![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
مشتاق الربيعي
!--a>
2025 / 6 / 24
إنّ المرأة هي ذلك الكائن اللطيف الذي أودع الرب فيه أسرار الكون من حبٍّ وحنان، وجعل منها ركيزة أساسية في بناء المجتمعات. فهي من رُفعت لها القبعات تقديرًا لدورها الفاعل، والمسؤولة الأولى عن تربية الأجيال، ذكورًا وإناثًا، في سبيل بناء مستقبل أفضل للوطن.
المرأة هي البذرة التي تثمر قيماً وأخلاقًا تسهم في نهضة المجتمع؛ فإن صلحت، صلح المجتمع، وإن فسدت، فسدت أركانه، لأنها الأساس في تكوين الأجيال وسواعد الأمة.
ولا يمكن تجاهل أوانكار دور المرأة بالحياة ، والتي عبّر عنها الشاعر حافظ إبراهيم قائلاً:
“الأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتَها
أعددتَ شعبًا طيِّبَ الأعراقِ”
واقع المرأة في العراق:
من المؤسف أن يكون بلد كالعراق — صاحب الإرث الحضاري والإنساني العريق — من أكثر الدول التي يُهمَّش فيها دور المرأة في مختلف الميادين، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية.
هذا التهميش لا يليق بتاريخ المرأة العراقية، التي كانت في طليعة النهضة في محطات عديدة من تاريخ الوطن، وكانت حاضرة في التعليم، والإعلام، والإدارة، والمقاومة، وحتى في ساحات النضال الوطني.
من هنا، بات من الضروري أن تتحرك الدولة، والمنظمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، بجدّية ومسؤولية لإعادة الاعتبار لدور المرأة وضمان العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات.
الطلاق وتداعيات تعديل القوانين:
وفقًا لإحصاءات عام 2024، سجّلت المحاكم العراقية حوالي 72,842 حالة طلاق مقابل 320,459 حالة زواج، ما يعني أن نسبة الطلاق بلغت قرابة 23%. هذه النسبة المرتفعة تشكّل جرس إنذار حقيقي، يعكس هشاشة البنية الأسرية، ويثير تساؤلات حول الاستقرار والدعم المؤسسي للأسرة، خاصة للمرأة التي غالبًا ما تتحمل العبء الأكبر بعد الانفصال.
تتزايد المخاوف المجتمعية مع تصاعد الجدل حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، رغم الرفض الشعبي والسياسي، ورفض منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، بل وحتى المجتمع الدولي.
ذلك لأن التعديلات المطروحة تُعدّ مجحفة بحق المرأة والطفولة، ومخالفة للقوانين الوضعية والسماوية التي تحفظ كرامة الإنسان وتصون حقوقه، وتضمن توازنًا عادلاً داخل الأسرة والمجتمع.
⸻
المرأة ليست فريسة:
من المؤلم أن تُجبر المرأة في العراق على تقديم تنازلات تمس كرامتها في أماكن العمل، أو في الحياة العامة، وكأنها فريسة سهلة في مجتمع يفتقر أحيانًا للحماية القانونية والإنسانية الكافية لها.
هذا الواقع المؤلم يتطلب من السلطة التشريعية وقفة جادة، لإصدار قوانين عادلة وواضحة تُنصف المرأة، وتحميها من الاستغلال والتمييز، وتعيد لها مكانتها الطبيعية التي تستحقها، لا كمجرد تابع، بل كعنصر فعّال وشريك حقيقي في التنمية.
⸻
عودة إلى الجذور الحضارية:
جدير بالذكر أن العراق كان سبّاقًا في تقنين العدالة، من خلال مسلة حمورابي، أول مسلة قانونية عرفها التاريخ، والتي وُضعت في عصور ما قبل الميلاد، واحتوت على تشريعات متقدمة حتى بمقاييس اليوم.
فإذا كان ماضينا مشرّفًا بهذا الشكل،
أليس من الأولى أن يكون حاضرنا أكثر إشراقًا وعدلا ?