لا بواكي على أطفال غزة



محمد رضا عباس
2025 / 8 / 21

حركتني رسالة السيدة ميلانيا زوجة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهي تستنجد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتحرك من اجل العثور على أطفال أوكرانيا المفقودين او المختطفين . والحقيقة تستحق السيدة الأولى كل الشكر والتقدير لهذا التحرك نحو أطفال أوكرانيا وحبذا لو كانت الرسالة تشمل جميع أطفال العالم بضمنهم أطفال غزة , لان للأطفال حقا على الكبار في تحقيق الامن والأمان لهم . الطفولة السعيدة تخلق رجال سعداء منتجين ومتفائلين بالمستقبل , فيما ان الطفولة غير السعيدة لا ينتج منها الا الامراض الاجتماعية والخروج عن القانون واسر مفككة .وكما ذكرت رسالة السيدة الأولى وهو الصحيح " كاهل , علينا ان نغذي امال الجيل القادم , كقادة , يجب ان ندعم أطفالنا , وهذا يتجاوز راحة القلة . بلا شك , يجب ان نسعى لخلق عالم يسوده الكرامة للجميع , حيث تستيقظ كل روح في امان , ويحمي المستقبل نفسه بشكل وطيد".
ومن اجل هذا أتمنى على جميع قادة العالم ان يجعلوا قضية اسعاد الأطفال على اعلى درجات الأهمية والتحرك ضد أي جهة , ومهما كانت الأسباب, من خرق حقوقهم .
انه من حق أطفال غزة عتاب السيدة ميلانيا ان لا تدرج قضية انتهاك حقوقهم على يد قوات الكيان الصهيوني في رسالتها الى الرئيس الروسي بوتين , لان هناك أسباب ملحة بان تأخذ السيدة الأولى وجميع قادة العالم قضية انتهاك حقوق الطفولة في فلسطين مأخذ الجد والا سوف لن يرحمهم التاريخ وسوف لن يستطيعوا تسويق مبادئهم الى العالم , وفي الأخير سوف ينظر العالم الجنوبي الى العالم الشمالي نظرة ازدراء وتحقير في الوقت الذي يحاول الشمال تعميم ثقافته على البشرية .
لقد انتهكت حقوق الطفولة على يد قوات الكيان الصهيوني منذ اليوم الأول للحرب في غزة ومازال مستمرا لحد الان , لان قتل أي اب من غزة يحرم اطفاله من حنان الوالد ورسم مستقبل مجهول لهم , وان قتل ام يمثل انهيار للأسرة ومستقبل الأطفال . لحد كتابة هذه السطور بلغ عدد شهداء غزة 61,722 , منهم 18,592 طفل و 12,400 من النساء. وهكذا فان حال أطفال غزة الذين مازالوا على قيد الحياة ليس بأحسن من حال الأطفال الذين استشهدوا بواسطة الهجمات الجوية او على يد القوات الصهيونية وهم يدخلون قرى اهل غزة . الطفل الذي يفقد والده او امه او الاثنين سوف لن يعيش حياة سعيدة الى ان يتوفاه الله .
وحتى من بقى على قيد الحياة من الأطفال , فان هضم حقوقه في العيش في وطنه أصبحت في دائرة الخطر بعد ان خرجت تصريحات لكبار قادة الصهيونية من انهم يريدون ترحيل أبناء غزة الى خارج غزة : مرة بطردهم الى مصر والأردن , مرة التهجير الطوعي , ومرة تسفيرهم الى افريقيا , ومرة أخرى الى إندونيسيا وكان أبناء غزة بضاعة تباع وتشترى لا شعب يعيش على ارضه منذ الالاف السنين , وشعب زاخرا بالحضارة , وشعب يحب العيش بكرامة لا تحت إرهاب المحتل.
كنت أتمنى ان تقرا السيد ميلانيا مقال الكاتبة نسرين مالك والذي نقلته وكالة BBC عربي عن صحيفة الغارديان الإنكليزية تحت عنوان " وداعا لأطفال غزة المفقودين .. لقد احببناكم و نذكركم . انتم لا تستحقون ما جرى لكم".
الكاتبة توقعت بان ما نقرأه حول نكبة أبناء غزة في الصحف سيتقزم امام الفظائع الكبيرة التي وقعت في غزة على يد قوات الاحتلال ضد أطفال غزة بعد وقف الحرب , بعد الحرب سيظهر العدد الحقيقي للضحايا من الاطفال " عدد هائل من القتلى من الأطفال" وأضافت " بالفعل , تكشف المؤشرات عن ان ألاطفال هم الذين شكلوا اغلبية الضحايا . وقد اكد تحليل الأمم المتحدة للوفيات التي جرى التحقيق منها خلال فترة خمسة اشهر , ان 44% من القتلى كانوا من الأطفال . وفي اغلب الأحيان , كان هؤلاء الأطفال تتراوح اعمارهم بين خمس الى تسع سنوات وقتل 80% منهم في منازلهم ".
وتتحدث الكاتبة عن الطريقة التي مات بها أطفال غزة بالقول " لقد مات الكثيرون في منازلهم , على الأرض المهتزة , ووسط ضجيج القنابل , ثم سحقوا او خنقوا , ليتم انتشالهم وقد غطاهم الغبار , او تم تجميعهم في أكياس بلاستيكية ومات اخرون في اقصى درجات الألم , حيث أدى نقص التخدير والامدادات الطبية الى استسلام البعض للإصابة دون أي جراحة وهلك اخرون بعد بتر اطرافهم دون جرعة واحدة من مسكنات الألم".
وعن اعداد اليتامى , تشير الكاتبة الى وجود " ما يقارب من اربعين الف يتيم في غزة والاف من مبتوري الأطراف , ومئات الالاف من النازحين الذين دمرت مدارسهم , فضلا عن الدمار النفسي الكامل الذي عانى منه كل الأطفال الذين عاشوا الحرب "
واما عن الأطفال المفقودين تقول " لا يزال عشرون الف طفل في اعداد المفقودين , ولا يزالون تحت الأنقاض او مدفونين في مقابر جماعية . ومع محو اغلب البنية الأساسية في غزة وتوقف الحياة الطبيعية بسبب الحرب , تراكمت وفياتهم وانتقلت الى حالة من الغموض الاحصائي , ولم تقم جنازات لأغلبهم , ولا صلوات , ولا لحظات صمت , ولا احتفاء بحياتهم , وروحهم وشخصياتهم ".اتمنى ان تقرا السيد ميلاينا مقال السيدة نسرين مالك عسى ولعل ان تكون الرسالة الثانية لسيدة أمريكا الأولى معنونه الى نتنياهو تحثه رحمة أطفال غزة.