هل الاثم جزاء قانوني ؟



وليد عبدالحسين جبر
2025 / 8 / 29

أشرتُ في مقال سابق الى عدم توافر جميع عناصر القاعدة القانونية في المادة ( ٩) من مدونة الاحكام الشرعية الجعفرية لكونها لم تتضمن جزاء على الزوج عند عدم ايفاءه بشروط الزوجة وان اشارت الى وجوب التزامه بها ، بدليل انها قالت ان لم يلتزم بها صح تصرفه ولكنه آثم !
فعّلق احد الزملاء على ذلك بقوله ( لقد طرح الناقد وجهة نظر قانونية مهمة ومباشرة، ترتكز على مبادئ أساسية في القانون الوضعي... وللوقوف على الجواب القانوني الصحيح، لا بد من تحليل المادة (9) ضمن سياقها الكامل في المدونة، والربط بينها وبين مواد أخرى ذات صلة، كما أشار الناقد نفسه...فالجزاء القانوني للمادة (9) ليس الإثم فقط...هذا الاستنتاج قد يكون متسرعاً إذا أخذنا المادة بمعزل عن بقية المدونة، للإجابة على سؤاله: "المحكمة ماذا ستفعل له؟"، يجب الرجوع إلى المادة (6) التي تنص على أن: (كل شرط ألحق بالعقد ... يجب الوفاء به ... وإذا تخلف أحد الزوجين عن الشرط ... لم يوجب الفسخ، ولكن يجوز للطرف الآخر اللجوء إلى القضاء لإجباره على الوفاء به، هنا يظهر الجزاء القانوني صريحاً. المحكمة ستقوم بـ"إلزام" الزوج بالوفاء بالشرط. وهذا الإلزام هو جزاء قانوني يمنحه القضاء قوة التنفيذ.. طبيعة الإلزام في المادة (9) مقارنةً بالمادة (6):المادة (9) تتضمن شروطاً قد يلتزم بها الزوج، مثل عدم الزواج من أخرى أو عدم التطليق إلا بموافقتها. هذه الشروط لا تلغي حق الزوج في التعدد أو الطلاق قانونياً، ولكنها تجعله "مُلزماً" بها قضائياً.

إذا خالف الزوج هذا الشرط وتزوج من أخرى، فإن زواجه الثاني (صحيح) من الناحية الشرعية والقانونية. ولكن، في المقابل، يصبح الزوج الأول في موقع "المخل بالشرط". وهنا يأتي دور القضاء. المادة (6) هي التي تُفعّل الجزاء القانوني هنا. الزوجة المتضررة من الإخلال بالشرط يمكنها اللجوء إلى المحكمة لإجبار الزوج على الوفاء بالشرط، وهذا قد يأخذ عدة أشكال عملية (مثل تعويض الزوجة عن الضرر، أو أي إجراء آخر تراه المحكمة مناسباً لإلزام الزوج). في حالة الطلاق، إذا كان الشرط أن لا يطلقها إلا بموافقتها، فإن طلاقه لها دون موافقتها لا يقع باطلاً، بل يترتب عليه آثار قانونية ضد الزوج، مثل إسقاط حقه في الميراث، أو وجوب دفع تعويض مادي كبير، بحسب ما تقره المحكمة لتطبيق الجزاء القانوني على عدم التزامه بالشرط. التكامل بين الجزاء الديني والقانوني: النص القانوني في المدونة، كونه يستند إلى الفقه الجعفري، لا يلغي الجزاء الأخروي (الإثم الشرعي) بل يضيف عليه الجزاء القانوني الدنيوي. المدونة هنا تزاوج بين المبدأين: الإلزام الشرعي (لتحفيز الالتزام الأخلاقي) والإلزام القانوني (لتوفير آلية قضائية للحماية). وهذا لا يتعارض مع مبادئ القانون، بل يعززها ببعد أخلاقي. فالمادة (9) تضع القاعدة، والمادة (6) تضع الجزاء القانوني لتلك القاعدة، والمحكمة هي الأداة التنفيذية لهذا الجزاء.
الناقد محق في أن القاعدة القانونية يجب أن تتضمن جزاءً دنيوياً ملزماً، ولكن المادة (9) لا تعمل بشكل منفرد. إنها جزء من نظام متكامل. الجزاء القانوني الذي يبحث عنه موجود بالفعل في المادة (6)التي تُفعّل الجزاء القضائي وتجعل من حق الزوجة اللجوء إلى المحكمة لإلزام الزوج بالشرط.



لذا، فليس صحيحاً أن المحكمة ستكتفي بالقول للزوج "سلمتك بيد الله". بل ستتدخل وتفرض عليه جزاءً قانونياً لعدم التزامه بالشرط الذي وافق عليه. هذا الجزء الاول من الاجابة...) انتهى تعليق ورأي زميلنا المحترم .
وبصراحة ومن خلال قراءتي لرأيه المحترم ارى ان المادة (٩) لم تحيل الجزاء فيها لما اوردته المادة ( ٦) فلوكان المعنى كما ذكر الزميل لقالت المادة بدلا من "ولكن لو خالف وتزوج بأخرى لم يبطل وإن كان آثماً شرعاً.." ان يكون النص " ولكن لو خالف وتزوج بأخرى لم توافق المحكمة على تسجيل زواجه.." ما دام المادة ( ٦) تشير الى جواز لجوء الطرف الاخر إلى القضاء لإجباره على الوفاء به ، بكلمة اخرى نحن امام شرط من قبل الزوجة ان لا يتزوج عليها الزوج ووجوب لالتزام الزوج به وامام مشكلة ان الزوج خالف الشروط وتزوج دون موافقة الزوجة فماذا ستفعل الزوجة الاولى ، وفق رأي الزميل تلجأ الى القضاء وتجبره على عدم الزواج ، ووفق المادة ( ٩) زواجه دون موافقتها صحيح ولكنه يؤثم !
اما قول الزميل " وهذا قد يأخذ عدة أشكال عملية (مثل تعويض الزوجة عن الضرر، أو أي إجراء آخر تراه المحكمة مناسباً لإلزام الزوج). في حالة الطلاق، إذا كان الشرط أن لا يطلقها إلا بموافقتها، فإن طلاقه لها دون موافقتها لا يقع باطلاً، بل يترتب عليه آثار قانونية ضد الزوج، مثل إسقاط حقه في الميراث، أو وجوب دفع تعويض مادي كبير، بحسب ما تقره المحكمة لتطبيق الجزاء القانوني على عدم التزامه بالشرط.." فلا ادري من اين جاء به فلم اقرأه في اي نص قانوني او رأي فقهي فهل هناك فقيه شيعي ولو ليس اعلم ولا يقلده احد يرى ان الزوج الذي يتزوج زوجة ثانية ملزم بتعويض الاولى او ان الزوج الذي طلّق زوجته يسقط حقه في الميراث او يدفع تعويض كبير !
افهم من كلام زميلنا ان التعويض عن الطلاق التعسفي لا زال موجود بل وهناك تعويض عن الزواج ايضا !
واذا عرف المؤيدين لتعديل قانون الاحوال الشخصية وتشريع مدونة الاحكام الشرعية بذلك لصرخوا جميعا وبعالي اصواتهم يا " ام حسين كنتي بوحده صرتي بثنين!!"
رأيي المتواضع والقاصر لا ارتباط بين المادة ( ٦) والمادة ( ٩) وان الاولى تتحدث عن شروط اخرى غير شرطي الزواج والطلاق وان الجزاء في المادة ( ٩) لا وجود له سوى الجزاء الاخروي لأن الزواج الثاني والطلاق امران مشروعان والجواز الشرعي ينافي الضمان حسب اتجاه الفقه الاسلامي ومن ضمنه المذهب الجعفري وبالتالي لا يحق لنا تحميل نصوص المدونة اكثر مما تتحمل والاجتهاد مقابل نصوصها في سبيل ان نقول انها كالقران ما فُرّط فيها من شيء!
هذا الجزء الاول للرد على جزء الزميل الاول وننتظر جزئه الثاني كي نسعفه بجزء ثان والسلام.