جمع تواقيع حول الغاء  التعديل المقترح للمادة 57 من قانون الأحوال الشخصية 188 للعام 1959



شبكة مكافحة الإتجار بالمرأة في العراق
2024 / 4 / 4

مقدمة حول مادة 57 ومحاولة تعديلها في
القانون

تتعرض حقوق المرأة العراقية مرة أخرى
للهجومات من قبل من يُفتَرَض ان يكونوا ممثلي الجماهير في الحكومية العراقية.
تجمّع عدد من الذكوريين ضمن ما أسموه برابطة الآباء وتوجهوا الى عدد من أعضاء
البرلمان ممن يتطوعون لمواقف تعبّر عن كراهية المرأة. وإذا بهذا التجمّع الذكوري يمارس
محاولة الاقتصاص من الحقوق التشريعية للمرأة بكتابة مقترح يهدف تهديد حق المرأة
الأم بحضانة اطفالها بعد الطلاق من زوجها. وكانت بداية هذه المحاولات في العام 2021
عندما تمت كتابة النسخة الأولى لتعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية – التي
تختص بحضانة الطفل في حال طلاق الأبوين، وبدعم من بعض البرلمانيين ضمن التيارات
الذكورية او الكتل الدينية، حصلت المسودة على قراءة أولى في البرلمان، إلا ان ضغط
الحركة النسوية سحب هذه المسودة من أروقة البرلمان آنذاك. وتكررت محاولة جلب
المسودة الى جلسات البرلمان في السنوات الماضية من دون نجاح.

ظهرت على صفحات الإعلام خلال الأسابيع
الماضية مجموعة تسعى الى إقرار تعديل للمادة 57 وحسب مسوّدة جديدة تم التوسّع بها
بحيث تتجاوز على حقوق المرأة الحاضنة للطفل وتفرض حقوق الرجل الحاضن من دون أدنى
اعتبار لمصلحة الطفل المحضون. ولذا اجتمعت شبكة مكافحة الاتجار بالمرأة في العراق
يوم 21 آذار الماضي لغرض تقييم المادة 57 النافذة، ومن ثم قراءة وتقييم التعديل
الجديد والتوصّل الى موقف منه. وتم التوصل الى ما يلي:

المادة 57 في قانون الأحوال الشخصية 188
للسنة 1959  كما هي نافذة حاليا

تُعتَبَر المادة 57 في القانون احدى أهم الاسهامات
النسوية التي أعطى القانون من خلالها الصلاحيات للمرأة ان تحافظ على حضانة أطفالها
بعد طلاقها من زوجها، حتى وان تزوجت من جديد. وكان هذا القانون متقدماً على زمانه
واثناء صياغته واقراره في العام 1959.

من أهم ما ورد في هذه المادة:
·      ان الأم أحق بحضانة الولد وتربيته في حال
انفصال وطلاق الزوجين، ولا تسقط حضانتها للطفل عند زواجها من شخص آخر

·      ان المحكمة تدعم الأم الحاضنة في الحصول على
نفقة الطفل المحضون من الأب.

·      لا يبيت الطفل الا عند حاضنته، بينما يحق
للأب المشاهدة ومتابعة شؤون المحضون وتربيته وتعليمه.

·      يمكن للأم الحفاظ على حق الحضانة لغاية ما
يبلغ الطفل الـ 15 من العمر، ويكون للمحضون بعدها حق الاختيار للإقامة مع الأب او
مع الأم ولغاية عمر الثامنة عشر.

·      وضعت هذه المادة إمكانية للأم ان تحتفظ
بالحضانة فيما لو مات اب الطفل وتزوجت الأم من شخص آخر تم ذكره كأجنبي عن المحضون،
ولكن بوضع بعض الشروط على الأم.

تقييم اجتماع الشبكة لهذه المادة:

1.    ان إعطاء حق حضانة الطفل للأم أكثر ضمانةً لمصلحة الطفل، حتى وان تزوجت.
ولعل الحوادث العديدة التي يرويها الإعلام عن احداث العنف التي تصل الى حد القتل
من قبل زوجة الأب. وفي أكثر الحالات التي يحصل الأب فيها على حق الحضانة، يرمي
الطفل على زوجته التي غالبا لا تكون راغبةً بتربية أطفال الآخرين، بينما يقضي الزوج
نهاره كله في العمل او في شؤونه الخاصة من دون متابعة تربية او مراعاة الطفل، مما
يعرّض الطفل الى التعنيف من قبل زوجة الأب وهي حالة معروفة ضمن الأعراف الاجتماعية.

2.    قام معظم أعضاء الشبكة بالتأكيد على ضرورة إبقاء هذه المادة على حالها
لكونها تعطي الحماية القانونية للمرأة في حال اثبات الضرر وكون فترة الحضانة
بإمكانها ان تتجاوز السبعة سنوات الى الخمسة عشر سنة، وقد تستمر الى الثامنة عشرة
في حال موافقة الحدث لذلك امام المحكمة.

 

التعديل المُقترح على المادة 57 من قانون
الأحوال الشخصية 188

بدأت حملة تعديل هذه المادة من قبل جمع من الآباء الذين كان لديهم اعتراض بسبب كون المادة القانونية لا تسمح بمبيت أطفالهم
لديهم، كما وان قسماً منهم كان متقاعساً عن دفع النفقة للأم لحضانة أطفالهم
لأسبابهم الأنانية. ولكن تطوّر الموضوع ليشمل تجمعات عديدة من التيارات الدينية، ومن
الآباء المطلّقين الذين لديهم نزاعات شخصية مع طليقاتهم، وكذلك جمعاً من الجماعات
الذكورية التي تصبّ جام غضبها على النساء متهمين إياهن انهم سبب خراب المجتمع،
وذلك ليس مستغربا في ظل سياسات ذكورية حاكمة تسيطر على الاعلام وعلى وسائل التربية
والتعليم. وتجمعت هذه الجماعات ضمن ما أسموه بـالحملة الوطنية لتعديل المادة 57
حيث قاموا بتأليب الرأي العشائري الذكوري الى جانبهم، بالإضافة الى ما يستعرضونه كفتاوى
دينية تحاول التقليل من فترة الحضانة للأم الى حد السنتين فقط، بالإضافة الى سلب
حق الحضانة منها بشكل مباشر عند زواجها من جديد.

وكان اول تعديل للمادة 57 في عام 2021 يقوم
بالتركيز على زيادة حق الأب في حضانة الأطفال، ولكن استمر التوسع في نص التعديل
خلال السنوات ليتوسع الى وثيقة مطوّلة تبدو وكأنها تستهدف سلب معظم حقوق الأم في
حضانة أطفالها وبأسلوب انتقامي يولي الأولوية للامتيازات الذكورية سالبا الأم حقها
بالاحتفاظ بأطفالها في حال زواجها من جديد.

من أهم ما ورد في هذه المادة:

·      نقل الحضانة الى الأب بعد اكمال الطفل
السابعة من العمر.

·      ان لا تكون الأم متزوجة "بأجنبي عن المحضون"،
أي أحد لا يمت بصلة قرابة من الطفل أي ليس أبيه. وان تفسير النص يشمل الى مسألة ان
أي زواج للأم يؤدي الى فقدانها لحضانتها. نص المادة يتضمن تبليغ الأب من خلال
المحكمة، ومما يؤدي بالنتيجة الى فقدان الأم لحضانتها. للعلم ان فقرة زواج الأم من
أجنبي عن المحضون تعرضت لتفسيرات عديدة خلال الحقب الزمنية المختلفة، وتم
استغلالها كورقة ضغط على النساء العراقيات في حال الزواج في الخارج، بينما لم يتم
التعرّض لزواج الرجال من اجنبيات وفي ذلك تمييز قانوني  ضد المرأة

·      إلزام الأم بموافقة خطية من الأب في حال
السفر، من دون إلزام الأب بموافقة خطية من الأم في حال السفر. وتسقط حضانة الأم في
حال سفرها مع الطفل دون موافقة الأب، بينما لا تسقط حضانة الأب عند قيامه بالعمل
نفسه.

·      تسقط الحضانة عن الأم في حالة "نشوز
الزوجة"، بينما لا يتطرق التعديل الى سقوط الحضانة عن الأب في حالة نشوز
الزوج، علما بان هناك نصوص دينية تتضمن فقرة عن نشوز الزوج والتي يرون فيها خطرا
أكبر من نشوز الزوجة.

·      تم تعريف الحضانة بالفترة التي تبدأ بولادة
الطفل وتنتهي بعمر الثامن عشر، من دون التركيز على مراحل الطفولة والمراهقة قبل
البلوغ والتي ما يحتاج الطفل فيه الى الأم لغرض نشأة نفسية وبدنية سليمة.

 

تقييم اجتماع الشبكة لهذه المادة:

·      ان المضمون الأساسي للتعديل هو انتزاع قسري
للطفل من أمه في عمر لا يزال يحتاج أمه فيه مما يعكس توجّهاً لا يراعي مصلحة
المحضون بالرغم من استعمال هذا التعبير عدة مرات خلال المقترح.

·      يتعامل التعديل مع الأم كوسيلة إنجاب وإرضاع
ورعاية لفترة محدودة؛ ولا يحترم حاجة الأم وحرصها على اطفالها. أي بكلمات أخرى،
يجرّد التعديل الأم من انسانيتها، ويتعامل معها معاملة الأجير المستعبد الذي يتم
استعمال جسده للانجاب دون ان يتم اعطاؤه أية حقوق للاحتفاظ بأطفاله.

·      من الناحية العملية، يفرض هذا التعديل على
الأم العراقية ان تحتمل التعنيف والضرر والإهانات داخل بيت الزوجية لكي تبقى
محافظة على اطفالها، لكونها مدركة بان القانون سوف ينتزع منها اطفالها فيما لو
ارادت الانفصال عن الزوج.

·      هذا التعديل القانوني ينتزع الطفل من أمه
ويعطيه للأب الذي يقضي معظم يومه في العمل، بينما يتم تربية الطفل من قبل زوجة
الأب التي لا تمت للطفل بصلة، مما يؤدي يوميا الى مئات من حالات التعنيف الى قد
تصل الى القتل كما حصل في حالة الطفل موسى.

·      ان إعطاء الحضانة للأب قبل سن 15 ولغاية سن
18 يهدد الطفلة الانثى بان يتم تزويجها قبل وصولها سن البلوغ اثناء بقائها ضمن
أسرة الأب، كما حصل للطفلة اسراء التي زوجّها الأب في عمر 12 وبعد اغتصابها من قبل
معارف الأب.

·      ان تعديل مادة مهمة في قانون الأحوال الشخصية
يقوم بتعريض الحقوق المكتسبة للمرأة العراقية الى الخطر، اذ ان كثرة التعديلات
وتعدّد القوانين في مسألة واحدة يؤدي الى الفوضى والى عدم ضمان المرأة في العراق
لحقوقها المكتسبة خلال حقب تأريخية متعددة.

ملاحظة أخيرة: ان عدم ضمان المادة 57 النافذة
حاليا لحق الأب الطليق بمبيت اطفاله لديه مسألة فيها بعض النظر، اذ ان من حق
الوالدين ان يكون لديهما علاقة قريبة مع الأطفال مما يتسبب بنشأة سليمة. إلا ان
سلب حق الحضانة من الأم واعطائها بشكل كامل للأب بعد سن السابعة – وهو مضمون تعديل
المادة 57- يبتعد كل البعد عن مصلحة الأطفال التي تقتضي تربية ومراعاة ومحبة الأم
لهم ولغاية عمر لا يقل عن الـ 15.

ولذا تقوم شبكة مكافحة الاتجار بالمرأة في
العراق بحملة جمع تواقيع للحفاظ على المادة 57 في القانون العراقي، على ان يتم استبعاد
اية قراءة لهذه المادة خلال السنوات القادمة والتي لا يزال خلالها القرار والسيطرة
للمواقف والنظرات الذكورية والبدائية غير المكترثة لمصلحة الطفل. تدعو الشبكة جميع
المنظمات النسوية والتحررية والشخصيات التي تسعى لبناء مجتمع سليم الى إضافة
توقيعها على هذه الحملة.