![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
حسن صالح الشنكالي
!--a>
2025 / 6 / 5
في قرار غريب شكلًا ومضمونًا، فرض مجلس محافظة بغداد ما يُسمّى بـ”العباءة الزينبية” على نساء العاصمة، متجاهلًا أن الأخلاق لا تُفصَّل على مقاس الأقمشة، بل تُبنى على المواقف والمبادئ.
لم تكن السيدة زينب (عليها السلام) يومًا ممن يرتدين العباءات الفاخرة. التاريخ لم يورّث لنا وصفًا لذلك، بل نقل لنا سيرتها في الزهد،
الاقتداء لا يكون بالمظاهر، بل بالمواقف. ولا باللباس، بل بالقيم والسلوك.
المفارقة المؤلمة أن من يروّجون لزهد آل البيت يعيشون اليوم في قصور الجادرية المُسيّجة، التي تحولت بعد 2003 إلى أملاك خاصة، تحيط بها الحراسة المشددة وتزخر بالرخام والحدائق الفارهة ومواكب السيارات الفاخرة.
الزهد لا يسكن في الأقمشة التي تُفرض على الناس، بل يُقاس بالسلوك العام وبنمط الحياة المتّزن والمتواضع.
بغداد، منذ أن أسّسها المنصور، كانت عاصمةً للتنوّع، ومهدًا للعلم والانفتاح والاختلاف المشروع.
لم تكن ضيعة لطائفة، ولا ساحة لفرض ثقافة أحادية، ولا موضعًا لمصادرة الحريات باسم المقدّس.
محاولة اختزال بغداد في لون واحد وثقافة واحدة ولباس واحد يُعدّ انتهاكًا لهويتها وعمقها الحضاري.
القرار الأخير لا ينتهك فقط طبيعة المدينة، بل يخرق الدستور نفسه. المادة (2) تنص بوضوح على أنه “لا يجوز سنّ قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية”، والمادة (42) تكفل حرية الفكر والضمير والعقيدة.
تحوّلت السلطة المحلية من جهة خدمية إلى أداة فرض قسري، متجاهلة الحريات الشخصية، ومستخدمة الدين كذريعة لمصادرة الحقوق.
الدين، في جوهره، رسالة عدل ومحبّة. لا يُفرض بالقانون، بل يُحتذى بالقدوة.
لا يجوز تحويله إلى أداة لفرض الوصاية، أو وسيلة للتسلّط على الأجساد والضمائر.
الوطن ليس مزرعة لمكوّن واحد، بل بيتًا للجميع، تُبنى وحدته على التعدد، وتتجلى قوّته في احترام الاختلاف.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|