البسطار الأمريكي والنعجة والذئب



سلطان الرفاعي
2006 / 12 / 22

البسطار الأمريكي ، بمختلف القياسات والأشكال ، له فضل كبير على النعجة الخليجية . فهو، أي البسطار، سمح للنعجات الخليجيات ولأول مرة منذ الف واربعمائة سنة ، بأن يُرشحنى أنفسهن ، وينتخبنى أنفسهن، ويتشاورن ويُقررن ويجتمعن ويخرُجن من الشرنقة ، ويقلن رأيهن .
البسطار الأمريكي تغلب على آلاف الفقهاء والتكفيريين من جماعة الإخوان والوهابية وغيرها من التنظيمات الظلامية وألقى بكل هؤلاء خلفه.

عندما نسأل أي فقيه، أو شيخ، أو حتى قابلة قانونية. عن سبب وضع الحجاب والتمسك الشديد به، تلقى جواياً واحداً: هو من أجل حجب هذه النعجة عن الذئاب ونظراتهم المفترسة ، الذئاب التي تريد التهامها ، وتنتظر رؤية كاحل قدمها أو ثقب اذنها، او نصف حاجب، أو تسمع صوتها، أو تستنشق رائحتها، حتى تنقض عليها وتفترسها. وكأن الكتاب والسنة وآلاف التفاسير وملايين كتب الفقه والتفسير ، ومئات البرامج الدينية، والآالاف المؤلفة، من الخطب والدروس. كلها لم تستطع اطفاء الشعلى الذئبية المتأججة على الدوام والمستعرة في صدر الذئب الرجل.
وأصبح لدينا اليوم معادلة واضحة المعالم ، صادقة النتائج ، ويمكن قراءتها من وجهين: - يتناسب عدد المحجبات طرداُ مع عدد الذئاب في المجتمع- وأيضاً ممكن قراءتها على الشكل التالي: كلما زاد عدد الذئاب في المجتمع ازدادت أعداد المحجبات-.
ومن النتائج الثانوية الناجنة عن هذه المعادلة ، يتضح أن من يُطالبون وبشراسة بالحجاب هم من أذكى انواع الذئاب البشرية ، فهذا الصنف يعرف حقيقة نفسه ، ويعرف ما يعتمل في صدره تجاه هذه النعجة البريئة ، والتي ذنبها الوحيد أن كل هذا الفقه لم يستطع ردع هذا الذئب المتحفز المتربص.

شخصياً كنت شاهداً على ذبح نعجة استباحها ذئب بشري ، والد العريس، والذي لم يستطع أن يتمالك نفسه، عند رؤية عروس ولده، وفي ليلة زفافها، فافترسها، وخلف بركة من الدماء ، تُساوي حجماً بركة لوزان السويسرية، والتي يتحلق حولها جماعة اللإخوان وأعوانهم من الذئاب البشرية. العيسر الولد ، لم يستطع أن يفتح فاه . وتم تسجيل الواقعة ووضع اللائمة على عدم دراية الولد ومعاشرته الشرسة لهذه الطفلة البريئة، وحكم فيها شيخ ضرير البصر والبصيرة، وضاع دم هذه الطفلة. كانت في الثالثة عشر من عمرها.
وحقيقة لا نعرف ما جرى في المحكمة ، ولكن الذي عرفناه بعدها، أنه لم يتم اعتقاله ولا ليوم واحد .

وقالت صحيفة الشرق الأوسط في تقرير لمراسلها على مطير الثلاثاء 19-12-2006 أن حالة من الوجوم سادت في جدة، خلال اللقاء التعريفي بجمعية حماية الأسرة (تحت التأسيس) ـ على ملامح الحضور خلال عرض تسجيل صوتي لشابة في العقد الثاني تحدثت عن تجربتها المرة باغتصاب والدها لها وشقيقتيها معها لسنوات منذ طفولتهن قبل أن تقوم هي بإبلاغ الجهات المختصة لتوقيع العقوبة اللازمة وإصدار الحكم بحقه.

كما تحدثت صحيفة الحياة في نفس اليوم ، عن خمسين حالة حمل بطريقة((زنى المحارم)). والتي يبدو أنها ستُصبح شرعية قريبا اذا ما اقتنع بها الزنداني.

هذه الذئاب ، لا أعتقد أن الحجاب يكفيها، بل هي بحاجة الى صناديق مقفلة على اربع عجلات، توضع فيها المرأة ، ويتم سحبها من قبل زوجها أو والدها . وعدم السماح بأي فتحة في الصندوق. ومن أجل زيادة في الاحتياط ، يجب وضع جميع الصناديق ، في حفرة يزيد عمقها على عشرة أمتار، والقاء الطعام لهن من الأعلى.

الكبت refoulement: تغييب الرغبة ، الرغبة وما تمثله من خطر الخروج من الذات للاندماج بآخر، والآخر غير موجود الا بشكل الأخ أو الأب أو الأخت أو البنت أو الأم أو الجدة.

هذه الرغبة الجنسية والتي ارتبطت في الطفولة الباكرة بتأزم وتحريم لاندراجها في ما يُسمى عقدة أوديب : اذ ان معشوق الطفل الأول ، الذي يُتخذ نموذجاً لكل معشوق لاحق ، انما هو شخص محرم (الوالدة بالنسبة للطفل الذكر ، الوالد بالنسبة للطفلة الأنثى. ويكبر الطفل، وتكبر الطفلة، ولا يجد أمامه الا أمه ولا تجد أمامها الا أبيها. هذه العزلة الخانقة، والتي لا يرى فيها أحد الجنسين ، شخص من الجنس الآخر ، تجعله يعيش جحيما جنسيا، لا يخرج منه الا عن طريق المحارم الموجودة بقربه، فهي وحدها التي يُشاهدها، بعد أن تم عزله وبشكل نهائي ، سواء في المدرسة أو الشارع، أو الجامعة عن الآخر الذي يتشوق اليى لقائئه. وينتقل الى مرحلة الاندماج مع من يُشاهده ويلعب معه ويدرس معه، ويعيش معه. ولن يجد الا شقيقته في المنزل، أو زميله في المدرسة او العمل، وفي كلتا الحالتين، يغرق في مستنقع زنى المحارم أو المثلية، والتي نلاحظها كثيرا في المجتمعات المكبوتة أياضاًويُغذي كل هذا لاحقاً القمع الاجتماعي للجنس ، عبر حجب الجنس الآخر ، ومنع الاختلاط .

يعيش الذئب انقساماً داخلياً ، يُقطع بموجبه عن ينابيع حيويته واندفاعه ، ويُحرم من زخم طاقة اساسية في كيانه . هذه التجزئة الكيانية لا تسمح له بأن يلتزم كلياً في مواقفه وأعماله وعلاقاته.مقابل ذلك ، فان هذه العزلة القاتلة ، تؤدي الى تغييب الطاقة الجنسية ، هذه الطاقة المغيبة تُعزل عن الشخصية الواعية ، فتبقى، من جراء ذلك ، على فظاظتها وهمجيتها وذئبيتها ، اذ لا تتاح لها فرصة التفاعل مع العقل والمبادئ والقناعات والقيم ، كي تتهذب وتتلطف وتتحضر.

هذا الذئب برغبته المخفية يُصبح أكثر قلقاً ، فهو يشعر بها ولو بشكل مبهم لا يعرف كنهه ، قابعة في أعماق أعماقه ، مُتربصة به بكل هيجانها البدائي الخام الذئبي ، فيحيا في حذر وتوتر يُنغصان عليه عيشه، ويحرفانه عن الطريق السوي.

هذه الرغبة المكبوتة ، بين أضلاع هذا الذئب ، لن تبقى كامنة أبداً، ولكنها ستنفجر ، مثل طنجرة الضغط المغلقة باحكام والمعدومة التنفيس، ويؤدي هذا الانفجاار الى سلوك وحشي مدمر، يخرق كل الشرائع ، ويتجاوز كل القيم الأخلاقية والانسانية.