قراءة في المدونة الشرعية الجعفرية / الجزء الثالث



عادل حسن الملا
2025 / 9 / 3

ثم تنتقل المدونة الى موضوع الزوج المفقود فتجيز طلاق الزوج المفقود المنقطع خبره عن اهله عند مضي اربع سنوات اذا كانت زوجته لا تعلم بحياته ولا موته ولم يكن للزوج مال يتيسر الانفاق منه عليها ولا ينفق عليها وليه
لكن المدونة تشترط موافقة المرجع الديني على هذا الطلاق !( لماذا كل هذا ابعبء على المرجع الديني؟) إلا توجد ثقة بالقضاة؟ . وبهذا تتعامل المدونة مع الحاجات المادية للزوجة دون ان تكترث لحاجاتها النفسية و العاطفية.
احكام الخلع والمباراة :
الخلع والمباراة لهما نفس المعنى تقريبا لكن الفرق ان الخلع يكون عندما تكون الزوجة كارهة لزوجها فتطلب الخلع مقابل تقديمها فدية لزوجها اما المباراة فهو ان يكون الزوجان كارهين بعضهما البعض.
وتجيز المدونة الخلع والمباراة ويعتبر الخلع طلاق بائن مالم ترجع فية الزوجة اثناء العدة.
احكام الوصية: تعطي المدونة تعريفا للوصية وتقسمها إلى نوعين هما: اولاً : الوصية التمليكية وهي المتعلقة بالمال وهي تحتاج قبول الموصى له.
ثانياً : الوصية العهدية وهي المتعلقة بأمر أخر غير المال ( مثل ولاية الابن) ولا تشترط قبول الموصى له.
ويتم إثبات الوصية التمليكية بشهادة رجلين عادلين او برجل وأمرأتين او أربع نساء او شهادة رجل عادل و يمين الموصى له.
اما الوصية العهدية فيتم إثباتها بشهادة رجلين عادلين حصراً .
والوصية التمليكيةفي الفقة الجعفري كما هو في بقية المذاهب لا تزيد عن ثلث التركة ( إلا إذا أجاز الورثة غير ذلك ) بعد اخراج الديون التي بذمة المتوفي ومصاريف التجهيز والدفن إلا ان المذهب الجعفري يجيز الوصية للوارث على خلاف بقية المذاهب ( على اساس ان لا وصية لوارث) فالواصي مثلا من حقه ان يوصي لابنه او أبيه وغيرهما من الوارثين وقد اخذ قانون الاحوال الشخصية النافذ برأي المذهب الجعفري بهذا الصدد.
ثم تبين المدونة شروط الموصي والموصى له والموصى به وهو إسهاب غير مبرر في بعض الأحيان و كذلك تبين المدونة احكام الرجوع عن الوصية. وتتطرق الى الوصي وشروطه .
الغريب ان المدونة تجيز الوصية لغير المسلم في حين تمنع الميراث عنه وهو امر يثير التساؤل سيما و إن الوصية هي اكثر كقيمة مادية من الميراث احياناً.
احكام الميراث
بعد تعريف الميراث تبين المدونة واسبابه وهي النسب وهو على ثلاث طبقات هي:
اولاً : الطبقة الأولى وتشمل الأبوان المتصلان والأبناء وإن نزلوا.
ثانيا: الطبقة الثانية : وتشمل الأجداد والجدات وان علوا ( أبو الجد مثلا)والإخوة والأخوات وان نزلوا ( أولاد الأخ والأخت وأحفادهم)
ثالثا: الطبقة الثالثة : الأعمام والاخوال وان علوا
والمعروف ان وجود وارث واحد في الطبقة بموجب الفقه الجعفري خلافا للمذاهب الأخرى ( الابن وحده يستطيع) يحجب الميراث عن جميع مكونات الطبقة التالية فالبنت تحجب الميراث عن أعمامها وجدها ….الخ وهذا ما أخذ به القانون العراقي النافذ و في هذا إنصاف كبير للبنت
ثم تبين المدونة موانع الميراث وهي:
اولاً : عدم الإسلام فالزوجة المسيحية مثلا لا ترث من زوجها المسلم !
ثانيا: القاتل لا يرث المقتول.
ثالثا: الولادة من الزنا وهكذا يتم معاقبة اللقيط على ذنب لم يرتكبه !
لكن أخطر ماورد في المدونة في موضوع الميراث مسألتان:
اولا : حرمان الزوجة من وراثة الأرض والعقار عينا" و ثمنا".
ثانيا": إذا لم يكن هناك وارث فإن الميراث يذهب للإمام علي ( عليه السلام) !!
الخلاصة:
١ المدونة تميزت بالإسهاب الشديد الذي لا مبرر له وكان عليها ان تقتفي أثر القانون النافذ فتبين نقاط الاختلاف معه.
٢ كان بالإمكان الخروج بمدونة اكثر عدالة وعصرية نسبيا" من خلال اختيار الفتاوى الأفضل في هذا المجال وخاصة فيما يتعلق بميراث الزوجة من الأرض والعقار.
٣ بعض الفقرات لا تحمل احكام دنيوية كتلك التي تقول من يفعل كذا فهو آثم ! رغم ان القانون يفترض فيه ان يتعامل مع قضايا دنيوية
٤ واخيراً" كان على الوقف الشيعي ان يحذو حذو الوقف السني في الاعتذار عن الانخراط في هذا الأمر سيما وان معظم احكام القانون النافذ تطابق الفقه الجعفري وأنه أصلا يحيل الأمور التي لم يتناولها وهي الأكثر إلى الشريعة الإسلامية .