الخيانة المبررة



فرات إسبر
2007 / 1 / 19

لا أمل من المسلسلات العربية، والتي تعرض تباعا على القنوات الفضائية.
الامل ليس فيما يتعلق بتكرارها، أو عدمه ،ولكن في العثور أو التوقف عند عمل درامي، يتمتع بفكرة ثاقبة وجرئية في الطرح والاخراج وصعق المشاهدين ، برؤيا وأفكار جديد ة.
مسلسل" رجل وامرأتان" نموذجا
قام ببطولته، فاروق الفيشاوي مع دلال عبد العزيز/شخصيات معقولة في اقناع المشاهد بطبيعة الحياة التي يعيشها كل منهما مع آلاخر وفي النتيجة يكون عمل الزوج والزوجة وثقافتهما ووضعهما الاجتماعي بجانب ،ومشاعر الزوج وأحاسيسه في جانب آخر.
الرجل يشعر بغياب زوجته عنه وتـعلقها بعملها الذي يتطلب منها هذا الغياب لطبيعته.
ظاهرة سلبية في مجتمعاتنا العربية ، الزوج بعظمته مهمل عاطفيا وجسديا، لاوقت للزوجة أن تقدم له خدماته ومطالبه أليست طاعة الزوج وخدمته من طاعة الله ورضاه ؟؟
الزوج يبحث عن زوجة ثانية يتزوجها شرعا لانه لا يريد الحرام كونه رجل قانون، ولكنه يتزوج في السر ويعيش مع زوجته الاولى، ويخفي عنها الحقيقة، بحجة، أنه لايريد أن يجرح مشاعرها وانه يحبها ويحافظ عليها. ولكن أليست هذ ه الخيانة من أبشع انواع الخيانات .؟؟
الفكرة معقولة ومقبولة في مجتمعاتنا العربية ، خصوصا إذا كان الفاعل هو الرجل ، ولكن ما ذا يحدث لو تغيرت الأدوار وقامت الزوجة بلعب وتقمص شخصية الزوج ؟
وأخذت تبحث عن زوج آخر، وتتزوجه شرعا ،وبالسر عن زوجها ماهو موقف الزوج ؟
العمل الفني والادبي ، يلامس الحياة والواقع ويكشف عن خيانات تحصل كل يوم من النساء والرجال في السر والعلانية .
الفقير يخاف على سمعته والغني لا يهمه ،صاحب مال ومنصب ويمكن أن يفعل أي شئ .
خيانة المرأة في السر وفي العلن، وتحت كل المبررات مرفوضة أنسانيا واخلاقيا ، ولكن ماهو مبرر قبول خيانة الزوج أنسانيا وأخلاقيا وبالقانون ؟؟؟
مثل هذ ه الاعمال ترسخ فكرة الخيانة المستمرة ؟؟ ويدعمها الشرع و القانون، بحق الزوج في مثنى وثلا ث ورباع ".
لوأن القانون يصاغ بشكل إنساني ومحترم ، لا بد من وضع حدود رادعة لمثل هكذا خيانات زوجية، بغض النظر عن الاطراف هل هو الرجل أم المرأة ؟؟
في النتيجة لا نجد في مثل هذه الاعمال إلا نوع من الغشاوة التي تزداد سماكتها يوما بعد يوم، بالرغم من تطور الحياة، كل شئ يتغير إلا أحترام المراة ،بوصفها الهامش والمتن،الذي عليه أن يتحمل كل شئ ويدفع ثمنا لكل شئ .
رغم تطور الدراما العربية وقفزتها النوعية في التشكيل بقيت النصوص جامدة والطرح سلبي الحلول، وما زالت غير قادرة على الخروج من ثياب النصوص والاحاديث الموروثة المتعلقة بالمراة على مر العصور بدا من احاديث أبي هريرة عن المراة ، وما زالت هذه الدراما عاجزة عن تقديم حلول مقنعة وغير قادرة على تجاوز غير المألوف.
وبمعنى أدق ليست بقادرة على الغوص في تفاصيل حياتية دقيقة تتطلب منها الجرأة في النقد والتفكيك لقوانين بائدة واعراف سائدة وما زالت تؤكد على قبول المراة لما يحل بها من ظلم الرجل أستنادا إلى أحاديث مرّوية تقلل من قيمتها ككائن بشري،هي التي تتساوى مع الرجل في العلم والذكاء والابداع بل وتعلو عليه انسانيا بقدرتها على الحمل والانجاب.
موضوع المسلسل ،وما ترتب عليه من خيانة الزوج يتجسد تماما في هذا الحديث وغيره.
عن أبي هريرة قال ، قال رسول الله :" إذا دعا الرجل امراته إلى فراشه فلم تأته، فبات غضبان عليها ، لعنتها الملائكة حتى تصبح "
وايضا في رواية أخرى للبخاري ومسلم عن رسول الله : "والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امراته إلى فراشه فتأبى عليه، إلاكان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها "
المسلسل العربي" رجل وأمراتان" لم يخرج بفكرتة عن مضمون الرواية في الأحاديث المنقولة أعلاه وإلى غيرها من ألأحاديث التى تحمل نفس الفكرة والمضمون في العلاقة ا لزوجية التي تربط الرجل بالمراة .مع قناعتي بان مثل هذه الأحاديث مشكوك بصحتها ، بدليل ما نعرفه من علاقة الرسول الكريم بزوجاتة .
والمراة ليست محكومة بخيانة الزوج فقط وانما بغضب الله عليها وملائتكة !!
لماذا المراة دائما المحكومة بتلبية الرغبات ؟وفي حال عدم ألأمكان تكون ، محكومة بعقوبات، ارضية وسماوية .
والسؤال الذي يجب اعادة تشكيله حتى تأخذ الدراما وجهها الحقيقي وتخرج عن الروتين والرتابة وأن تكون قادرة على فضح المتوارث،و باعتبار المراة كائن حي، اكثر حساسية واكثر رهافة ،من الرجل ماذا يحدث لو أخذت الزوجة دور الزوج؟
هل يتغير مجرى العمل الدرامي؟ ويكون بالتالى موت للأعمال المتكررة والتي لا غاية منها سوى اللهو وضياع الوقت، ويساهم في هذا ممثلون كبار لهم تاريخ فني لايستهان به .
متى تخرج الدراما من فكرتها الجامدة؟ متى تخرج من موتها الذي طال في الكفن العربي .
كلنا معرضون للخيانة سواء كنا رجالا أ و نساءًولكن هل تتساوى النظرة إلى المراة الخائنة كما هي النظرة إلى الرجل الخائن ؟
نهاية المسلسل تمتع ببلادة و اضحة ،وحلول قدرية ،كان الموت هو الحكم في هذا العمل .
الزوجة برغم ثقافتها ووعيها وقدرتها على العيش برفاهية وجدت نفسها في محيط يبرر لها خيانة هذا الزوج والغفران له .
أستند العمل إلى حلول قدرية. وهذه القدرية تجلت بموت الزوجة الثانية الفقيرة ، التي لا عمل لها ،يساعدها على متابعة حياتها، وايجاد المبررات لخيانة الزوج ،من خلال المجتمع، الذي يبيح له كل شئ بوصفه رجلا . هو زيادة في تجريح المراة ، إذ لا يقتل المرأة إلا المرأة ولكن إذا وجدالرجل في حياة إمراته رجلاآخر ، فكيف تكون عملية القتل ؟؟
لماذا الفقراء يدفعون الثمن؟ سؤال دائما أساله ،ودائما يتكررفي الاعمال الدرامية سواء في السينما والتلفزيون وحتى المسرح ؟؟
يجب ان يكون هناك رقابة جدية في عرض مثل هذه االاعمال ،يجب أن يكون هناك رؤية جديدة في طرح القضايا، وخاصة التي تترتب عليها مصائر حياة البشر ومشاعرهم في أدق حساسيتها
و"خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها" ولكن لماذا تتعدد السكنى ؟؟؟
المؤلف طرح قضايا مهمة ولكن معالجتها بقيت في أطار الواقع والوهم ولم يات بجديد .
وهم يتعلق بالمرأة كونها دائما ضلع قاصر ،ووهم آخر يتعلق بالرجل القادر على فعل كل شئ ،بما فيها الخيانة بابشع اوجهها وهي الخيانة الزوجية .
كلنا خونة ..
وبانتظار مسلسلات جديدة .. ستبقى المرأة ناقصة دين وعقل إلى اشعار آخر .