عندما تثقف امرأة… تسقط كل الأعراف!



علي جاسم ياسين
2025 / 9 / 18

قال سقراط: عندما تثقف رجلاً، تكون قد ثقفت فردا واحدا، وعندما تثقف امرأة، فإنما تثقف عائلة بأكملها.
كلمات، تكشف كم أهملت المجتمعات العربية المرأة وتثقيفها. ففي هذا العالم، حيث يُحتَجز العقل بسبب العادات والتقاليد، تتجول المرأة كأسيرة مقموعة: تريد التعلم، لكن الدين والتقاليد يمنعان النساء من التعلم. تريد المشاركة في النقاش، لكن المجتمع التقليدي يقول لها: اجلسي، اصمتي، ولا تحلمي بالعلم.
المفارقة هنا أن سقراط كان له آراء متناقضة: في محاورة الجمهورية، يرى أنه يجب تعليم النساء كما يُعلم الرجال إذا كنّ سيؤدين نفس الأدوار في المجتمع، بما في ذلك المشاركة في الحروب والإدارة. ومع ذلك، في محاورة مينو، يفرق بين فضيلة الرجل وفضيلة المرأة، معبرا عن نظرة تقليدية تجاه دور المرأة. وهذا التناقض يوضح أن سقراط تأثر بالثقافة السائدة رغم إقراره بإمكانات المرأة.
النتيجة؟ مجتمعات نصفها صامت، نصفها الآخر يعتقد أن تثقيف المرأة مضيعة للوقت والمال… حتى لو كانت قادرة على تثقيف العائلة بأكملها، حسب سقراط. المفارقة الساخرة: نحن نصرف الملايين على المدارس والجامعات، ولكن غالبا تظل الفائدة مقصورة على نصف المجتمع، لأن المرأة لم يُسمح لها بعد أن تكتشف قدراتها إلا مؤخرا.
الأمر ليس كله سيئا، فالعقود الأخيرة شهدت نساء يتعلمن، يدرسن، يبتكرن، ويعلمن غيرهن. نرى أن سقراط كان محقا: تثقيف المرأة يعني مجتمعًا كاملا أكثر وعيا، وأكثر قدرة على مواجهة الواقع المعقد.
السخرية هنا واضحة كم أضاع العالم العربي عقودا من الزمن لأنه اعتبر أن تثقيف الرجل يكفي؟ وكم كانت خيبة أمل سقراط ليتأكد أن فلسفته لم تُطبَّق إلا بعد أن اقتحمت المرأة بوابات المعرفة؟
إن أردنا حقا أن نلغي هذا القيد، فلا خيار أمامنا سوى أن ندفع المرأة إلى التعليم، ونكسر كل القيود التي تجعلها نصف مواطن ناقص المعرفة. عندها فقط، سنشهد مجتمعًا يثقف نفسه بالكامل، كما حلم سقراط منذ أكثر من ألفي عام.