روزاليند فرانكلين: العالمة المظلومة



زيد نجم الدين
2025 / 1 / 15

تُعد روزاليند فرانكلين واحدة من أبرز الشخصيات العلمية في القرن العشرين، ومع ذلك فإن اسمها غالبًا ما يُغفل عند الحديث عن الاكتشافات العظيمة. فرانكلين عالمة كيمياء وفيزياء حيوية لعبت دورًا محوريًا في فهم بنية الحمض النووي (DNA)، وهو الاكتشاف الذي أحدث ثورة في علوم الحياة. ورغم إسهاماتها الهائلة، تعرضت لظلم تاريخي حرمها من التقدير المستحق في حياتها.
وُلدت روزاليند فرانكلين في 25 يوليو 1920 في لندن لعائلة يهودية ميسورة. أظهرت نبوغًا في الرياضيات والعلوم منذ صغرها، ما دفعها لمتابعة دراستها في جامعة كامبريدج. حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة كامبريدج في عام 1945، حيث ركزت أبحاثها على هيكل الكربون والفحم.

بعد إكمال الدكتوراه، عملت فرانكلين في باريس حيث أتقنت تقنيات التصوير بالأشعة السينية. في عام 1951، انضمت إلى كلية كينجز في لندن، حيث بدأت أبحاثها حول الحمض النووي. هنا، التقطت فرانكلين صورًا بالأشعة السينية لبنية الحمض النووي، وأبرزها الصورة الشهيرة "صورة 51" التي كانت مفتاحًا لفهم البنية الحلزونية المزدوجة للحمض النووي.

رغم أهمية انجازها العلمي، تعرضت فرانكلين لتهميش كبير وظلم واضح. حيث كانت تعمل في بيئة ذكورية تفتقر إلى الدعم والتقديرما افقدها القدرة على بناء علاقة وثيقة مع زملائها في كينجز كوليدج. هذا التوتر ساهم في استبعادها من الأبحاث التعاونية. وعلى الرغم مما تعرضت له فرانكلن الا ان النقطة الأكثر إثارة هي أن "صورة 51"، التي التقطتها فرانكلين بمهارة وتقنية عالية، تم تسريبها دون اذن منها الى جيمس واتسون (عالم أحياء أمريكي) وفرانسيس كريك (عالم احياء بريطاني) بواسطة زميلها موريس ويلكنز (عالم احياء نيوزلندي). هذه الصورة كانت العنصر الحاسم الذي استخدمه واتسون وكريك لوضع نموذجهم الحلزوني المزدوج.

توفيت روزاليند فرانكلين في 16 أبريل 1958 عن عمر يناهز 37 عامًا، بعد معاناة مع سرطان المبيض. ويُعتقد أن تعرضها المطول للإشعاعات خلال عملها في التصوير بالأشعة السينية قد ساهم في مرضها.
لاحقاً، وبعد اربعة اعوام من وفاة صاحبة المنجز، نال كل من جيمس واتسون وفرانسيس كريك جائزة نوبل في الطب عام 1962، بالمشاركة مع موريس ويلكنز، وذلك تقديرًا لاكتشافهم بنية الحمض النووي (DNA) وشرح كيفية تخزينه ونقله للمعلومات الوراثية، ولم تنل العالمة فرانكلين على نصيبها من تلك الجائزة العلمية الفريدة على الرغم من انها صاحبت السبق في ذلك المنجز العلمي.

بعد تلك الاحداث و الاتهامات ، بدأ المجتمع العلمي يحقق في المسألة باحثاً عن الحقيقة ، واخذ يدرك الدور المحوري الذي لعبته فرانكلين في صياغة الفهم الحديث للحمض النووي والذي تم تهميشة من قبل زملائها. حيث نشر العديد من العلماء والمؤرخين مقالات وكتبًا تُبرز إسهاماتها وفضلها، ومن بينهم آن سيدجويك، التي قدمت تحليلاً دقيقًا ومراجعةً علميةً لما قدمته فرانكلين للبشرية، وفي سياق متصل ، التحقيق الذي اعده عالم الحيوان ماثيو كوب والمؤرخ الطبي ناثانيال كومفورت والمنشور في صفحة المقالات على موقع نيتجر والذي يؤكد احقية فرانكلين من خلال الوثائق والادلة بهذا المنجز العلمي.
ذهبت روزاليند فرانكلين وبقي اسمها وقصتها رمزًا ملهماً في سبيل الاعتراف بمساهمات المرأة العلمية على وجه الخصوص و الباحثين على وجه العموم. قصتها ليست مجرد مثال على الإبداع العلمي، بل أيضًا على الحاجة إلى الإنصاف والتقدير في الاوساط العلمية.