المساواة للمرأة في التصويت في الانتخابات والتمييز ضدها في الحقوق القانونية والاجتماعية



نادية محمود
2025 / 10 / 10

صوت المرأة يساوي صوت الرجل في الانتخابات، اما قانونيا فوفقا للعديد من القوانين وآخرها مدونة الاحوال الشخصية ، المرأة تابعة وتكاد تكون عبدة مطيعة للرجل. فبينما تنص فقرات الدستورعلى المساواة بين المرأة والرجل واقرت الاحزاب الاسلامية على منح حق التصويت للنساء بشكل متساو مع الرجل، واقرت نسبة ال 25 % للنساء في البرلمان ضمن تنظيم الكوتا. الا اننا حين ننتقل الى الجانب الشخصي يستكثر القانون على المرأة الفرصة صنع قراراتها بنفسها ، اي ٌيتَوقَع منها تشريع قوانين وأصدار قرارات لمجتمع بكامله كشخص صاحب إرادة ،وصوت في برلمان مكون من 325 عضوا ، الا ان ارادتها توضع تحت سيطرة شبه كاملة وهيمنة الرجل في الامور المتعلقة بمفاصل مهمة من حياتها كالعمل، والزواج، النفقة، الطلاق، الارث، حضانة الاطفال، بل حتى الخروج من المنزل بشكل حر ومستقل .
كيف يستوي ويتناسق ان تكون المرأة فاعلة في الشأن العام ويتوقع منها ان تسهم في قيادة البلاد وتصنع سياسات تخص الملايين في المجتمع، من نساء ورجال وشباب وشيبة، اصحاء وغير اصحاء، اغنياء وفقراء، من لغات مختلفة، ومن انحدارات طبقية مختلفة، الا انها في احوالها الشخصية يجب ان تستأذن من الآخر الرجل؟
ان أحدى هاتين النظرتين ل"حقوق" المرأة هي زائفة وكاذبة والاخرى حقيقية. فأما ان ترى هذه الاحزاب ألمرأة على انها عبدة ومطيعة وتابعة للرجل، وانها اداة استمتاع ومعمل لصنع الاطفال وتصديرهم لاحقا الى ابائهم في حالة الطلاق ، وكما عبرت مدونتهم بشكل واضح ودقيق عن حجم" حقوق المرأة" في قوانينهم وسياساتهم تجاه المرأة، او ان هذه الاحزاب يفترض "حيث انها تؤمن فعلا وحقا بان المرأة متساوية مع الرجل من ناحية التصويت في الانتخابات"، في هذه الحالة لا يمكن ان تقبل وتصدر مدونة قائمة من اولها الى اخرها على استعباد المرأة.
لسنا بغريبات عن واقع هذه الاحزاب التي تشكل دولة ما بعد 2003 في العراق، فاصوات النساء بالنسبة لهم ما هي الا " اعداد" لكسب " شرعية" في الحكم، ويتوقع من المرأة التي تخضع قلبا وقالبا للرجال في عائلتها انها ستضع ارادتها في التصويت تحت رحمة وخيار الرجل ايضا. فليست قليلة هي القصص التي يقوم بها الاباء والازواج بتوجيه خيارات اسرهم في الانتخابات في حالة قيامهم بالتصويت.
بالتاكيد نحن لا نطالب بمنح النساء انصاف حقوق في التصويت، ولا انصاف اصوات بل يجب ان يتمتعن بالحصول على المساواة في الاحوال الشخصية و بشكل كامل وغير منقوص ايضا لكي يستطعن التعلم والعمل والمشاركة الحرة المعبرة عن إرادتها الواعية ، في تقرير مصير البلد ، فانسجاما مع مبدأ المساواة السياسية في التصويت يجب ان تقترن بالمساواة في نيل كافة الحقوق الفردية والمدنية اسوة بالرجل. فلا الزواج مرهون بموافقة ولي الامر، بل لا ولي امر لاية امرأة ناضجة، اما الفتاة التي تحت سن الرشد لا يمكن باي حال من الاحوال التلاعب بحياتها وبامنها الصحي والنفسي والجسدي تحت اية تسمية كانت. وللمرأة حق متساو في الطلاق حالها حال الرجل دون زيادة او نقصان. فحرية الخروج من المكان الذي لاتراه مناسبا لها هو من أوضح حقوق الإنسان ،
وللمرأة الحق في الارث بشكل متساوي مع الرجل بدون اية زيادة او نقصان وعدم القبول باقل من ذلك تحت اية تسمية او تبرير. المرأة ليست وعاءا للتفريخ وللتربية ثم نقل الملكية الى الاب. الاب ليس مالكا للطفل كما ان الام ليست مالكة للطفل. يجب ان ينظر بشكل عادل الى المصلحة الفضلى للطفل وتوفير ظروف متساوية للمرأة مع الرجل من ان اجل ان تتوفر على المصادر والفرص لتقوم بتربية ابنائها وبناتها وبشكل مشترك ومتعاون وانساني ومدني مع الاب. وليس " سحل" الاطفال في الشوارع من احضان امهاتهم لنقلهم لزوجة او ام او اخت الاب.
ان المساواة السياسية في الانتخابات هي كاذبة ومخادعة او في اقل تقدير هي ناقصة ان بقيت قوانين الاحوال الشخصية والقوانين المدنية تضع المرأة في المقام الثانوي بالنسبة للرجل. فقوانين تأديب المرأة يجب ان تلغى ان كانت هنالك مساواة بين الرجال والنساء. وقوانين تجريم العنف الاسري يجب ان تقر ان كانت فعلا هذه الاحزاب الاسلامية التي شرعت مدونة الاحكام الشرعية تريد تحقيق المساواة ليست في التصويت والانتخابات فقط، بل في المناحي الاخرى. فالمساواة يجب ان تكون كما في الاواني المستطرقة تصل الى كل منحى من مناحي الحياة، والا لا يمكن تبرير انها "سياسيا متساوية، عدا عن ذلك انها تابعة"! لا منطق يحكم هذه المعادلة، الا منطق واحد وهو ليست هنالك معايير واحدة بل معايير مزدوجة قائمة على اساس تحقيق مصلحة لتلك الاحزاب التي شرعت القوانين السياسية والمدنية وحددت حقوق المرأة فيها، في عملية تنتهك حقوق الإنسان بشكل واضح وصارخ