![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
أحمد رباص
!--a>
2025 / 4 / 22
كان من المفترض أن تشكل الذكرى المؤلمة لريان، الطفل البالغ من العمر خمس سنوات والذي توفي في قاع بئر في فبراير 2022، صدمة وطنية. ولم يكن الأمر كذلك. وبعد مرور عامين ونيف، يتكرر التاريخ، بنفس الطريقة تقريبا.
من الصعب أن نبقى غير مبالين بالمآسي التي تهز البادية المغربية بانتظام. مؤخرا، غرق طفل يبلغ من العمر ثلاث سنوات في بئر مكشوف على بعد خطوات من منزله في بلدة العوامرة ضواحي مدينة العرائش.
بعد طفل العوامرة الذي لقي نفس مصير ريان، تناقلت وسائل الإعلام خبر سقوط طفل في بئر وسط أحد حقول جماعة مديونة. البئر مهجورة منذ سنوات، مالك الأرض التي تقع وسطها اكتفى، لغلق فيها، باستعمال قماش بلاستيكي وقطعة قزدير نخرها الصدأ وأهال عليهما التراب. لسنا أمام بئر محكمة الإغلاق، بل أمام مصيدة وكأنها منصوبة لاصطياد الأعداء. طبيعي، والحالة هاته، أن تكون القزديرة والقماش، تحت ثقل التراب، آئلتين للانهيار، وحدها وطأة جسد طفل صغير من شأنها إنجاز الباقي. لكن تشاء الأقدار أن ينجو بحياته بعد إصابته بكسور وتجرعه لآلام.
التحقيق المفتوح، كما هو الحال دائما، سيهدف إلى "تحديد المسؤوليات"، وكأنها لم تكن معروفة بالفعل. وكأن هذا لا يشكل دليلا إضافيا على فشل الدولة المغربية في ضمان الأمن الأساسي لمواطنيها الأكثر هشاشة.
الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن هذه المآسي ليست حالات معزولة. وتتحدث الصحافة المحلية كل شهر تقريبا عن حوادث مماثلة. يختفي الأطفال، تتفكك الأسر، وتُقطع الأرواح في صمت سياسي مخيف.
لكن قضية رايان جذبت انتباه البلاد وخارجها. حبس العالم أجمع أنفاسه لمدة خمسة أيام. الجرافات، رجال الإنقاذ، المروحيات... المغرب قدم عرضا للعالم، معرضا للإنسانية والتعبئة. ولكن هذه التعبئة، رغم صدقها من حيث الشكل، لم تؤد إلى إحداث تغيير هيكلي. وبعد أن تم إيقاف الكاميرات ونسيان الهاشتاغات، بقيت الآبار مفتوحة، فاغرة أفواهها، جاهزة لابتلاع المزيد من أمثال رايان.
الإفلات من العقاب الإداري وضعف الدولة في مناطقنا القروية يعكسان ازدواجية الحكم. نخبة حضرية محمية، ومطلعة، ومتصلة... ومغرب هامشي، منسي، مهجور، حيث يكون حفر بئر غير مؤمن في بعض الأحيان الخيار الوحيد للبقاء على قيد الحياة في مواجهة الجفاف. ولكن من هو المسؤول إذا تحولت هذه الآبار، مع مرور السنين، إلى مصائد موت؟ هل تعود المسؤولية إلى العائلات التي ليس لديها موارد؟ أم إلى لفلاحين الذين هم بلا موارد؟ أم إلى السلطة المركزية التي سمحت، من خلال التقاعس والإهمال، بوقوع هذه الأحداث المأساوية.
لكن الدولة المغربية لديها الإمكانيات التقنية والبشرية والمالية اللازمة لتجنب هذه المآسي. وبإمكانها فرض معايير سلامة صارمة على كافة عمليات الحفر. ويمكنها تنظيم إحصاء واسع النطاق للآبار المفتوحة تمهيدا لإغلاقها أو ردمها نهائيا. ومن الممكن، قبل كل شيء، أن يؤدي ذلك إلى زيادة الوعي بين سكان البادية، وخاصة الأسر، بشأن حفر الموت هذه.
لنا أن نتساءل: أين ذهبت وعود التنظيم بعد مأساة 2022؟ أين مشروع قانون حفر الآبار المنتظر في البرلمان؟ متى ننتقل من سيناريو إنقاذ الأرواح في عمليات كبيرة ومذهلة تحت الأضواء إلى حماية الحياة واحترامها، حتى في أكثر مناطقنا نأيا.
أصبح ريان اسما منقوشا في ذاكرتنا الجماعية. لكن سوف تضاف أسماء أخرى إلى قائمة الضحايا
ما دامت الآبار مفتوحة، وما دامت القوانين مجرد حبر على ورق.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|