![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
نهاد ابو غوش
!--a>
2025 / 10 / 16
مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف غير الطبيعية التي يعيش فيها الشعب الفلسطيني بسبب الاحتلال وتنصل اسرائيل من التزاماتها الواردة في اتفاق اوسلو، وبسبب الانقسام، وتأثير كل ذلك على طريقة عمل الحكومات الفلسطينية، يمكن القول بدرجة عالية من الثقة أنه لا توجد استراتيجية لا لتعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، ولا لإبراز هذا الدور حال وجوده. بل توجد اتجاهات ورغبات ونوايا متفرقة لا ترقى إلى مستوى الاستراتيجية، فالاستراتيجة تحتاج الى خطط وبرامج وسياسات تقود إلى تحقيقها، وإلى آليات لمتابعة تطبيق هذه الخطط، والرقابة على تنفيذها واكتشاف العوائق ان وجدت، بينما الاتجاهات والرغبات تبقى ذات سمة لحظية مؤقتة وموسمية ولا أحد معني بالمحاسبة على تنفيذها أو لا. والدليل على ذلك أن كتب التكليف التي اصدرها الرئيس محمود عباس (أبو مازن) لتشكيل حكومات سلام فياض ورامي الحمد الله، لم ترد فيها اي اشارة لدور المرأة. بينما ورد ذلك بشكل عابر في كتابي التكليف لمحمد اشتية ومحمد مصطفى ضمن مجموعة من المبادئ والتوجهات التي تغطي كل جوانب الحياة. ورغم كل ذلك يمكن العثور في تاريخ العمل السياسي الفلسطيني على نماذج كثيرة تبوأت فيها المرأة الفلسطينية مسؤوليات مهمة سواء في منظمة التحرير أو السلطة والحكومة، مثل منصب حنان عشراوي كناطق باسم الوفد الفلسطيني المفاوض في النصف الأول من تسعينات القرن الماضي، ونور عودة ناطقة باسم الحكومة، وعديد الوزيرات ورئيسات الهيئات برتبة وزير، ومحافظ محافظة رام الله والبيرة، وعشرات السفيرات في شتى بقاع الدنيا، وغير ذلك من مواقع لكن كل ذلك لم يكن ضمن استراتيجية تعزيز دور المرأة، بل ربما ارتبطت بعض هذه التعيينات بمآخذ وملاحظات نقدية لاقترانها بسياسات المحسوبية وتعيين أبناء وبنات المسؤولين في مواقع حساسة.
إلى ذلك، توجد قرارات واضحة من قبل المجلس المركزي الفلسطيني ( أعلى هيئة فلسطينية في الفترة بين دورتين للمجلس الوطني) منذ العام 2015 (الدورة 27 للمجلس) على ضرورة تحقيق المساواة الكاملة للمرأة، وعلى ألا تقل نسبة تمثيلها في الهيئات القيادية للاتحادات الشعبية والنقابات عن 30%، كما أن قانون الانتخاب للمجلس التشريعي، وقانون انتخاب الهيئات المحلية نص كل منهما على تمثيل للمرأة لا يقل عن 20%، لكن المجلس المركزي والهيئات القيادية للمنظمة كانوا أول من خالف القرار، حيث ظلت نسبة المرأة في المجلس الوطني أقل من 10%، ولم تتمثل المرأة في اللجنة التنفيذية للمنظمة الا بعد انتخاب حنان عشراوي في العام 2009 (وليس وفق كوتا)، . ثم حين استقالت عشراوي خلت اللجنة التنفيذية بعد ذلك من اي امرأة. ونفس الحكم ينطبق على معظم الهيئات الادارية للاتحادات الشعبية ، وقد اخذت نقابة الصحفيين بنظام الكوتا، كما جرى انتخاب سيدة على رأس نقابة المهندسين ولكن ذلك يعود لأسباب شخصية وحزبية وليس لنظام يحصّن ويحمي تمثيل المرأة. في الهيئات والمؤسسات الرسمية جرى استحداث وحدات وادارات خاصة للنوع الاجتماعي، لكن كل هذه التوجهات تبقى عامة وفضفاضة ولا ترتبط بخطط قابلة للتقييم والقياس، وبالتالي يمكن الأخذ بها أو تجاوزها حسب بيئة المنظمة أو المؤسسة المعنية، وأحيانا حسب أهواء ومزاج المسؤول الأول. وعلينا ألا نغفل في خذا السياق أن قضية تمثيل المرأة في المؤسسات القيادية اتخذت طابعا تظاهريا واستعراضيا بسبب الاتجاه الدولي في هذا المجال، وقرارات الهيئات والمؤسسات الدولية وبخاصة الأمم المتحدة والمنظمات المنبثقة عنها، وفي الحالة الفلسطينية كما في كثير من دول العالم الثالث ارتبط هذا الشأن بشروط الممولين والدول المانحة، ولم يكن نتاج معالجة جذرية ومبدئية لجوانب الخلل والتمييز في الحياة العامة وبخاصة في مجالات التشريع وفرص العمل والتعليم، ولم يعكس تمثيل المرأة في الهيئات القيادية أي تقدم حقيقي في القواعد الاجتماعية العريضة لمشاركة المرأة في الحياة العامة وبخاصة في الفئات والطبقات الكادحة والمهمشة.
خلال مجرى النضال الوطني الفلسطيني سواء في الخارج – منظمة التحرير والفصائل الفدائية- أو في الداخل خلال الانتفاضة، تعززت مشاركة المرأة في العمل النضالي ليس باعتبارها زوجة اسير او قريبة لأحد المناضلين بل ايضا بوصفها شريكة ومشاركة في العمل الفدائي والسياسي والجماهيري، هذا الدور النضالي حل محل العوامل الاقتصادية والثقافية والتعليمية التي تساهم في تعزيز مشاركة المرأة في الحياة السياسية، لكن هذه العملية والمسيرة الناجحة انتكست بعد قيام السلطة بسبب تراجع وضعف المضامين الاجتماعية لبرامج عمل السلطة، بحيث ترك امر مشاركة المراة للعوامل العفوية أو الشخصية، وأحيانا اقترن الأمر بالاستجابة الشكلية أي التركيز على الهيئات القيادية العليا مثل نسبة الوزيرات والسفيرات، دون اعتماد خطط شاملة لتغزيز مشاركة المرأة في جميع هياكل ومستويات العمل الرسمي من وزارات وادارات حكومية. ولذلك فإن نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسية هي أدنى بكثير من وزنها في المجتمع أو مساهمتها في النضال والعمل الاقتصادي والتعليمي، وأدنى من إمكانياتها وطاقاتها، ومن اسباب ذلك استمرار تاثير الثقافة التقليدية المحافظة التي تنعكس على كل تفاصيل الحياة العامة بما في ذلك التشريعات التي تجحف بمبدأ المساواة (مثل قانون التقاعد)، والنظرة المسبقة لدور المرأة ومكانتها التي تنتشر في الثقافة التقليدية، إلى جانب السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدت لمحاباة الأغنياء وأصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي، ولم تراع النهوض بالفئات الفقيرة والمهمشو وبالتالي كان من المحتم أن تكون المرأة في مقدمة الشرائح والفئات الأكثر تضررا من هذه السياسات.
*ورقة عمل لمؤتمر متخصص بمشاركة المرأة
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|