اغتيال الطفولة بأسم القانون



مشتاق الربيعي
2025 / 8 / 15

من المؤسف أن العراق، مهد الحضارات وأرض أول مسلّة قانونية مسلة حمورابي بعصور ما قبل الميلاد، ينحدر اليوم نحو تشريعات لا تليق بماضيه العريق ولا بقيمه الإنسانية. ففي الوقت الذي ينتظر فيه الشعب قوانين تحمي الطفولة وتصون حقوقها، تطل علينا بعض الأصوات بمحاولات لإباحة زواج القاصرات، وكأننا نطوي صفحات التقدم لنعود إلى عصور الجهل.

الطفلة في هذا العمر يجب أن تنشغل باللعب، والضحك، وحفظ الدروس، وارتداء فستان العيد، لا أن تُزف إلى بيت الزوجية وهي لم تغادر بعد عالم الدمى والرسوم المتحركة. فالزواج في سن الطفولة ليس ارتباطًا، بل انتزاع قسري لحق طبيعي في النمو الجسدي والنفسي والعاطفي، وتحميل لروح بريئة أعباء حياة لم تُخلق لتحملها بعد.

إن ما يحدث ليس مجرد خلل في التشريع، بل هو تهديد مباشر للنسيج الاجتماعي وتفجير لقنابل موقوتة في جسد الأسرة العراقية، فزواج القاصرات يولد جيلًا محطّم الأحلام، مكسور الطموح، مثقل بالعقد النفسية، مما ينعكس سلبًا على المجتمع بأكمله.

القوانين السماوية والوضعية على حد سواء جاءت لحماية الإنسان، لا لشرعنة انتهاك براءته. وإن التهاون في هذه القضية جريمة بحق أجيالنا القادمة، وخيانة للأمانة التي حمّلنا الله إياها في رعاية فلذات أكبادنا.

إن حماية الطفولة واجب وطني وأخلاقي وديني، وعلى البرلمان والقوى الفاعلة في المجتمع أن يقطعوا الطريق أمام أي تشريع يسرق طفولة الفتيات تحت أي مبرر، لأن مستقبل الوطن يبدأ من حضن طفلته الآمنة، لا من قاعة المحكمة التي تمنح وثيقة زواج لطفلة بالكاد تعرف تهجئة اسمها