|  | غلق | | مركز مساواة المرأة | |  | خيارات وادوات | 
سامح سعيد عبد العزيز
 
 
!--a>
	
	2025 / 10 / 30
	     
	    
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم، وجعل منه ذكرًا وأنثى ليكمّل كلٌّ منهما الآخر، فلا قيام لحياة بغير هذا التوازن البديع. قال تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، في إشارةٍ ساميةٍ إلى أن الاختلاف بين الرجل والمرأة ليس صراعًا أو تفاضلًا، بل هو اختلاف تكاملٍ يُثري الوجود الإنساني ويُحقق التوازن الاجتماعي.
لقد خلق الله كليهما من أصلٍ واحد، ومنحهما ذات الكرامة الإنسانية والحقوق الأساسية أمامه سبحانه، غير أنّ لكلٍّ منهما طبيعةً ووظيفةً تتناسب مع فطرته النفسية والجسدية والاجتماعية، فيُكمل أحدهما الآخر كما تتكامل الشمس والقمر في دورة الحياة.
أقرّ الإسلام مبدأ المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في القيمة الإنسانية والجزاء والعمل الصالح، فقال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً". فليس ثمة تفاضل إلا بالتقوى، وليس هناك أجرٌ إلا بقدر العمل. وقد رفع الإسلام من شأن المرأة فكرّمها أمًّا حنونًا، وزوجةً شريكةً، وبنتًا مؤنسةً، وأختًا عطوفًا. كما حمّل الرجل مسؤولية القوامة والرعاية، لا تسلّطًا أو استبدادًا، بل تكليفًا ومسؤوليةً وعدلًا، إذ قال تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ". فالقوامة هنا رعايةٌ وعدلٌ وسعيٌ لحماية الأسرة وصونها، لا استعلاءٌ ولا هيمنة.
ولكلٍّ من الرجل والمرأة طبيعةٌ ووظيفةٌ خُلق لأجلها؛ فالرجل مهيأ بطبعه لتحمّل المشاقّ والمسؤوليات الكبرى في العمل والإنفاق وحماية الأسرة، بينما جُبلت المرأة على العاطفة والرقة والحنان، لتكون مهد الحنان ومصدر الأمان، تسكن إليها النفس وتطمئن القلوب. وليس في اختلاف الوظائف انتقاصٌ أو تمييز، بل هو تنسيقٌ إلهيٌّ دقيق لتحقيق التوازن في البناء الإنساني. فكما أن الجسد لا يستقيم بعضوٍ واحد، لا يكتمل المجتمع إلا بتكامل أدوار الرجل والمرأة معًا.
ومن خلال هذا التكامل، يؤدي كلٌّ منهما دوره في بناء المجتمع ونهضته؛ فالرجل يعمل وينتج ويحمي ويقود، يتحمّل مسؤولية النفقة ويبني مؤسسات الدولة، بينما تقوم المرأة بدورٍ عظيم في تربية الأجيال وغرس القيم ورعاية الأسرة، إلى جانب إسهامها الفاعل في مجالات التعليم والصحة والإدارة والبحث العلمي، دون أن يتعارض ذلك مع فطرتها ووظيفتها الأسرية. وقد عرف التاريخ الإسلامي نساءً فاضلاتٍ قدّمن نماذج خالدة في العطاء: خديجة بنت خويلد رضي الله عنها تاجرةٌ ناجحةٌ وسندٌ للرسول ﷺ، وعائشة بنت أبي بكر من أعلم نساء الأمة، ونسيبة بنت كعب شاركت في ميادين الجهاد دفاعًا عن الدين. كما كان الرجال في المقابل رموزًا في القيادة والعدل والبذل، أمثال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين. كلاهما أسهم في بناء الحضارة كلٌّ في مجاله.
إنّ الأمم لا تنهض إلا بتعاون الجنسين وتكاملهما، فالرجل والمرأة جناحا المجتمع، لا يمكن لأحدهما أن يطير دون الآخر. وحين تتكامل أدوارهما في احترامٍ وتقديرٍ متبادل، تُبنى الأوطان على أسسٍ من المودة والتوازن، بعيدًا عن الصراع أو التنافس الموهوم. وليس من المساواة أن نطلب من المرأة أن تكون صورةً مكرّرةً من الرجل، بل أن نتيح لكلٍّ منهما أن يُبدع في مجاله الطبيعي الذي خلقه الله له، في إطارٍ من التعاون والتكامل والاحترام.
ولقد ختم الله هذه العلاقة السامية بآيةٍ من أروع آيات الرحمة والمودة، فقال سبحانه: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً". إنها فلسفة الحياة التي أرادها الخالق لعباده: سَكَنٌ ومودّةٌ ورحمةٌ، وتكاملٌ في الخِلقة والوظيفة، يُثمر مجتمعًا متوازنًا قائمًا على الحب والمسؤولية، لا على الصراع والتغالب. فبالتكامل بين الرجل والمرأة تُبنى الأسرة الصالحة، وبهما معًا تُشيَّد الحضارات وتُزهر الحياة.
                
     
        
        
        
        
        
        
	   
            
            
        
        
     
 
    
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
| 
 نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات 
الفيسبوك 
 |