التماسك) ليتضح كيف أن المبادرة جاءت من المرأة بالذهاب إلى مكتبه،وكل الأفعال تصدح بمبادرةالمرأة (تماديت، شلحت، سلّمته، تاق جسدي) ما يستنتج من خلال الرواية أنها رواية أنثوية بامتياز، تنبش في المسكوت عنه بجرأة وتسلط الضوء على أزمة الجنس بين الأزواج،وإن كان يعاب عليها نزوعها نحو التعميم وإصدار أحكام جاهزة ومستهلكة عن وضع المرأة في العالم العربي وتقديمها ضحية للرجل وجعل كل المتزوجات معذبات معنفات (كل المتزوجات وهن يمارسن الجنس بلا عاطقة لأنهن متزوجات أزواج يثيرون الشفقة ويبحثون عن المتعة،شعوب بأكملها تمارس العنف على نفسها دون أن تعي ذلك)كما تقدم الرواية تلك الصورة النمطية المرتبطة بالمرأة المطلقة في واقعنا العربي فتقول:(المطلقة تعني أكثر من أي شيء امرأة تخلصت من جدار عذريتها الذي كان يمنعها من ممارسة الرذيلة..)
وفي الوقت الذي كان القارئ يتابع خيوط حكاية البطلة وصراعها مع تقاليد المجتمع الجزائري يفاجأ أن كل تفاصيل الحكاية والسفر إلى باريس والعودة إلى قسنطينة وكل الشخصيات،والأحداث..لم تكن إلا رحلة خيالية ،وتجل من هذيان البطلة وهي تهذي في المستشفى الجامعي للمدينة بعد دخولها في غيبوبة طويلة - عندما تهدم بيت أسرتها على رأسها في ليلة مطيرة بعد ترملها ووفاة زوجها - اليوم الذي فاقت فيه من غيبوبتها لا تعرف شيئا عن أسرتها وأقاربها في الوقت الذي تروي حقائق عن شخصيات موجودة في واقع لم يسبق ها أن رأت منه أحدا،كل ذلك من (مخيلة ماكرة نسجت لها قصة من أرشيف ما قرأت،قصة لا تخلو من العنف والرومانسية و الخيانة على طراز الأدب الغربي) لتنتهي الرواية على إيقاع هذيان الساردة وتداخل الواقع والوهم. مفضلة الهروب بالجرأة إلى الهذيان،وجعل البطلة شخصية فصامية لا يعتد بمواقفها،ولايمكن محاسبتها على ما يصدر عنها
وبحيلة جعلت الساردة تغيب عن الوعي وتهذي بما في عقلها الباطن، كأن عقل العربي لا شيء فيه إلا الجنس؟! فالكاتبة تتملص من مواقفها،وتنسبها لساردة فاقدة للوعي،وكأنها بذلك تتهرب من تحمل المسؤولية ،مخافة التورط،وإن أراد أحد الاحتجاج على ما وصفت به المجتمع الجزائري واتهمها بتشويه المجتمع ما دامت صورت الجزائر بلدا لا علاقة سوية فيه بين الزوجين، ولا سعادة بأرضه، مقابل السعادة والحرية التي ترسمها الرواية بفرنسا في علاقات غير شرعية يكون جوابها أنه مجرد كلام مريضة نفسية وليس على المريض حرج،وأنه يحق للمريض نفسيا البوح بما لا يحق للعاقل..
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|