إلى قيس سعيد : دع المرأة تُعلن المرحمة يوم الاستقلال...



كريمة مكي
2024 / 3 / 18

بسم اللّه الرحمن الرحيم والصلاة والسّلام على سيدنا محمّد وعلى آله و صحبه اجمعين.
السيد قيس سعيد رئيس دولة تونس الخضراء:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
اسمح لي أن أهنئكم متأخرا بدخول الشهر المعظّم: شهر المودّة و نزول الرحمات، فقد كنت مشغولة بظرف عائلي خاص امتدت عروقه سنوات إلى الوراء و انتفضت وجيعته المُرّة بذكرى الانفصال في بداية رمضان هذا العام إلى أن هدأتْ الآن عندما جاءتني فكرة كتابة هذا المقال.
لقد تذكّرت العشرية السوداء و الحمراء التي مرّت على ثورتنا الغرّاء فقلتُ: إلى متى الصمت و الصّمم عن نداء إطلاق بارود القلم في وجه الضيق و القلق و الحقد الذي يملأ الصّدور في هذا الزمان المحسوب عليك أيّها الحاكم الإنسان!
إلى متى سيستمر اعتقال هؤلاء المتهمين بالتآمر و تدبير انقلاب؟!
من لم يُحكم عليه بالسجن حتى الآن، لماذا يبقى في هذا السجن البغيض بعيدا عن الأهل و الصّحب و الولد في هذا الشهر الكريم الفضيل؟
كم من زوجة تبكي الآن؟؟؟ كم من أُمّ،،،كم من أخت،،،كم من حبيبة، كم ،،،كم؟؟!
كيف تهون عليك دموع النساء و هنّ غاليات و عزيزات.
أنسيت آخر كلمات نبيّنا الأكرم سيّدنا محمد المصطفى و هو في سكرات الموت:
"أيّها الناس اتقوا اللّه في النساء...
أوصيكم بالنساء خيرا".
لاتوجع أكثر قلوبهن المنفطرة أصلا و أجسادهن المنهَكةما بين ذهاب للسجن و إيّاب.
لقد جاء اليوم و قت الفصل ما بين الشّدّة الواجبة لضمان الأمن في البلاد و الرّحمة الموجبة لجبر قلوب مكسورة في صدور رجال و أطفال و نساء...
عبير موسي السياسية السجينة تحتاج أن تكون بين بناتها في هذا الشهر بالذات.
أطلِقها...لا خوف منها...السياسة لا تحتاجها!
ليس لأنها امرأة ، قطعا لا، و لكن لأنها اختارت التهريج و الاستفزاز في مجال الخدمة في الصالح العام فأخطأت من البداية في تحديد الأهداف و أخطأت بالتالي في العنوان!
خروجها سيجعلها تفهم أنّ مهمّتها قد تكون في المحاماة أو غيرها مما تشاء...أمّا السياسة فلا!!!
يقول تولستوي:" إنّ المباديء لا الغنائم ما يستحق القتال من أجله". و عبير موسي كبقية المتآمرين ليس تُحرّكهم المبادئ العظيمة و إن تدثّروا بها طويلا، لذلك بقاءهم في السّجن بأمر منك اليوم هو خيانة للدين و الوطن و حقوق الإنسان.
هذه الأيام نحتفل بحلول شهر الصّيام و بعد أيام سنحتفل بأجمل عيد لتونس و هو عيد الإستقلال، فكيف تتأخر في الاختيار لِتُعلن بادرة سيشهد لها العالم كلّه في مجال حقوق الإنسان!!

يجب أن يكون احتفال تونس هذا العام بعيد الاستقلال احتفالا عظيما لا يُشبه أيّ احتفال.
ليس باستعراض عسكري ضخم مثلا فهذه ليست عادة تونس صغيرة البلدان عالية المقام.
احتفال تونس هذا العام سيكون بالرحمة مليئا لا بالعتاد و الأموال، لتسطير أجمل مرحمة في تاريخ الأمم و الأجيال.
كفانا ملاحم مكسوّة بالتقتيل و الجراح، نريد مرحمة في شهر الرّحمة تنطلق من تونس الخضراء ليعُمّ في الأرض بعدها السّلام.
أيها الرئيس المؤمن الرشيد: لا تُفَوّت هذا الحدث الذي تنتظره الأرض و السّماء على رقعتنا الخضراء.
أستحلفك بدم الحاج البراهمي المسفوك غدرا أمام بابه ذات يوم قاىظ من شهر رمضان هاك العام، أستحلفك بدماء كلّ الشهداء أن تُغلق قوس الدماء السّائلات و الأحقاد المتناسلات على هذه الأرض اليوم ليفتح اللّه لنا فتحا مبينا بقدرة الرّحمة و قوّة الإيمان، و كن واثقا أنّ بعدها سيعمّ المعمورة كلّها السّلام و الوئام.
تجهّز ليوم الاستقلال:
لا تلقي خطابا بنفسك،
اصنع حدثا...باختيارك لامرأة رصينة من هذه الأرض المعطاء.
انظر حولك و ستُرشدُك الملائكة في السّماء.
دعها تنوبك في هذا الخطاب.
تونس اليوم و العالم غدا يحتاج لصوتِ من أودع الخالق في رَحِمها نطفة الإنسان.
ذاتُ الرّحِم هي من ستُعلن للإنسانية ولادة جيل جديد لم يسبق أن رأينا في التاريخ مثله أجيال.
جيل المودُة و الرّحمة من رحم أرض خضراء تَدين بدين محمد بن آمنة و عبدالله من قبل ألف عام.
سيدي الرئيس المختار من فصيلة الأبطال:
مازلت على إيماني بأنك عطية الله الجزلى لتونس من بعد أن اهتزّت و ارتدّت و تدافعت لعشرة أعوام.
مازلت متأكدة من أنك ستعمل بوصية سيدنا محمد المصطفى في الاستوصاء خيرا في النساء، لذلك أحيل عليكم مقالا كتبته لرئيس وزراء النهضة السيد علي العريض، فكّ اللّه كربه، حول إزاحة النساء من تشكيل حكومته آنذاك.
أدعوك سيدي القارى الكبير إلى التمعّن فيما كتبت وقتها(2013) لتعرف أنّك أنت و لا غيرك من سيسلم لحكم الحكيمات من النساء بعد طول ظلم و تنكيل بأم الإنسان في تونس درّة البلدان و وطن النساء.
رحمَ اللّه الطاهر الحداد الداعية الصادق لتحرير المرأة و الإنسان،
رحم اللّه الحبيب بورقيبة السياسي الألمعي الذي ترجم بجسارة مطالب الحرائر و الأحرار بمجرد الحصول على الاستقلال،
وفّق اللّه قيس سعيد لإكمال الرسالة في رحمة و اعتدال.
و السلام.
و اللّه الموفق للصواب و إليه المرجع و المآب.