أالمرأة الحديدية ،أي وصف لأية امراة ؟



عائشة التاج
2007 / 1 / 13

هل سبق أن سمع أحد منا وصفا لرجل ما بأنه "حديدي" ؟ لا أظن ذلك ...لأن الصلابة هي صفة تعتبر ذكورية بامتياز حسب التمثلات الاجتماعية السائدة .
إلصاق الصفة الحديدية بالإنسان هو مسألة أنثوية محضة ..صفة تلصق حصريا بالمرأة
يأتي هذا النعت كدليل على صلابة امرأة ما ...وهذه الصلابة غالبا ما تعلن عن نفسها
بالشكل الذي يبدو حديديا للبعض عندما تتقلد المرأة إحدى المسئوليات العمومية ذات الطابع
السياسي أو الإداري ....... ..
وبالتالي فإن هذا النعت يعني من ضمن ما يعنيه ابتعاد المرأة عن طابع الأنوثة بما تتضمنه وفق التمثلات العامة
من رقة ووداعة وحنان....بل تكاد تخرج وفق هذا المنظور نهائيا من الصفة الإنسانية كي تتحول إلى معدن من الدرجة الدنيا : ألا و هو الحديد ....
قد يتم وصف الإنسان بصفة معدن ما ...لكن داخل تراتبية "المعادن " فإن المرأة غالبا ما تتماهى مع أقله قيمة وثمنا
مقولة مغربية توجه دائما للفتيات المقبلات على الزواج : "الله يجيب ليك" نقرة " وتعني الفضة بالفصحى فين يغبر نحاسك "
فالفتاة بمثابة نحاس سوف يذوب داخل فضة الرجل ، تراتبية اجتماعية تعبر عن نفسها داخل تراتبية المعادن .
المرأة "المسئولة" أو التي تهتم بالشأن العام غالبا ما يزيح عنها المجتمع صفات انتمائها الأنثوي
فهي تتحول إلى كائن آخر ..طفيلي أو ممسوخ حتى في بعض الأحيان . ذلك أن أية امرأة في مجتمعاتنا العربية ، تجرأت على تجاوز الأدوار المعترف بها تقليديا نحو أدوار جديدة غالبا ما تقابل بمواقف جد متناقضة : يمكن تلخيصها في الانبهار الذي لا يخلو من نميمة
و التشجيع المشوب بالاتهامات : ....الشبهة الأخلاقية والاسترجال والقسوة و....في الغالب الأعم تسحب منها هويتها الجنسية لتتحول إلى رجل يعيش على هامش عالم الذكور....وقد تلفظ أيضا من عالم النساء حيث تبدو غريبة الأطوار وخارجة عن النمط السائد ...
وحيث أن الفصل ما بين "الذكوري والأنثوي " في مجتمعاتنا العربية غالبا ما كان يتميزبالكثير من الصرامة فإن إحالة المجال العام تظل لصيقة بالذكور
في الوقت الذي يراد فيه للمرأة أن تبقى حبيسة المجال "الخاص" -البيت- الذي يعتبر "مملكتها بدون منازع .
وحيث أن الحدود ما بين المجالين بدات في الزوال ...فإن المرأة ذات النمط الجديد لا زالت تخطو فوق أنقاض هذه الحدود ...حيث أن طريقها مشوب بالحفر
و بالمتاهات في بعض الأحيان .


تمظهرات ثانوية غالبا ما تصاحب خطوات أي أمرأة عربية قررت خوض غمار الشأن العام .... وتفرض عليها كضريبة إضافية لا بد من تدبيرنشازاتها بالمرونة والخبرة اللازمتين حتى تتوفق في تحقيق أهدافها .
علما أننا نعيش في مجتمع لا زالت مقاومته للتغيير الاجتماعي جد قوية وحادة وغالبا ما تحاط هذه المقاومة بلباس القدسية للإجهاز على حق المرأة في التواجد الاجتماعي والسياسي