![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
رسلان جادالله عامر
!--a>
2025 / 5 / 24
هذا المنشور يتناول ما يسمى بـ" جرائم الشرف"، والتي هي في الحقيقة ليست جرائم انعدام أو انمساخ شرف وحسب، وإنما هي جرائم عار ووحشية، ولا يجيزها سوى مجتمع معدوم الشرف!
إني أدرك جيدا أن مثل هذا الكلام سيثير جنون أولئك الذي ما زالوا يفكرون بعقلية "داحس والغبراء" ويحيون في زمن "حرب البسوس".. بل وأقدم، ومعظمهم يدّعي الإسلام وهو يمارس جاهلية وأد البنات بأبشع الصور!
سيسارع أكثر هؤلاء لاتهام كلامي هذا بالفسق والفجور.. وسيعتبرونه دعوة أو ترويجا للإباحية والانحلال، وما هذا بعجيب أو غريب فبالنسبة لأمثالهم العقل كافر.. وكل فكر يصدر عن العقل كفر ومروق، والحرية جريمة.. ومن يطلبها فاسق فاجر!
ليقل هؤلاء ما شاؤوا..
ونحن سنقول كلمتنا ..
وسنقول كفى!
كفى لهذه "الداعشية المستترة" التي تتخفى بيننا كثعبان التبن.. لتلدغنا بأنياب النفاق أو الجهل بسمومها الطائفية والجنسية.. دون حسيب أو رقيب! وعلينا أن نرفع صوت العقل بوجهها بأعلى وأجرأ النبرات!
اليوم معظمنا يتحدث عن داعش، وخطر داعش وجرائمها وفظائعها.. ولكن ما أكثر الذين ينسون أو يتناسون أنّ في داخل كل منهم داعش الملة التفريقي.. وداعش الغيبية الظلامي.. وداعش الذكورية الهستيري!
المرأة عندنا مازالت تسبى وتسترق على أيدي العصابات البربرية كداعش وأمثالها.. والوقت يداهمنا كحد الساطور.. لماذا؟ لأننا حين كان لدينا الوقت الكافي لنفعل ما يجب فعله ولنشر ثقافة العقل والانفتاح.. واحترام الإنسان وحقوق الإنسان، فعلنا العكس في معظم ما فعلناه وكرسنا ثقافة الجهل والتعصب والعصبية، وأعطينا رخصة القتل للقاتل الذكري ليقتل بدم بارد وبحماية القانون والمجتمع.. رافعا لواء الشرف والعفة! فهل كنا عندما كنا نفعل ذلك خيرا من داعش؟ أم كنا خير من يمهد لها ولأمثالها السبيل!
العفة قيمة جميلة نبيلة، لكنها لا تنفصل عن منظومة أخلاقية وثقافة جنسية متكاملة، هذه المنظومة نحن حيالها في فقر مدقع، نحن ليس لدينا إلا في ما ندر أخلاقية وثقافة جنسية حقيقيتين، وما لدينا هو القمع والجهل والجهالة والجاهلية في كل ما يتعلق بقضية الجنس، وأكثريتنا تعيش حياتها الجنسية مبتذلة وضحلة حتى في إطار ما نسميه "العلاقة الشرعية"!
المرأة دائما هي الضحية..
وفي الحالات النادرة التي تقدم فيها الفتاة على علاقة خارج إطار الزواج.. تفعل ذلك مدفوعة بحب وثقة في غير محلهما! وإني أكاد أجزم أنه ليس ثمة فتاة عربية تقيم علاقة جنسية مع شاب قبل الزواج.. إلا إذا كانت على ثقة تامة به.. وبأنه لن يخذلها ويغدر بها! ولكن الذي يحدث في غالبية الأحيان هو الخذلان والغدر.. حيث يغرر الشاب بالفتاة.. وبعد أن يصل لغايته الخبيثة منها يرميها بعد أن يدمر حياتها.. ويتابع حياته وكأن شيئا لم يحدث، معفيا نفسه من أية مسؤولية تجاهها.. ومقنعا نفسه بأنه لم يخطئ، وأن تلك الفتاة هي ساقطة من الأساس، وأنها لو لم تفعل فعلتها معه، كانت ستفعلها مع غيره، أما هو فشاطر اغتنم الفرصة.. قبل سواه، ويحق له أن يتفاخر بذلك أمام شلة الأقران!
إن ما يسمى "جريمة الشرف" هي ليست الجريمة الجنسية البشعة الوحيدة التي نقترفها بحق المرأة.. بل هناك العديد من هذه الجرائم.. وتأتي في طليعتها جريمة إعفاء الغاصب من جرم الاغتصاب إن هو وافق على الزواج من الضحية!
يا لهذه البربرية.. إنها لا تحط فقط من قدر المرأة إلى مستوى السلعة الفاسدة التي يلزم بها مفسدها.. إنها لا تجرد المرأة من كرامتها الإنسانية بالكامل وحسب، بل تسقط معها كل اعتبار أو احترام لمشاعر المرأة وأحاسيسها الإنسانية والأنثوية.. وبدلا من الاقتصاص لها ممن جنى عليها مرة.. تقدمها ضحية لهذا الجاني ليجني عليها مرات ومرات!
هذه هي حقيقتنا ..
وهذه هي داعش الكامنة فينا.. وما ظهور داعش كتنظيم إلا ثمرة لحقل الفساد السائد فينا.. وتعرية لقبحنا الذي نتعامى عنه ونحاول تقنعته وتزينه بشتى السبل!
قد يقول قائل أنّ هذا الكلام ليس وقته الآن!
نعم.. كان هناك وقت.. بل أوقات كافية أنسب، ولكن حينها كانت الأفواه تكمّ.. والأصوات تكتم بوسائل وذرائع شتى، واليوم.. هناك فعليا ما هو أخطر من هذا الخطر العظيم.. الذي يبقى جزءا من الكارثة، ولأننا اليوم نتساءل بذهول عن الأسباب التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه.. ولأننا مازلنا نتخبط في إيجاد الحل والمخرج.. يجب علينا مصارحة الذات.. وتعرية كل مكامن الخطأ والغلط والخطيئة.. إذا كنا حقا نريد الحل الصحيح والمخرج المضمون!
***
5 يونيو/حزيران 2017
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|