- أمى - ليست ناقصة عقل ودين



منى نوال حلمى
2024 / 2 / 14

" أمى " ليست ناقصة عقل ودين
------------------------------------------------
كنت دائما أعتبر أن " الفقر " ، هو المأساة الكبرى ، التى يمكن أن تصيب الانسان . فلا أحد ، فى أى مكان ، يحب " الفقراء " ، وان كانوا أطيب القلوب ، وأنبل النفوس . للفقر جبروت ، يمسح الطيبة ، للفقر وطأة تحجب النبل . وان تمتع الفقير بموهبة ما ، فانها تموت سريعا قبل أن تكتمل ، من قلة الطعام ، ونقص التغذية . فالمواهب لا تنمو على معدة جائعة . وان وُلد الفقير بصحة جيدة ، فانها تتدهور بالاستيقاظ كل يوم ، فى بيئة ملوثة ، تصيبه بالأمراض وضعف المناعة .
لكننى غيرت رأيى ، وبدا الفقر أمرا هينا ، رحيما ، مقارنة بالحدث " الجلل " ، وهو
" ميلاد أنثى " فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " .
انها حقا مؤامرة ، تمت حياكتها عبر آلاف السنوات ، لتنتج ثوبا خشنا ، من الأسلاك الشائكة ، والألغام المتفجرة ، ترتديه المرأة منذ صرخة الميلاد حتى شهقة الموت .
فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، نكتشف أن ما قاله الله ، وما قاله الرسول ، يتركزان بشكل جوهرى ، وأساسى ، وعضوى ، فى تحديد معنى الأنوثة ، ورسم مسارات لحركتها .
لا نعرف فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، شيئا عن كيفية النمو الاقتصادى ، وما هى الوسائل التى ترقى بالمستوى الثقافى ، والاعلامى والابداعى .
أنصار حزب " قال الله وقال الرسول " ، صامتون عن طرق تحسين جودة التعليم ، والاكتشافات العلمية ، والصحة ، والزراعة والصناعة ، وآليات التجارة الدولية ، ومعايير البيئة الصحية ، والتوازن البيولوجى .
الحقيقة ان مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، ليس لها مساهمة حقيقية ، تُذكر
الا فيما يخص الأنثى ، وجودها ، طبيعتها ، دورها ، جسمها ، عقلها ، لبسها ، صوتها ،
حواجبها ، تعطرها ، تزينها ، ضربها ، تأديبها ، تعبدها ، زواجها ، نكاحها ، طلاقها ، تكفينها ودفنها .
كل ما يلمس الأنثى من قريب أو من بعيد ، هو " تخصص " كامل متكامل ، تنفرد وتفتخر به مجتمعات " قال الله وقال الرسول " وبامتياز ، لا ينافسها أحد .
والهدف على المدى القصير والطويل ، هو الابقاء على حركة " الأنثى " ، داخل أربع أماكن رئيسية ، تكتب مصيرها ، غرفة النكاح ، غرفة الطبيخ ، دورة المياه ، القبر .
فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، الأنثى كائن عاجز ، خائف ، موصى عليه ، ممنْ يهمه أو لا يهمه الأمر . كائن تراقبه العيون ، تتربص به الألسنة ، مادة خصبة للاشاعات والقيل والقال .
مجتمعات ترى الأنوثة ، عار ، وعورة ، فضيحة ، وفتنة ، توقظ شهوات الذكور ، تقودهم الى الرذيلة ، والفحشاء ، والتهلكة ، واغضاب الله والرسول . وأول شئ يجب أن
يجب أن تفعله هو أن " تتغطى " ، مثلما تتغطى قطعة الحلوى ، حذرا من جلب الذباب .
شئ عجيب ، أن الأنثى الكائن العاجز ، الضعيف ، المفعول به ، لا يملك مصيره ، ولا ارادته ، ولا بد أن يعيش تحت كنف " ذكر " ، يكون مسئولا عن " الشرف " ، و حماية مجتمعات " قال الله وقال الرسول " من الفسق والفجور والغرق فى ملذات الجسد المدنسة الآثمة .
فى هذه المجتمعات ، تتحول الأنثى الى مشروع جنسى متضخم ، يحتمل تنفيذه فى أى
وقت ، تجتمع فيه بالذكر حاضر الشهوة دائما . والنتيجة الطبيعية لهذا الوضع ، هو تحول العلاقة بين الذكر والأنثى ، الى علاقة بين صياد جائع ، وفريسة هاربة . ويصبح الجنس هاجسا متضخما ، الى حد الهوس ، والانحرافات المتعددة .
شاهدت على قناة متخصصة فى رصد الجرائم ، كيف عاشر الأب الأرمل ، ابنته المطلقة كأنها زوجته ، حتى حملت . وعند القبض عليه ، اعترف بسهولة وأريحية قائلا : " طب وايه يعنى .. أنا محتاج ومحروم .. وبنتى لازم تساعدنى فى أزمتى .. أمال باخلفها ليه ".
وفى جريمة أخرى ، حملت الأخت من أخيها ، بعد علاقة عدة سنوات ، وتخلصت من المولود بتركه أمام أحد الملاجئ . قال الأخ عند التحقيق معه : " بفى سنى تلاتين سنة ومتجوزتش .. وأختى زى القمر وجسمها فاير ، وعايشة معايا .. مقدرتش وبعدين ده كان برضاها ".
وشاهدت ايضا ، كيف الحفيد فى العشرين من عمره ، بعد أن سرق جدته ، اغتصبها جنسيا ، وهى فى الثمانين من العمر ، والذى اعترف بالجرم : " لحظة شيطان وجدتى حليت فى عينيا " .
ليس مستغربا اذن أن تُثقل هذه المجتمعات ، بأكبر نسبة من التحرش الجنسى والجرائم الجنسية ، ونكاح المحارم .
وتبرر مجتمعات : " قال الله وقال الرسول " ، الحصار المحكم حول الأنثى ، بأنه ضرورة لتعويض أنها " ناقصة عقل ودين " . وهو ما يحولها الى كائن مضطرب ، مرتبك ،
معتل الذاكرة والتمييز ، يسيطر عليه الانفعالات الهوجاء ، والعواطف الغير متزنة .
لكن هذا الكائن المضطرب ، بداخله شر عظيم . فهو يتحول عند الضرورة الى كائن غدار ، ماكر ، خائن ، يكيد بكل خبث ومهارة .
ولأننا نحب أمهاتنا ، وهن السبب فى وجودنا ، واحساسنا بالاستقرار والأمان فى الأسرة ،
كما يقول المثل : " الأم تعشش والأب يطفش " ، يكون لسان حالنا جميعا ، فى صرخة غضب
كامنة فى القلب : " أمى ليست ناقصة عقل ودين .. أمى أحسن حاجة فى الدنيا ". وعندما نسمع فى الشوارع الشتائم بالأم ، نبتلع فى صمت ، اهانة أحب وأقرب الناس الينا . وهذا تناقض مخز ، يصيبنا بالاضطرابات النفسية ، والعاطفية .
إن القاسم المشترك بين الرجال الناجحين المبدعين الأسوياء ، فى مجالات مختلفة، أنهم كانوا أطفالًا سعداء ، يستمدون سعادتهم وكرامتهم من سعادة وكرامة أمهاتهم.
و شىء مألوف أن يعترف الرجل منهم قائلًا بكل فخر: " أمى هى التى صنعتنى " .....
.. " أمى علمتنى الكرامة " ... " هذا من فضل أمى " ..
حقا كيف تكون ، وقد أوكل لها المجتمع ، واحدة من أصعب وأهم المهام ... تربية ورعاية وتنشئة الأطفال ؟؟.
فى مجتمعات " قال الله وقال الرسول " ، الأنوثة حرفيا " مأزق" وجودى حقيقى ،
و" مأساة " متشابكة الخيوط .
لا خير يُرجى ، فى مجتمعات تسحق وتهين " الأنوثة " ، وكأنها الخطر الأكبر ، والعدو الأشرس ، يجب أن يُهزم ، وأن يُذل .
لا خير يُرجى فى مجتمعات ، ترى نصفها من الاناث ، قطعا من " الحلوى " ، وترى نصفها الآخر من الذكور ، جيوشا من الذباب .


========================================