حول المدونة الجعفرية الرجعية... القسم الثامن



نساء الانتفاضة
2025 / 9 / 8

حقوق المرأة.. ثالثا

ملاحظة:

مدونة الأحوال الجعفرية هذه هي استكمال لمشروع اسلمة المجتمع بالقوة، فالمدونة كتبت في احدى المدن، وأشرف على كتابتها رجال دين طائفيين بغيضين جدا، يملكون مشروعا طائفيا مكتمل الأركان، المدونة لا تصلح بالمطلق ان قانونا ينظم أحوال الناس، بل انها ستدخلهم في فوضى عارمة، وستكون تداعيتها خطيرة على المجتمع، فيما إذا تم تطبيقها، ولا نتمنى ذلك حقا وصدقا، ومن جهة أخرى فأن هذه المدونة هي تشريع ذكوري مقيت، سلب كل حق لدى المرأة، خصوصا الإرث.

قلنا في هذه السلسلة ان رجل الدين وقوى الإسلام السياسي بشكل عام، همهم الوحيد هو المال والجنس، لهذا جاءت المدونة لتعكس بشكل واضح تفكيرهم العفن، فكانت لغتها واصطلاحتها ومضامينها ممثلة بحق لنهجهم في تخريب المجتمع؛ فباب الزواج معيب جدا، تحولت المرأة فيه الى جارية لخدمة لذات الرجل؛ ولم يكتفي بجعلها جارية، انما سن قوانين لسلبها حتى ميراثها، فعلى طول باب الميراث تعكز المشرع على نص "للذكر مثل حظ الانثيين"، وهذا النص يبيح له سرقتها، فضلا عن "حصة الامام" التي تذهب لرجل الدين "المرجع الأعلى"، لنقرأ المادة 308:

(اذا لم تترك الزوجة وراثا لها ذا نسب أو سبب الا الامام "عليه السلام" فالنصف لزوجها بالفرض والنصف الأخر يرد عليه، واذا لم يترك الزوج وارثا له ذا نسب أو سبب الا الامام "عليه السلام" فلزوجته الربع والباقي يكون للإمام "عليه السلام" ويصرف بإذن المرجع الديني في تأمين الحوائج الضرورية للمؤمنين) انتهى.
تتساءل مع نفسك ترى اليست هذه المادة هي تشريع تام وكامل بالسرقة، والا ما معنى "لزوجته الربع والباقي للإمام"؟ ثم ما معنى "ذا نسب أو سبب"؟ ومن يحدد ذلك؟

لكن هذه المادة لا تقارن بالمادة 314، هذه المادة حرمت المرأة حتى من الأرض التي يملكها زوجها، بل اجبرتها حتى على بيع حصتها من الميراث للذكور؛ لنقرأ المادة بنصها وفصها:

(يرث الزوج من جميع ما تركته الزوجة منقولا وغيره ارضا وغيرها، وترث الزوجة مما تركه الزوج من المنقولات كالنقود والبضائع والسيارات والحيوانات كما ترث من حق التحجير والانتفاع والسرقفلية ونحوها من الحقوق الثابتة له في الأراضي وغيرها، ولا ترث من الأرض المملوكة له لا عينا ولا قيمة، وترث مما ثبت فيها من بناء واشجار والآت ونحو ذلك بالقيمة، فلبقية الورثة أن يدفعوا لها حصتها من خارج التركة بالنقود ويجب عليها القبول) انتهى.

من أكثر المواد تخلفا، وانت تقرأها تحس أنك في يثرب او مكة في القرن السابع، مع وجود نخلتين وبعض الإبل؛ تصور ان الزوج يرث زوجته كلها؛ اما هي فعليها كل التحديدات في الميراث؛ تصور يمنعها من تملك الأرض، وهذا فيه دلالة على انها يجب ان تبقى تحت سيطرة الرجل، فيها مفهوم طبقي واضح، فهي تبقى "عبدة العبد"؛ وحتى عندما يحدد لها ما تستطيع ان تملكه من منتوج الأرض، فأنه يعود ليسلبها بإجبارها على بيع تركتها لبقية الورثة.

يستطيع المرء ان يستخلص من هذه المدونة كل التخلف والرجعية، انها الحقيقة التي يجب ان يعرفها الجميع، فهذه المدونة لم يقرأها أحد من أعضاء مجلس النواب، وتم التصويت عليها بشكل سريع، ولم يتم مناقشتها، بل جاءت من المؤسسة الدينية مباشرة الى مجلس النواب، وجاءت معها أوامر بالموافقة عليها؛ والشيء المؤكد انها سترسم ملامح دولة دينية خالصة، فقد قضت على كل معالم المدنية في المجتمع والدولة.

طارق فتحي