![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
محمد بسام العمري
!--a>
2025 / 8 / 27
"إن أعذب ما تتفوه به البشرية هو لفظة الأم، وأجمل مناداة هي: يا أمي. كلمة صغيرة كبيرة مملوءة بالأمل والحب والانعطاف، وكل ما في القلب البشري من الرقة والحلاوة والعذوبة."
جبران خليل جبران
يا سيدة قلبي ومرآة روحي، أمي…
أنتِ يا من خُلِقتِ من ضياء النور، مثلما خُلِقَ القلم من قِدمِ الحِكمةِ الإلهية، ومن أنفاس الرسل وصبر العارفين. فيكِ تجتمع الآيات، وتنعقد الأسماء الحسنى في تردداتها، كأنكِ "بدرٌ منير" يتجلى في أفق الحياة الدنيا ليهدي القلوب الحائرة نحو يقينِ الحقيقة.
يا أميرة الصمت والكلام، إنكِ موطئُ روحي عندما تتيه في دروب الوجود، كالبحر الذي يتلاطم بين الصحراء والسماء، تسكنين خُشوعَ العالمين وتحتضنين في عينيكِ "رحمة للعالمين"؛ كأنَّ في نظراتكِ نفحاتٌ من بركةِ دعوة إبراهيم، وعِبرةُ سفر نوح، وحنوّ دعاء الأنبياء على ذويهم، تلك هي حكمةُ السلالة الطيبة.
أمي، يا خفقة قلب الوجود، منبع الحياة حيث تنمو الأزهار في أروقة القلب وتنتشر رائحة الطمأنينة كـ "ريحٍ طيبة" آتيةٍ من جناتِ عِدن. كما تشرق الشمس على أرواح العاشقين بالهدى، فأنتِ الشمس التي تذيبُ قسوةَ الزمان في نفوسنا، مثلما تذيب القطرةُ الجليدَ فتجعل من قطرها بحراً من الرحمة.
فيكِ تجسَّد الحبُّ في صورته المثلى، حينما قال الحقّ: "وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا"، فجعل من حنانكِ باباً من أبواب الجنة، ومن صوتكِ سكينةً تطمئن بها الأفئدة الضالة في خضمّ الدنيا.
أنتِ يا أمّي، مثل "نور على نور"، ترسخين في الذاكرة، كالنبع الذي لا ينضب، كالشجرة التي تضرب جذورها في أعماق الروح. أنتِ مرآتي التي لا تفنى، ومن خلالك أرى ذاتي تتجلى في أجمل صورة، وكأنكِ الحرف الأول في قصة وجودي.
فأنتِ الخالدة، يا من جمعت بين الحبّ والتسليم، بين التضحية والإيمان. يا سيدة الأرض والسماء، يا من تحتضنينني في صلاة الفجر وفي سكون الليل، أنتِ "الأم"، رمز القداسة، باب الرحمة، وأيقونة الكمال الروحي الذي لا يُنسى.
وأنتنَّ، أيتها الأمهات اللواتي رحلن إلى السماء، لم تغادرن قلوبنا أبداً. حبكنَّ يظل يتردد في كل زاوية من زوايا الروح، وفي كل ركن من أركان القلب. نبكي في حنين إلى دفئكنَّ الذي لن يعود، ونتذكر عطر أرواحكنَّ الذي لا يزال يعشّش في الأفئدة، وفي كل نَفَس نأخذه من عبق الأرض، وفي كل لحظة نتأمل فيها شروق الفجر.
إن رحيلكنَّ لم يكن غياباً، بل حضوراً أعمق في قلوبنا. فمع كل شروقٍ للشمس، نجدكنَّ في أشعتها التي تلامس وجوهنا، ومع كل غروب، نستشعر في السكون أصداء أصواتكنَّ التي ما زالت تتردد في أرجاء ذاكرتنا. أنتنَّ الأمهات اللواتي لم يرحلن إلا بأجسادكنَّ، بينما أرواحكنَّ تعيش فينا، تمنحنا الطمأنينة والحب في كل لحظة نشتاق فيها إليكنَّ.
يا أمي، يا من رحلتِ إلى دار الحق، لا تزالين تسكنينني، كأنني أراكِ في كل مكان، في هبة النسيم، في إطلالة الفجر، وفي إشراقة الشمس وغروبها، وكأنَّ حضوركِ لا يفارقني أبداً.
سنلتقي من جديد، يا أمي، في عالمٍ لا يعرف الفراق. سأحضنك بكل شوق العالم الذي حملته في صدري، سأقبل وجهك ويديك الطاهرتين، وأتنشق رائحتك التي لم تفارقني يوماً في دنيا الأرض. سأمرغ وجهي عند قدميك الطاهرتين، حيث النور والضياء، في لقاءٍ لا يغيب بعده الحنان ولا ينطفئ فيه الحب. لقاءٌ خالد لا يعقبه فراق، ولا يعرف الغياب طريقه إلينا.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|